أعربت الصين عن رفضها لتهديدات الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب بفرض تعريفات جمركية إضافية على الواردات الصينية، متهمة إياه باستخدام أزمة مخدر الفنتانيل كذريعة لتصعيد النزاع التجاري مع بكين.
وفي مقالات افتتاحية للصحف الصادرة صباح اليوم الأربعاء، رفضت صحف رسمية صينية من بينها "تشاينا ديلي" و"جلوبال تايمز" مبررات ترامب للتعريفات الجديدة، التي ستضيف 10% إضافية على الرسوم الجمركية الحالية.
ووصفت الصحف سياسات ترامب بأنها محاولة لإلقاء اللوم على الصين في أزمة الفنتانيل والأزمات الاقتصادية الأمريكية، وأكدت أن المشكلة الحقيقية تكمن في الداخل الأمريكي، داعية واشنطن للتخلي عن "تسييس" القضايا الاقتصادية واستخدام التعريفات كأداة ضغط سياسي.
وأشارت الصحيفتان إلى أن التعريفات التي تعهد ترامب بفرضها عند توليه منصبه في 20 يناير، قد تزيد من توتر التجارة السنوية بين البلدين البالغة 400 مليار دولار، بالإضافة إلى سلاسل التوريد الأوسع التي تربط السلع الصينية بالمستهلكين الأمريكيين.
وقد أثارت تهديدات ترامب بشأن التعريفات الجمركية قلق المجمع الصناعي في الصين، حيث بدأ الاقتصاديون في خفض توقعات النمو لأكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة.
وقام محللون من وكالة "إس آند بي جلوبال" بمراجعة توقعاتهم للنمو الاقتصادي في الصين لعامي 2025 و2026، مشيرين إلى التأثير المحتمل لهذه التعريفات.
وتتوقع الوكالة الآن تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي الصيني إلى 4.1% في عام 2025 و3.8% في عام 2026، بانخفاض 0.2 و0.7 نقطة مئوية على التوالي.
وفي مقال افتتاحي لـ"تشاينا ديلي"، انتقدت الصحيفة بشدة خطاب ترامب، متهمة الولايات المتحدة بإلقاء اللوم على الصين في معركتها ضد انتشار الفنتانيل في الولايات المتحدة.
وقالت الصحيفة: "إلقاء اللوم على الآخرين لن ينهي أزمة المخدرات في الولايات المتحدة"، مضيفة أن جذور أزمة الفنتانيل تقع بالكامل داخل الولايات المتحدة نفسها.
وأضافت: "العالم يرى بوضوح أن السبب الرئيسي لأزمة الفنتانيل في الولايات المتحدة يكمن في الداخل".
وبنبرة مماثلة، حذرت صحيفة "جلوبال تايمز" واشنطن من أن تأخذ تعاون الصين في جهود مكافحة المخدرات كأمر مسلم به.
وقالت الصحيفة: "إذا استمرت الولايات المتحدة في تسييس القضايا الاقتصادية والتجارية من خلال استخدام التعريفات الجمركية كسلاح، فلن يكون هناك طرف رابح".
وأكدت أن ترامب طالما كان يلقى باللوم على الصين باعتبارها المصدر الرئيسي للمكونات الكيميائية التي تستخدمها الكارتلات المكسيكية لتصنيع الفنتانيل، ما أسهم في أزمة الأفيون المدمرة في الولايات المتحدة.
وفي خطابه يوم 25 نوفمبر، أعلن ترامب أيضًا خططًا لفرض تعريفات جمركية بنسبة 25% على الواردات من المكسيك وكندا ما لم يتم التعامل مع قضايا المخدرات والمهاجرين العابرين للحدود.
وعلى الرغم من تهديدات التعريفات الجمركية، أشار لويس كويجس، كبير الاقتصاديين الآسيويين في "إس آند بي جلوبال"، إلى أن "المخاطر في هذا المجال مرتفعة"، حيث لا يزال من غير الواضح إلى أي مدى سيذهب ترامب في فرض تعريفاته المقترحة. ومع تصاعد التوتر التجاري بين القوتين الاقتصاديتين، يبدو أن الآفاق الاقتصادية العالمية أصبحت أكثر هشاشة.
وأكد خبراء اقتصاديون أنه حتى في داخل الولايات المتحدة، من المرجح أن تؤدي هذه التعريفات الجمركية إلى ارتفاع أسعار السلع اليومية.
وخلال الفترة الرئاسية الأولى لدونالد ترامب، تسببت تعريفات مماثلة في زيادة تكاليف المعيشة للأمريكيين وأثرت سلبًا على سلاسل التوريد.
وقال الخبراء إن الرسوم الجديدة قد تُحدث نفس الأثر، مع عرقلة النمو الاقتصادي وتعريض الوظائف للخطر، بحسب تقرير لمنصة "البلقان" الإخبارية.
وكانت ردود الفعل الفورية في الأسواق المالية سلبية على إثر تهديدات ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 بالمائة على المنتجات من كندا والمكسيك، وبنسبة 10 بالمائة على الواردات.
وفقد الدولار الكندي والبيزو المكسيكي وبعض العملات الأخرى مثل اليورو جزءًا من قيمتها، في حين شهدت الأسواق الآسيوية انخفاضًا في أسهمها.
وردت رئيسة المكسيك كلوديا شينباوم على تلك التهديدات بانها ستتخذ إجراءات انتقامية ضد الواردات الأمريكية، مشيرة إلى أن التعريفات الجمركية لن تعالج الأسباب الجذرية لـ"ظاهرة الهجرة" أو أزمة المخدرات في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى أنها ستلحق ضررًا كبيرًا بالاقتصاد المكسيكي الذي يعتمد على التصدير، ما قد يؤدي إلى تخفيض التصنيف الائتماني السيادي وتراجع الاستثمار الأجنبي المباشر، فضلا عن تأثير ذلك على العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والمكسيك، أكبر شريك تجارى لواشنطن.
ووفقًا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية، بلغ متوسط واردات الولايات المتحدة من النفط الخام من المكسيك في عام 2023 حوالي 733,000 برميل يوميًا. وفي عام 2022، كانت المكسيك ثاني أكبر مصدر للنفط إلى الولايات المتحدة عالميًا.
ويعتقد الرئيس المنتخب وفريقه أن التعريفات الجمركية أداة قوية لتحقيق أهدافهم، حيث وصف سكوت بيسنت، الذي اختاره ترامب لمنصب وزير الخزانة هذه الرسوم بأنها "مفيدة" لحماية المصالح الأمريكية، ومع ذلك، يجادل العديد من الخبراء بأن الأضرار التي تسببها هذه التعريفات غالبًا ما تفوق أي فوائد محتملة.