الخميس 21 نوفمبر 2024

تحقيقات

تطورات على الساحة الدولية.. تهديد باستخدام النووي الروسي فى مواجهة الغرب

  • 20-11-2024 | 23:32

ارشيفية

طباعة
  • إسلام علي

أعلن فلاديمير بوتين، الرئيس الروسي، أمس الثلاثاء، عن تعديلات جوهرية في العقيدة النووية الروسية، في خطوة تكشف حجم التوترات الدولية التي تغير بدورها قواعد الاشتباك بين القوى العالمية.
وجاء قرار بوتين في توقيت أثار المخاوف، خصوصًا مع اقتراب الذكرى الألف للحرب الروسية الأوكرانية، حيث بدت واشنطن في الأيام السابقة وكأنها تمهد لمعادلة جديدة في دعم كييف عبر إمدادها بصواريخ أميركية بعيدة المدى، مما دفع موسكو إلى اتخاذ مواقف أكثر حدة.


دوافع تغير السياسات النووية  


نفذت أوكرانيا في شهر أغسطس الماضي هجوما بريا كبير في الداخل الروسي للمرة الأولى، إذ توسعت بداخل الأراضي الروسية بمقدار 10 كليومتر مربع، 
فمع عودة دونالد ترامب إلى سدة الحكم، قد تحدث لوسائل الإعلام أنه وفي 24 ساعة انهاء تلك الحرب الدائرة في القارة الأوروبية ولكنه لم يوضح كيف سوف يقوم بذلك، ولكن المراقبين يخشون أن يُترجم هذا الوعد إلى تنازلات مؤلمة لكييف أمام موسكو.

 

تحديث العقيدة النووية الروسية.. رسم خطوط حمراء جديدة 


أكد بوتين أن العقيدة النووية الروسية ستتضمن الآن توسيع حالات استخدام السلاح النووي، ووفقًا لهذه التعديلات، فإن أي استهداف للأراضي الروسية بصواريخ تقليدية من قبل دولة مدعومة من قوة نووية سيُعد هجومًا مشتركًا يستوجب الرد النووي، ومن المتوقع أن تؤثر هذه التعديلات بشكل مباشر على قرارات التحالف الغربي بشأن كيفية دعم أوكرانيا.
أشار المتحدث باسم الكرملين، في تصريحات سابقة، إلى أن هذه التعديلات أُعدت للدخول في حيز التنفيذ عند الضرورة، وهو ما يُعتبر محاولة لرسم خطوط حمراء جديدة أمام الغرب، لكنه حذر في الوقت ذاته من أن تجاوز هذه الخطوط قد يغير مسار الصراع تمامًا.

 

العقيدة المحدثة


تشير الوثيقة إلى أن سياسة الردع النووي ذات طبيعة دفاعية، تركز على منع العدوان على روسيا أو حلفائها، ويشمل ذلك ردع أي تهديد خطير، سواء باستخدام أسلحة تقليدية أو نووية، وتوسع العقيدة نطاق استخدام السلاح النووي ليشمل الرد على هجوم تقليدي بدعم من دولة تمتلك قدرات نووية، بالإضافة إلى إطلاق صواريخ باليستية موجهة نحو روسيا.
يحدد النص أن أي اعتداء على بيلاروسيا، باعتبارها جزءًا من الدولة الاتحادية الروسية، سيُعامل كتهديد مباشر يستدعي الرد، حتى وإن كان الهجوم باستخدام أسلحة تقليدية، وجاء هذا التحديث بعد تكليف مجلس الأمن الروسي بمراجعة السياسة النووية في ظل المتغيرات العسكرية والسياسية الراهنة، بما في ذلك تصاعد التوترات مع الغرب.

 

الترسانة النووية الروسية 


تمتلك روسيا واحدة من أكبر وأقوى الترسانات النووية في العالم، مما يجعلها عنصراً رئيسياً في توازن القوى الدولي، وهذه الترسانة تطورت عبر عقود من الزمن منذ بداية الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، فيما يلي تفصيل عن الترسانة النووية الروسية.


حجم الترسانة النووية


تمتلك روسيا ما يقرب من 6,000 رأس نووي، وهي الأكبر في العالم، منها حوالي 1,588 رأساً نووياً منتشراً على منصات استراتيجية جاهزة للاستخدام، وتتضمن عدة آلاف من الرؤوس النووية المخصصة للاستخدام في ساحات المعركة أو لأغراض دفاعية.
وتعتمد روسيا على ما يُعرف بـ الثالوث النووي لضمان الردع النووي: وهو الصواريخ الباليستية العابرة للقارات والتي تُطلق من منصات أرضية، وتُعد صواريخ "توبول" (Topol) و**"يارس" (RS-24 Yars)** من أبرز أنظمتها، وهذه الصواريخ قادرة على حمل عدة رؤوس نووية مستقلة التوجيه (MIRVs) تصل إلى أهداف متعددة بدقة عالية.
وعلى الجانب الآخر، تمتلك روسيا الاتحادية غواصات نووية مثل غواصات "بوري" (Borei)  والتي تعد من أحدث طرازات الغواصات الحاملة للصواريخ النووية، وتسلح بصواريخ باليستية من نوع "بولافا" (Bulava)، التي تمتلك مدى يصل إلى 8,000 كيلومتر وقادرة على حمل عدة رؤوس نووية.

وعلى الجانب الآخر، وافق الرئيس الأميركي جو بايدن على إرسال صواريخ "أتاكمز" بعيدة المدى إلى أوكرانيا، في خطوة وصفها مراقبون بأنها محاولة لإحداث تغيير جذري في ميزان القوى على الأرض قبل انتهاء ولايته، هذه الصواريخ، بمدى يصل إلى 300 كيلومتر، تُعد أداة فعالة في تدمير البنية التحتية العسكرية الروسية، وقد أثارت قلق موسكو بشكل واضح.
وتعد هذه الصوريخ من نوع باليستي قصيرة المدى أمريكية الصنع، تُطلق من منصات متعددة مثل أنظمة المدفعية الصاروخية، وتُستخدم لضرب أهداف استراتيجية مثل مستودعات الأسلحة، مراكز القيادة، ومنصات إطلاق الصواريخ، وبالنسبة إلى دقتها، فهي تعتمد على نظام توجيه GPS لتوجيه دقيق نحو الهدف، فضلا عن أنها يمكن أن تحمل رأسًا حربيًا متفجرًا شديد التدمير أو ذخائر عنقودية.
تُعد هذه الصواريخ جزءًا من ترسانة الدعم العسكري الأمريكي للدول الحليفة، مثل أوكرانيا في مواجهة روسيا، ما يجعلها ذات تأثير كبير في العمليات العسكرية الحديثة، ولكن مراقبين يرون أن تأثير هذه الصواريخ على مجريات الحرب سيعتمد على حجم الإمدادات الأميركية ومدى قدرة أوكرانيا على استخدامها بفعالية، ورغم أنها قد تمنح كييف ميزة إستراتيجية، فإنها تحمل في طياتها خطر تصعيد الصراع إلى مستويات غير مسبوقة.

 

توقعات الحرب بعد عودة ترامب 


تثير عودة ترامب إلى البيت الأبيض قلقًا كبيرًا لدى حلفاء أميركا في أوروبا، ففي حين أنه قد يسعى لفرض تسوية سياسية تنهي الحرب، فإن نهجه قد يؤدي إلى تقديم تنازلات لموسكو على حساب أوكرانيا، ورغم الانتقادات المتكررة التي وجهها ترامب لحلف الناتو خلال ولايته السابقة، فإن التغيرات الحالية في ميزان القوى العالمي قد تدفعه إلى اتخاذ خطوات أكثر جرأة.

ينبع القلق الأوروبي من أن أي تخفيف للدعم الأميركي لأوكرانيا سيؤدي إلى اختلال كبير في الهيكل الأمني لحلف الناتو، مما يعزز من نفوذ روسيا ويضعف قدرة الحلف على مواجهة التهديدات المستقبلية.
ووسط هذا التصعيد، وردت تقارير غربية تفيد بمشاركة قوات كورية شمالية في دعم العمليات العسكرية الروسية داخل مقاطعة كورسك، هذه الخطوة، إن تأكدت، تشير إلى انخراط قوى جديدة في الصراع وتوسيع دائرة الحرب لتشمل أطرافًا دولية أخرى.
وفي سياق آخر، يدرك بوتين أن استخدام السلاح النووي يحمل مخاطر "التدمير المتبادل"، مما يجعله خيارًا بعيدًا عن التطبيق العملي في الوقت الراهن، ومع ذلك، فإن التحولات السريعة في معادلة الحرب تجعل من الصعب التنبؤ بالخطوات القادمة.
ويرى محللون أن التعديل يمثل محاولة من بوتين لتحسين موقف روسيا التفاوضي، خاصة مع احتمالية تغير القيادة الأمريكية مستقبلًا، كما يُنظر إلى التغيير كاستراتيجية تصعيدية تهدف إلى منع الغرب من تجاوز الحدود التي تراها موسكو تهديدًا مباشرًا لأمنها.
يُعزز هذا التحول في السياسة النووية صورة روسيا كقوة تسعى للحفاظ على موقعها الجيوسياسي، مع تركيز واضح على استغلال القدرات العسكرية لتعزيز موقفها في الساحة الدولية.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة