رأت مجلة "ذا ديبلومات" الأمريكية أنه في تقاطع مثير للقلق بين تدمير البيئة والتجارة العالمية، يؤدي الطلب المتزايد على خشب الورد في الصين إلى تفاقم أنشطة قطع الأشجار غير القانونية في أفريقيا؛ مما يسهم ليس فقط في تدمير الغابات الهشة بل أيضًا في تمويل الجماعات الإرهابية في المنطقة.
وأشارت المجلة الأمريكية، إلى أنه لطالما كان خشب الورد مادة ثمينة نظرًا لألوانه الغنية وخصائصه المتينة، كما أنه يُعتبر رمزًا للثروة في الصين، حيث كان يُستخدم في صناعة الآثاث الفاخر، وعلى الرغم من أنه كان محصورًا في أيدي النبلاء في عهد أسرتي "مينغ" و"تشينغ"، فإن الطلب المتزايد من الطبقة الوسطى الصينية في العقود الأخيرة؛ أدى إلى انفجار غير مسبوق في استهلاك خشب الورد، ومع تناقص مصادره في آسيا، بدأ مهربو الخشب في استغلال الغابات الهشة في إفريقيا جنوب الصحراء، متحدين القيود المفروضة على صادراته في المنطقة.
وأصبحت دول غرب إفريقيا، واحدة من المراكز الرئيسية لتجارة خشب الورد غير القانونية، وتنمو أشجار الورد الصندلي في غابة غينيا - السافانا الممتدة عبر 11 دولة من السنغال إلى الكاميرون.
واستجابة للتدمير الذي تسببت فيه هذه الأنشطة، فرضت 16 دولة في المنطقة حظرًا على صادرات خشب الورد عام 2022. ومع ذلك، استمر المهربون في نقل الأخشاب عبر شبكات غير قانونية.
وتتداخل هذه الأنشطة الإجرامية بشكل مباشر مع الإرهاب، ففي نيجيريا، على سبيل المثال، تم اتهام المهربين بالعمل في مناطق تسيطر عليها جماعة بوكو حرام، واحدة من أخطر الجماعات الإرهابية في غرب إفريقيا.
ولفتت المجلة، إلى أن الأوضاع في المنطقة تفاقمت مع صعود "جماعة النصرة" وهي مجموعة إرهابية مرتبطة بتنظيم القاعدة والتي توسعت في منطقة الساحل في غرب إفريقيا. وتُشير الأدلة إلى أن مقاتلي الجماعة قاموا بحماية عمليات قطع الأشجار غير القانونية في مالي، مما مكنهم من فرض "إتاوات" على المهربين.
وفي موزمبيق، أصبحت محافظة كابو ديلغادو في شمال البلاد المورد الرئيسي لخشب الورد للصين، حيث تم إرسال حوالي 20,000 طن متري من الأخشاب إلى الموانئ الصينية عام 2023. ورغم الحظر المفروض على تصدير الأخشاب غير المعالجة منذ عام 2017، فإن المهربين لا يزالون يستغلون سواحل كابو ديلغادو غير المراقبة والعديد من الجزر البحرية.
وتُعد كابو ديلغادو أيضًا موطنًا لمجموعة "الشباب" المرتبطة بتنظيم (داعش)، والتي تشن تمردًا عنيفًا منذ عام 2017. وفقًا لتقرير صادر عن وكالة التحقيقات البيئية في وقت سابق من هذا العام، يُحتمل أن يكون حوالي 30% من الخشب الذي يتم قطعه في المنطقة قد جاء من غابات تسيطر عليها هذه الجماعة الإرهابية.
ويلعب المهربون دورًا كبيرًا في هذه التجارة غير القانونية، حيث يتعاونون مع النخب المحلية لتأمين الأخشاب.
ولفتت المجلة إلى إن الطلب المتزايد على خشب الورد يثير قلقًا ليس فقط على المستوى البيئي، بل على المستوى الجيوسياسي والأمني أيضًا. إذ أن هذه التجارة تسهم في تمويل الجماعات الإرهابية في المنطقة، كما تؤدي إلى تدمير النظم البيئية التي يعتمد عليها سكان المناطق المتضررة.
ويتطلب الوضع اتخاذ خطوات عاجلة للحد من تجارة خشب الورد غير القانونية، والتي تسبب ضررًا بالغًا للغابات في أفريقيا وتسهم في تمويل الإرهاب.
وناشدت المجلة المجتمع الدولي، بما في ذلك الصين، اتخاذ إجراءات صارمة لضمان أن هذه التجارة لا تسهم في زعزعة استقرار المناطق وتغذية الجماعات المسلحة.