مع بدء أسبوعين لمناهضة العنف ضد المرأة، تبرز قضية زواج القاصرات كواحدة من أهم التحديات التي تواجه المجتمع المصري، خاصة في ظل آثارها المدمرة على صحة المرأة النفسية والجسدية، فزواجهن قبل بلوغهن السن القانونية يعتبر انتهاكًا صارخًا لحقوقهن، ويجعلهن عرضة لمختلف أشكال العنف والاستغلال، بما في ذلك الجسدي والنفسي والجنسي.
ونلقي الضوء في السطور التالية على مدى تأثير زواج القاصرات على الفتاة، وانعكاسه على علاقتها بزوجها وأسرتها، والجرح النازف في قلب المجتمع جراء السلبيات المترتبة على هذا الجرم.
من جهتها قالت الدكتورة نورا رؤوف، أخصائية الصحة النفسية والإرشاد الأسرية، في تصريح خاص لبوابة دار الهلال، إن الزواج بشكل عام هو منظومة لا بد أن تبنى بين طرفين يتمتعان بالعقل والرشد، من خلال ارتباط الشاب بفتاة انتهت من تعليمها وأدركت مهاراتها ونقاط قوتها وضعفها بشكل مكتمل، كي نضمن نجاح المؤسسة الزوجية، أما بالنسبة لزواج القاصرات فهو أمر غير مفهوم، حيث تقوم بعض الأسر في القرى والنجوع بعدم تعليم أطفالها أو خروجهن من التعليم، وإجبارهن على الزواج من رجل كبير أو طفل مثلها، والزمها في يوم وضحاها بطاعته وتنفيذ أوامره دون أي اعتراض، بل قد يصل الأمر إلى زواجها في بيت عائلة مما يجعل حياتها جحيم، لتحولها من طفلة تلعب وتمرح، لامرأة تعول أسرة بأكملها في سن لا يتعدى 15 سنة أحياناً.
وأضافت أخصائية الإرشاد الأسري، أن زواج القاصرات يسبب الكثير من الآثار السلبية والعقد النفسية التي تعاني منها الفتاة، وأهمها:
-عدم الوعي بماهية الأسرة، مما يسبب انهيار للزيجة وطلاق مبكر.
- إصابة الفتاة باكتئاب شديد، قد يصل إلى الانتحار.
-زيادة عدد الوفيات من القاصرات أثناء الولادة، بسبب عدم اكتمال أعضائهن الأنثوية وقدرتها على الحمل والولادة، فضلا عن نسب الإجهاض المتكررة.
-ولادة أطفال يعانون من نقص النمو والتشوه.
- التعنيف الزوجي والضرب، لأجل السيطرة على القاصر.
-إصابة الفتاة بأمراض نفسية جسمانية، مثل القولون العصبي والآم بالمعدة، والصداع الشديد، والضغط العالي وأمراض القلب.
وأكملت، أن زواج القاصرات في بعض القرى، يتم نتيجة بعض المعتقدات البالية مثل "سترة البنت"، "والحفاظ على عذريتها"، و"الخوف من شبح العنوسة"، ما يجعل الأهل يقومون بتزويجهن بمجرد بلوغهن، بالدور من أبناء عمومهن، أو من يسبق ويتقدم لهن، وتظل ذكرى تلك الكارثة عالقة في ذهن الزوجة مدى الحياة، وجرح نازف في عقلها، حتى بعد مرور سنوات وإنجاب أطفال، لأنها عاشت مع شخص لم تكن له الحب أو المشاعر العاطفية، وتصبح أم غير صالحة لتربية أبنائها، وأكثر عصبية وقلق وتوتر، فاقدة لكل مقومات الأمومة الصحية من وعي ومراعاة لاحتياجات الأولاد، وفهم لمشاعرهم واحتواء لمشاكلهم، ما يخلق جيلا غير سوي نفسيا واجتماعياً.
وأكدت أن الأهل يجب أن يعوا جيداً، لكم الكوارث التي يقومون بها إثر زواج أطفالهن، حيث يجب تعليم الفتاة حتى المرحلة الجامعية، وتزويدها بالمهارات والدورات التي تحتاجها، كي يكون لديها الوعي الكافي، والثقة بالنفس لاختيار شريك حياة مناسب، وبناء أسرة مستقرة نفسياً واجتماعياً.