"هانيبال على أبوابنا".. مقولة تعبر بها القارة العجوز عن الخطر الذي يحيط بها، حيث تشير إلى القائد القرطاجي "هانيبال" الذي قاد جيوش بلاده في الحرب البونيقية الثانية، التي فيها أذل الإمبراطورية الرومانية في أوج قوتها.
وتعد تلك المقولة أفضل ما يعبر عن حال القارة العجوز بشكل عام، والاتحاد الأوروبي بشكل خاص، في ظل نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة، التي أفضت بالرئيس الأسبق دونالد ترامب سيدًا للبيت الأبيض، الذي سبق أن انقلب على كل مألوف لدى الدولة الأمريكية، بما في ذلك التزاماتها تجاه حلفائها.
وعلانية، تعهد ترامب بفرض ضرائب وتعريفات جمركية إضافية تصل إلى 10 بالمائة على الواردات الأمريكية من الاتحاد الأوروبي، الذي لن يقف من جانبه مكتوف اليد، إذ أكد على جاهزيته للرد في حال حدوث توترات تجارية جديدة مع "واشنطن"، مما يعزز فرضية اندلاع حرب تجارية بين الجانبين في غضون المرحلة المقبلة.
وفي هذا الإطار، أفاد تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، بأن الاتحاد الأوروبي، - الذي يعد الولايات المتحدة أكبر سوق تصدير له وأحد أقرب حلفائه الاستراتيجيين - قد يكون من بين الأكثر تضررًا إذا نفذ ترامب خططه الخاصة بالتعريفات الجمركية.
وبهذا الشأن، يقول السفير جمال بيومي، أمين عام اتحاد المستثمرين العرب، إن الولايات المتحدة الأمريكية، بصفة عامة، لا تتقبل وجود الاتحاد الأوروبي، ولا عملته التجارية "اليورو"، بدليل تشجيع بريطانيا على الخروج منه.
وأشار "بيومي" في حديثه لـ"دار الهلال" إلى عدم تقبل الولايات المتحدة لوجود "اليورو" والاتحاد الأوروبي، أمر يتم الحديث عنه في العلن لا الخفاء.
ويدعم الولايات المتحدة، في موقفها هذا - في رأيه- أنها هي من تقوم بتغطية "أوروبا" من الناحية الأمنية، كما أنها من تقوم بحل مشاكلهم فيما بينهم.
وفي شأن اعتزام ترامب فرض تعريفات جمركية على الاتحاد الأوروبي، يوضح بيومي، أنه وفقًا لمنظمة التجارة العالمية، فإنه لا يجوز فرض تلك التعريفات بشكل مفاجئ، فلابد من إنذار مسبق، مشيرًا في السياق ذاته، إلى أن ذلك يعد إخلالًا بمبدأ الدولة الأولى بالرعاية.
لكن ترامب من جهته توقع أي إجراء منه، وذلك لأنه يحب أن يفعل كل ما هو غير متوقع، بحسب ما يذكره الدبلوماسي الأسبق، الذي أشار إلى أن ذلك الوضع سيكون بمثابة حرب تجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، ولكن بشكل خفي.
سيناريو مستبعد
واستبعد الخبير الاقتصادي، الدكتور أحمد خطاب، سيناريو اندلاع حرب تجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، في غضون حكم الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، الذي يتولى زمام الأمور في الـ20 من يناير المقبل.
وقال خطاب، إن الولايات المتحدة الأمريكية في الوقت الراهن لا تملك حليفًا سوى الاتحاد الأوروبي، لمواجهة الحلف الشرقي الذي تقوده روسيا، بجانب الصين والهند.
من ناحية أخرى، يوضح خطاب، في حديثه لـ"دار الهلال"، أن الاتحاد الأوروبي مجبر في جميع الظروف على التعامل مع الولايات المتحدة، لضعف اقتصاده وانكماشه.
وأضاف:"في الوقت الراهن لا تتخوف الولايات المتحدة الأمريكية إلا من الصين، ولمواجهة ذلك تحتاج إلى التعاون مع الاتحاد الأوروبي".
وأشار الخبير الاقتصادي، إلى أن الولايات المتحدة لا تمتلك سوقًا لتوزيع منتجاتها من سلاح وسلع استراتيجية سوى القارة الأوروبية بشكل عام، والاتحاد الأوروبي بشكل خاص، في ظل التعاون الصيني الإفريقي.
وأوضح أنه في حال فرضت الولايات المتحدة رسومًا جمركية على الواردات من الاتحاد الأوروبي، سوف يلجأ إلى تعويضها من "هامش الربح"، وذلك بجانب التقليل من التكاليف، وبناءً عليه من المستبعد حصول سيناريو الحرب التجارية بين الجانبين.
وصرح بأن ترامب رجل أعمال يعتمد أولًا على "التجارة"، وذلك خلافًا للسياسة التي تراعها إدارة بايدن، والتي تعمل على تغذية الحروب من أجل بيع السلاح.
وأخيرًا، أكد خطاب أنه على الصعيد الاقتصادي فإن الولايات المتحدة ليس لديها إلا أوروبا، وبخاصة الاتحاد الأوروبي، والعكس كذالك، ولا يوجد طرف ثالث لهما.