وافق مجلس الوزراء الإسرائيلي اليوم الثلاثاء، على وقف إطلاق النار مع الجانب اللبناني، فقد صرح الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، أنه يريد من ذلك القرار أن يأمن السلام وضمان الأمن بلا أي قيود للشمال الإسرائيلي من صواريخ ومسيرات حزب الله.
أهم بنود الاتفاق
واتفق كل من الأطراف الدولية على استعادة السلام ما بين حزب الله والجانب الإسرائيلي، وكان من أهم بنود وقف إطلاق النار هي: رجوع «حزب الله» إلى ما وراء نهر الليطاني، مع انتشار قوات الجيش اللبناني على الحدود بين البلدين، وتأمين الحدود والذي سوف يحتاج إلى 6 آلاف جندي، والجيش اللبناني بدوره لا يتحمل تكلفة هذا العدد أو نشره فقط، لذلك فالجانب اللبناني سوف يتحمل 1500 جندي فقط، وباقي العدد ستتحمل تكلفة نشره على الحدود كل من أمريكا وبريطانيا.
ويأتي هذا وبالإضافة إلى أنه حزب الله وجميع الجماعات المسلحة الأخرى في الأراضي اللبنانية لن تنفذ أي عمل هجومي ضد إسرائيل، في المقابل، لن تنفذ إسرائيل أي عمل عسكري هجومي ضد أهداف في لبنان، سواء على الأرض أو في الجو أو في البحر، فضلا عن اعتراف إسرائيل ولبنان بأهمية قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701، وهذه الالتزامات لا تلغي حق إسرائيل أو لبنان في ممارسة حقهما الأصيل في الدفاع عن النفس، وسيتم الإشراف على بيع الأسلحة أو توريدها أو إنتاجها أو المواد ذات الصلة بالأسلحة في لبنان من قبل الحكومة اللبنانية.
فضلا عن أنه سيتم تفكيك جميع المنشآت غير المصرح بها المعنية بإنتاج الأسلحة والمواد ذات الصلة بالأسلحة، سيتم تفكيك جميع البُنى التحتية والمواقع العسكرية، ومصادرة جميع الأسلحة غير المصرح بها التي لا تتوافق مع هذه الالتزامات، سيتم إنشاء لجنة تحظى بموافقة كل من إسرائيل ولبنان للإشراف والمساعدة في ضمان تنفيذ هذه الالتزامات، ستقدم إسرائيل ولبنان تقارير عن أي انتهاكات محتملة لهذه الالتزامات إلى اللجنة وإلى قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان "اليونيفيل".
ستنشر لبنان قوات الأمن الرسمية وقوات الجيش على طول جميع الحدود ونقاط العبور والخط المحدد للمنطقة الجنوبية كما هو موضح في خطة الانتشار، وستنسحب إسرائيل تدريجياً من جنوب الخط الأزرق في فترة تصل إلى 60 يومًا، ستعزز الولايات المتحدة مفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل ولبنان للوصول إلى حدود برية معترف بها.
وتتضمن هذه الاتفاقية أهم البنود والذي لم يتم الاتفاق عليه بشكل كامل إلى وقتنا هذا، ويجري التفاوض بشأنه، وهو حرية حركة إسرائيل أو قيامها بالرد في حالة حدوث اعتداء، وتفسير اعتداء بشكل دقيق هو الذي يتم حالياً ومن المقرر صياغته وإعطاء ضمانات أمريكية بشأنه خلال الساعات الـ36 المقبلة.
رامي عاشور: توصل إسرائيل لامتلاك حزب الله لصواريخ إسرائيلية الصنع عزز أهمية إبرام هذه الصفقة
وفي هذا السياق، قال رامي عاشور، أستاذ العلاقات الدولية، بأن الصفقة التي تم إبرامها مؤخرًا تحمل بعدين أساسيين: أمني وسياسي، وأوضح أن الجانب الأمني يتمثل في اكتشاف إسرائيل امتلاك حزب الله صواريخ قوية تُعرف بـ"صواريخ الماس"، وهي صواريخ إسرائيلية الصنع حصل عليها الحزب خلال حرب لبنان مع إسرائيل عام 2006، وقد نقلها حزب الله إلى إيران، التي أصبحت بدورها المصنع الرئيسي لهذه الصواريخ في المنطقة، ثم أعاد إرسالها إلى لبنان ليعتمد عليها الحزب في مواجهاته.
وأضاف عاشور في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن هذه الصواريخ قادرة على اختراق الدفاعات الإسرائيلية، بما في ذلك "القبة الحديدية"، ولا يمكن لأجهزة المراقبة والتتبع الإسرائيلية التقاطها.
وأشار إلى أن الجانب السياسي لهذه الهدنة، التي جرى التحضير لها خلال الأيام الستة الماضية، يكمن في كونها تمهد لنهاية عهد سابق وبداية عهد جديد من المواجهات بين حزب الله وإسرائيل، تزامنًا مع صعود ترامب إلى السلطة في الولايات المتحدة.
وأكد عاشور أيضًا أن الولايات المتحدة مارست ضغوطًا كبيرة على إسرائيل لقبول هذه الهدنة، مع تقديم ضمانات بأن واشنطن ستتدخل مباشرة ضد حزب الله في حال انتهاكه للهدنة، وأن إسرائيل ستحصل على دعم أمريكي غير مشروط في حال حدوث تصعيد كبير من الجانب اللبناني.
وأضاف أن حزب الله قد يكون وقع في فخ هذه الاتفاقية، مما يمنح إسرائيل فرصة للتركيز على غزة دون تدخل كبير من حزب الله، فإذا قرر الحزب مواجهة إسرائيل دفاعًا عن غزة، فإن النتائج ستكون معروفة مسبقًا.
واختتم عاشور تصريحه بالإشارة إلى أن إسرائيل تسعى لإثبات للولايات المتحدة أن حزب الله لا يرغب فعليًا في الهدنة، وتهدف إلى دفعه إلى مواجهة مباشرة مع واشنطن.
أستاذ علاقات دولية: إبرام صفقة التهدئة هي ليسهل تنفيذ الخطط الإسرائيلية التي لا تزال قيد التنفيذ
قال محمد الشيمي، أستاذ العلاقات الدولية، إن إسرائيل تسير بخطى حثيثة في منطقة الشرق الأوسط لتحقيق مخططاتها المرسومة، والتي تهدف إلى احتواء العديد من الأطراف الفاعلة، مثل حركة حماس وحزب الله، اللذين يمثلان تهديدًا مباشرًا للكيان الإسرائيلي ويؤثران على استقراره، وأكد أن إبرام اتفاقيات مع هذه الأطراف سيسهّل تنفيذ الخطط الإسرائيلية القديمة التي لا تزال قيد التنفيذ.
وأضاف الشيمي، في تصريح خاص لبوابة "دار الهلال"، أن التحركات الإسرائيلية الأخيرة على الساحة اللبنانية والفلسطينية تهدف إلى زيادة الضغط على الأطراف المناهضة لها في المنطقة، لدفعها إلى قبول هدنة قصيرة.
وبيّن أن هذه الهدنة تتيح لإسرائيل فرصة للتحرك بحرية ضد أهالي غزة، وتحقيق ما تسميه بـ"الصفقة الكبرى"، التي تسعى من خلالها إلى إخضاع الفلسطينيين.
وأشار إلى أن الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو فصل القضية الفلسطينية عن القضية اللبنانية، مما يسهل تصفية القضية الفلسطينية من خلال إبعاد جميع الأطراف عنها، وأوضح أن هذا يتم عبر تنفيذ ضربات عسكرية جوية متفرقة في شمال العراق وسوريا ولبنان، بهدف تشتيت الانتباه وإضعاف القوى المناوئة لإسرائيل.
وأكد الشيمي أن هذه الخطط تهدف أيضًا إلى بدء مرحلة جديدة من النزاع تمنح جميع الأطراف استراحة مؤقتة لاكتساب الوقت وإعادة ترتيب الأوراق.
وأشار إلى أن هذه الاستراحة تأتي في ظل احتمالات تصاعد الصراع إلى مستوى جديد مع تولي ترامب السلطة، ما قد يفتح الباب أمام مواجهات أكثر تعقيدًا.
واختتم حديثه بالتأكيد على أن الاتفاقيات مع الجانب الإسرائيلي، في ظل التاريخ المليء بالنزاعات وتداخل القوى الدولية، لا يمكن تحديد مدتها بدقة، سواء كانت طويلة أو قصيرة، لكنها تبدو تمهيدًا لمواجهات قادمة قد تكون أشد تحديًا من سابقاتها.
استمرار الغارات على كافة القطاعات اللبنانية
تجددت الغارات الجوية الإسرائيلية على لبنان، في وقت سابق من هذا اليوم وذلك قبيل إعلان الهدنة، مستهدفة مناطق واسعة من العاصمة بيروت ومحيطها، تزامنًا مع حالة من الاستنفار الأمني داخل إسرائيل.
وأعلنت وزارة الصحة اللبنانية في هذا السياق، أن الغارات أسفرت عن سقوط 24 شهيد ومصاب، منهم شخصان، أحدهما طفل، استشهدا في بلدة الرشيدية في قضاء صور، بينما أصيب 22 آخرون بجروح متفاوتة، إضافة إلى استشهاد 3 آخرين في غارة استهدفت بلدة رسم الحدث في بعلبك.
وبحسب الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية، شنت الطائرات الحربية الإسرائيلية سلسلة من الغارات على مناطق مختلفة شملت بلدة شمسطار وحي المزرعة في بيروت وعددًا من المناطق الحدودية في جنوب لبنان.
كما استهدفت الطائرات الإسرائيلية منشآت مدنية ومباني سكنية في بيروت وضواحيها، من بينها مبنى بالقرب من مدرسة لذوي الاحتياجات الخاصة في منطقة الكفاءات، مما أسفر عن تدمير المبنى وتضرر عدد من المباني المحيطة.
حركة نزوح الأهالي
في ظل التصعيد العسكري المستمر بين إسرائيل وحزب الله، شهد لبنان حالة من النزوح الواسع للسكان، حيث فر العديد من المدنيين من مناطق النزاع باتجاه المناطق الأكثر أمانًا داخل البلاد، وذلك مع تزايد الغارات الجوية الإسرائيلية على مناطق مثل الضاحية الجنوبية لبيروت، وصيدا، وبلدات في الجنوب اللبناني، عكف السكان على البحث عن ملاذات آمنة، مما أسفر عن نزوح أكثر من 600,000 شخص داخل لبنان حتى نهاية الشهر الحالي.
وأدى هذا النزوح إلى زيادة الضغط على البنية التحتية اللبنانية، بما في ذلك مراكز الإيواء التي تستوعب الفارين من المناطق المتأثرة بالقصف، فكانت معظم العائلات تتجه إلى المدن الكبرى أو المناطق الحدودية في الشمال، بعيدًا عن الجبهات الأمامية، في حين تعرضت بعض الأماكن لتدمير واسع نتيجة الغارات المتتالية، مما صعّب من إمكانية الوصول إلى المساعدة الإنسانية.