الخميس 21 نوفمبر 2024

الهلال لايت

دراسة: استخدام النار في أقصى نقطة جنوبية مأهولة بالبشر في العالم

  • 18-11-2024 | 17:36

رسومات السكان الأصليين بأستراليا

طباعة
  • إسلام علي

أظهرت دراسة حديثة أن سكان تسمانيا الأصليين بأستراليا استخدموا النار كأداة لإدارة البيئة منذ أكثر من 41 ألف عام، مما يغير النظرة التقليدية لتاريخ استخدام البشر للنار في تشكيل المناظر الطبيعية.

ووفقا لما نقله موقع science daily، نشرت تلك الدراسة في Science Advances، تعد أقدم دليل على هذا الاستخدام في تسمانيا، وتؤكد الدور المحوري للسكان الأصليين في تشكيل النظم البيئية منذ العصور الأولى.

عينات الطين تكشف زمن استخدام النار  

اعتمد البحث على تحليل متقدم لعينات من الطين القديم تحتوي على كميات من الفحم وحبوب اللقاح، مما أتاح للعلماء تحديد الفترة الزمنية التي بدأ فيها السكان الأصليون بإشعال الحرائق في الغابات الكثيفة.

وأشار الدكتور ماثيو أديلي، الباحث الرئيسي من جامعة كامبريدج، إلى أن النتائج تُظهر زيادة مفاجئة في تراكم الفحم قبل نحو 41.600 عام، تلاها تغيرات كبيرة في الغطاء النباتي، مما يعكس تأثير الحرائق على البيئة.

كانت تسمانيا خلال العصر الجليدي الأخير متصلة بالبر الرئيسي الأسترالي عبر جسر بري، ما أتاح للسكان الأصليين الهجرة إلى المنطقة مشيًا على الأقدام، وعند وصولهم، كانت تسمانيا تمثل أقصى نقطة جنوبية مأهولة بالبشر في العالم.

عرفت تلك المجتمعات في الماضي باسم البالاوا أو باكانا، استخدمت النار لفتح مساحات خالية من الغابات الرطبة والكثيفة، مما سهّل العيش وممارسة الأنشطة الثقافية، وأدى إلى تهيئة بيئة مناسبة للنباتات المتكيفة مع الحرائق مثل أشجار الكينا.

كانت النار أداة حيوية لهذه المجتمعات، ليس فقط لفتح الأراضي ولكن أيضًا لتشكيل بيئة تتناسب مع احتياجاتها، وأشار أديلي إلى أن هذه الممارسات ربما بدأت كجزء من تقنيات اكتسبها السكان أثناء هجرتهم عبر الأراضي الجليدية في سهلول، القارة القديمة التي ضمت أستراليا وتسمانيا وغينيا الجديدة وأجزاء من شرق إندونيسيا.

وأوضح الباحثون أن استخدام النار كان وسيلة لتعديل الغطاء النباتي بما يتوافق مع الاحتياجات البشرية، سواء للزراعة أو للأنشطة الاجتماعية والثقافية.

 

التقاليد القديمة والرؤى المناخية الحديثة

وبيّن التحليل العلمي أن التحولات في الغطاء النباتي بدأت بعد نحو 40 ألف عام، وهو ما يدعم الفرضية بأن السكان الأصليين كانوا يعيدون تشكيل البيئة بما يتماشى مع رؤيتهم للحياة.

ولا تزال ممارسات الحرق الثقافي تُمارس حتى اليوم بين المجتمعات الأصلية في أستراليا، خاصة في إدارة الأراضي والأنشطة الثقافية، ومع ذلك، يثار الجدل حول تطبيق هذه الممارسات في إدارة حرائق الغابات الشديدة، التي تزايدت حدتها بسبب تغير المناخ.

ويرى الباحثون أن دراسة هذه الممارسات القديمة يمكن أن تسهم في استعادة النظم البيئية المتدهورة وتقديم حلول مستدامة لإدارة الغابات.

لم تقتصر الدراسة على تسليط الضوء على الماضي فحسب، بل قدمت رؤية استراتيجية لإدارة البيئة في الحاضر والمستقبل، حيث أوضح أديلي: تبرز هذه النتائج أهمية الاستماع إلى المجتمعات الأصلية في أستراليا، الذين يطالبون بدور أكبر في إدارة المناظر الطبيعية، والحفاظ على البيئة للأجيال القادمة يعتمد على فهمنا للتاريخ واستيعابنا للمعارف التقليدية التي أثبتت فعاليتها على مدى آلاف السنين".

أخبار الساعة

الاكثر قراءة