اجتمع اليوم قادة ورؤساء العالم في قمة العشرين 2024 لمناقشة كافة التحديات الاقتصادية والسياسية الراهنة ، فضلا عن الصراعات القائمة في الشرق الأوسط، والصراعات التجارية القائم في الوقت الحالي بين الجانبين الأمريكي والصيني على الهيمنة التجارية، فضلا عن فتح ملفات التنمية للدول النامية والشراكات الاقتصادية.
وتحدث الرئيس عبد الفتاح السيسي، في قمة العشرين بالبرازيل، في كلمته عن الصراع المستمر بالشرق الأوسط والمأساة في غزة ولبنان، وأوصى المجتمع الدولي لحشد القوى الدولية لأجل وقف التصعيد على الجانبين اللبناني والفلسطيني.
وقد أعلن الرئيس السيسي انضمام مصر رسميا إلى التحالف العالمي لمكافحة الفقر والجوع، وأوصى بالشراكات الإقليمية والدولية مع الدول النامية لتحقيق الرخاء والتنمية، بالإضافة إلى دعوته لتدشين مركز عالمي لتخزين وتوزيع الحبوب والمواد الغذائية على أرض مصر.
محمد قشقوش: السيسي يهدف لتحويل مصر لمركز عالمي لتخزين الحبوب
قال اللواء أركان حرب محمد قشقوش، المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، تعقيبًا على كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي في مستهل كلمته بالمؤتمر الخاص بمدينة ريو دي جانيرو بالبرازيل، إن البرازيل تمثل نموذجًا يُحتذى به في التنمية، حيث كانت دولة ذات كثافة سكانية عالية وكانت على وشك الإفلاس، لكن الحكومة البرازيلية نجحت في وضع خطة طموحة ومدروسة من أجل إعادة تأهيل الاقتصاد الوطني، ووضعت البلاد على المسار الصحيح لتصبح واحدة من الدول البارزة والناهضة على مستوى العالم.
وأضاف قشقوش في تصريحه لبوابة "دار الهلال" أن البرازيل كانت تعاني من الفقر المدقع والركود التنموي، بينما مصر لا تعاني من نفس المستوى من الفقر، لكنها تمتلك بنية تنموية قوية تسعى منها لتحقيق مزيد من التقدم، وأوضح أن الرئيس السيسي يسعى من خلال رؤيته إلى دفع مصر نحو مصاف الدول المتقدمة على المستوى العالمي.
وأشار قشقوش أن دعوة الرئيس السيسي لتأسيس قاعدة كبرى ومركز عالمي لتخزين الحبوب والموارد الغذائية، معتبراً أن هذه الدعوة تمثل خطة طموحة للغاية.
وأكد قشقوش أن الرئيس السيسي رأي من تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية التي تسببت في نقص حاد في موارد الحبوب، وهو ما أدى إلى تفاقم الأزمة الغذائية عالمياً.
وأشار إلى أن مصر بالفعل تعد مركزًا إقليميًا لتخزين الحبوب، ولكن الرئيس السيسي يسعى لأن تصبح مصر، بالتعاون مع الدول الكبرى، مركزًا عالميًا لتخزين الحبوب والموارد الغذائية، وذلك بهدف تجنب تكرار هذه الأزمة في المستقبل وضمان الأمن الغذائي العالمي.
محمد فوزي: هناك مساعي دولية لوقف الحرب في لبنان
قال محمد فوزي، الباحث بالمركز المصري للفكر والدراسات، أن تصريح الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته في مؤتمر ريو دي جانيرو بالبرازيل يعكس التزام مصر الثابت بدعم الحقوق الفلسطينية.
وأوضح فوزي تصريح خاص لبوابة "دار الهلال"، أن الرئيس السيسي يواصل قيادة جهود دبلوماسية مكثفة لحشد الدعم الدولي للقضية الفلسطينية، مع التركيز على إنهاء التصعيد العسكري الحالي، كما تسعى مصر من خلال هذه التحركات إلى إعادة القضية الفلسطينية إلى صدارة المشهد العالمي، بالتوازي مع التأكيد على أهمية الحلول السلمية لإنهاء الصراع وتحقيق الاستقرار في المنطقة.
وأضاف: أن هناك تحركات دبلوماسية نشطة للفصل بين مسار الحرب في غزة ومسار التصعيد في لبنان، حيث تلعب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي دورًا أساسيًا في هذه المحاولات.
وأوضح فوزي أن التهدئة على الجانب اللبناني تسير بخطوات ملموسة، إذ تسلم رئيس البرلمان اللبناني وثيقة تهدئة فعلية مع الجانب الإسرائيلي، إلا أن الملف الفلسطيني يشهد تأجيلًا واضحًا في ظل انتظار تطورات السياسة الأمريكية، خصوصًا مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، والذي قد يعيد ترتيب الأولويات المتعلقة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وأضاف: أن هناك محاولات إسرائيلية واضحة لتفجير الوضع في لبنان مجددًا، وذلك بسبب زيادة الطلعات الجوية الإسرائيلية على القطاعات اللبنانية الثلاثة، بما يشمل الضاحية الجنوبية، مما يعكس رغبة إسرائيلية في تعقيد المشهد ومنع أي تهدئة دائمة.
ولفت إلى أن هذه التصرفات ليست سوى جزء من استراتيجية إسرائيلية أوسع لإبقاء الشرق الأوسط في حالة اضطراب دائم، بما يخدم مصالحها العسكرية والسياسية.
وأضاف فوزي أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومجلس الحرب الذي يقوده هم من أكثر الأطراف استفادة من هذه الصراعات، حيث تسهم الحروب في تعزيز نفوذهم السياسي داخليًا، وتغطي على التحديات الداخلية التي تواجه حكومته، بما في ذلك الاحتجاجات المتصاعدة ضد سياساته.
وأشار الباحث إلى أن فهم الصراع في غزة يتطلب النظر إلى ثلاثة محاور رئيسية: الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي، والمنظمات الأممية.
وأوضح أن الولايات المتحدة تتبنى دائمًا موقفًا داعمًا لإسرائيل، وهو ما يتجلى في سياساتها التي تعزز العمليات العسكرية الإسرائيلية حتى لو ارتقت إلى مستوى الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين.
ولفت إلى أن الاتحاد الأوروبي، رغم دعواته المتكررة لوقف إطلاق النار، بما في ذلك تصريحات الرئيس الفرنسي الأخيرة، لم يترجم هذه الدعوات إلى خطوات عملية على أرض الواقع لوقف العدوان الإسرائيلي، مما يعكس ضعف الإرادة السياسية داخل التكتل الأوروبي.
أما المنظمات الأممية، فذكر فوزي أنها غالبًا ما تتبنى مواقف داعمة للجانب الفلسطيني، لكنها تظل عاجزة عن اتخاذ خطوات فعلية بسبب نفوذ الولايات المتحدة واستخدامها المتكرر لحق الفيتو داخل مجلس الأمن.
وأشار إلى أن محكمة العدل الدولية، رغم أهميتها الرمزية، تظل ذات طابع استشاري فقط، وهو ما يجعلها عاجزة عن مواجهة الانتهاكات الإسرائيلية، خصوصًا في ظل التهديدات الأمريكية الموجهة لأعضائها إذا اتخذوا مواقف مناهضة لإسرائيل.
وختم فوزي حديثه بالتأكيد على أن الجهود المصرية لا تقتصر فقط على الجانب السياسي، بل تشمل أيضًا أبعادًا إنسانية واقتصادية، حيث تسعى مصر لتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني من خلال الدعم الإغاثي وفتح قنوات حوار دولية تضمن وضع حد للتصعيد العسكري الإسرائيلي وتخفيف حدة التوترات في المنطقة.
قمة العشرين بالبرازيل
تستضيف مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية قمة مجموعة العشرين يومي الاثنين والثلاثاء من الأسبوع الحالي، حيث تنتقل رئاسة المجموعة من الهند إلى البرازيل في إطار الدورة الحالية.
وتأتي القمة تحت شعار "بناء عالم عادل وكوكب مستدام"، ما يعكس التركيز على قضايا العدالة الاجتماعية والبيئية في سياق التحديات العالمية المتزايدة.
تعد القمة التاسعة عشرة لرؤساء دول وحكومات مجموعة العشرين تجمعًا دوليًا رفيع المستوى، يضم قادة الدول الأعضاء، بالإضافة إلى ممثلين عن الاتحاد الإفريقي الذي انضم حديثًا كعضو دائم، والاتحاد الأوروبي.
تتألف مجموعة العشرين من أقوى الاقتصادات عالميًا، وهي: الأرجنتين، أستراليا، البرازيل، كندا، الصين، ألمانيا، فرنسا، الهند، إندونيسيا، إيطاليا، اليابان، كوريا الجنوبية، المكسيك، روسيا، السعودية، جنوب إفريقيا، تركيا، بريطانيا، والولايات المتحدة.
تمثل هذه الدول حوالي 85% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وأكثر من 75% من التجارة الدولية، ما يجعلها محورًا رئيسيًا في صياغة السياسات الاقتصادية العالمية. وتتناول القمة هذا العام قضايا حيوية مثل التنمية المستدامة، مكافحة التغير المناخي، تعزيز التعاون الاقتصادي الدولي، وتقليل الفجوات الاقتصادية بين الدول.
تمثل قمة هذا العام فرصة للبرازيل لإبراز دورها القيادي في معالجة القضايا العالمية، خاصة في ظل تنامي التركيز على الاستدامة البيئية والتحديات الاقتصادية الناتجة عن الصراعات الجيوسياسية والأزمات الاقتصادية المستمرة.