ساعات قليلة فصلت بين ختام الدورة 45 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، وحرب السوشيال والتراشق بالتصريحات بين مسئولي هذه الدورة والدورات السابقة، دخل فيها عدد كبير من النقاد والصحفيين الجميع يسن السكاكين للانقضاض على الآخر، وتناسوا الأفلام والفعاليات والندوات والتكريمات وراحوا يلهثون خلف الأخطاء الإدارية، كل منهم متسلح بـ"شلة" _ آه للأسف شلة_ إما داخل هذه الدورة أو خارجها ولسان حالهم "أنت مش معايا تبقى ضدي"، وإرهاصات هذه الحرب بدأت عقب انطلاق الدورة وظلت النار تحت الرماد حتى اشتعلت عقب تسريب الجوائز وبعد الختام بسويعات.
يا أساتذتنا الأجلاء.. دقيقة للفهم والاستيعاب، ودعونا نفرح بانتصار هذه الدورة التي جاءت مبشرة في كل الأمور و بعدها نتحاكم، دعونا نفند عناصر القوة لنعضدها و ننظر لمواضع الضعف و نقومها.
دعونا نفرح بكم الأفلام التي تباينت مستوياتها و الوجبة السينمائية الدسمة التي شاهدناها من كل دول العالم، وأخر ما وصل إليه التطور التكنولوجي و العلمي في عالم الفن السابع، فقد شاهدنا ما يقرب من 200 فيلم من 72 دولة مقسمة على 10 مسابقات، وبجانب الأقسام المختلفة وهذا قلما نجده في مهرجان مصري مهما كان حجمه إلا مهرجان القاهرة، نفرح بترميم و عرض عشرة أفلام من تراثنا السينمائي، والتي عادت لسابق عهدها من جديد و كأن الزمن لم يجر عليه.
نفرح بالشباب الذي ملأ جنبات أروقة دار الأوبرا في جميع مسارحها المهتم بالصناعة والتذوق السينمائي، ومناقشاتهم عن الأفلام الأفضل والضعيف وعناصر الفيلم المختلفة من تمثيل وتصوير وموسيقى وإخراج _ شباب يفرح _ يتسابق معنا على حضور الأفلام، ويقف بالطوابير ليحجز ويدخل دار العرض.
نسعد ونطير من الفرح بعدد المخرجين والمخرجات الجدد، وخاصة المخرجات في المسابقات المختلفة ومنهم من حصد جوائز دولية في أول احتكاك دولي لهم بمهرجان منهن نهى عادل مخرجة الفيلم المصري "دخل الربيع بيضحك" الذي حصد أربعة جوائز.
نفرح بالنجوم المحبين للسينما الذين حرصوا على حضور الأفلام والفعاليات، وهنا أحب أوجه تحية للنجوم: صبري فواز وسلوى محمد على والدكتور محمد العدل والمخرج مجدى أحمد على والمخرج أشرف فايق، وغيرهم من النجوم الحريصين على متابعة الأفلام والتواجد مع الشباب في كافتريات الأوبرا بين فواصل الأفلام، وأفرح وأسعد بالنجوم العرب وأفلامهم والضيوف الأجانب وخاصة المكرمين وأصحاب الأفلام.
أما الفرحة الكبرى من وجهة نظري، فهي انتصار المهرجان للقضية الفلسطينية ولبنان منذ المؤتمر الصحفي الذي أعلن فيه النجم حسين فهمي رئيس المهرجان عن الرعاة واختيار رعاة مصريين رافضًا شركات المقاطعة التى تدعم الكيان، وقد خصص للقضية الفلسطينية ثلاث مسابقات "مسابقة غزة، وأفلام فلسطين، ومن النقطة صفر" بل جعل فيلم الافتتاح الفلسطيني "أحلام عابرة" للمخرج الفلسطيني المتميز رشيد مشهراوي صاحب التاريخ النضالى الكبير، وامتد لعرض الافتتاح والختام بفرقة استعراضية من غزة، وكان العلم الفلسطيني يزين ملابس كل النجوم الحاضرين.
و لا أخفيكم سعادتي وألمي في نفس الوقت من الأفلام الفلسطينية التي عرضت بالمهرجان فسعادتي تكمن بكم الشباب الفلسطيني صانع الأفلام الذين لم توءد أحلامهم الحرب ودمار بلادهم واستشهاد زويهم وقدموا رؤى مغايرة، أما ألمي فمن حجم الدمار وبشاعة المشاهد التي تناولتها أفلامهم وهي جزء بسيط من واقع الأمر.
دعونا نفرح بندوات النجوم التي كانت كاملة العدد، بدءًا من ندوة النجم أحمد عز والمخرج يسري نصر الله حتى آخر ندوة النجم عمرو سعد، وكيف كان السرد والتواصل بينهم وبين الجمهور والنقاد، كل هذا لا يدعو للفرح!.. بل يدعو وأكثر فقد شاهدت أصحاب الهمم في فعاليات المهرجان، وشاهدت توقيع بروتوكولات مع مهرجانات وشركات سينمائية عالمية.
علينا أن نتوقف عن جلد الذات، وهناك فرق شاسع بين جلد الذات والنقد البناء، فعدد من بدأ يكتب حول الصراعات والمشاكل أضعاف من كان يكتب عن تحليل الأفلام ورؤيتها، وتحول الأمر إلى تراشق في وسائل التواصل المختلفة.. دعونا نفرح قليلًا بعيدًا عن إطلالات النجمات والنجوم ومشاكل "الشلة" ثم نفتح النيران على المخطئ "مش أكتر من كده".