أوضاع مأوساوية يعيش فيها أهالى قطاع غزة على إثر حرب الإبادة الإسرائيلية التي شارفت شهرها الـ14 على التوالي، حيث تركت مليوني فلسطيني بدون طعام أو شراب أو مأوى يلجأون إليه في ظل البرد القارس، مما ينذر بأزمة إنسانية ذات أبعاد كارثية.
الجوع في غزة
ووصل تدفق المساعدات إلى غزة إلى أدنى مستوى له منذ بداية الحرب، وذلك بعد أن تولت قوات الاحتلال الإسرائيلي السيطرة العملياتية على الجانب الفلسطيني من معبر رفح في مايو الماضي، بحسب صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية.
وفي غضون ذلك، أكد مكتب الإعلام الحكومي بغزة، أن الفلسطينيين في قطاع غزة وصلوا إلى مرحلة متأزمة على الصعيد الإنساني، حيث تتوالى عليه الأزمات بدون حلول، مشيرًا إلى أن الوضع يقترب من الكارثة أكثر من أي وقت مضى.
وأوضح مكتب الإعلام، أنه على مدى 420 يومًا يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي سياسة التجويع ضد شعبنا، خاصة الأطفال والنساء، ويغلق جميع المعابر والمنافذ إلى غزة، معبرًا عن تفاجئه مما وصفه بفشل المنظمات الدولية التي باتت تتماهى مع سياسات الاحتلال ضد المدنيين والفئات الضعيفة في غزة.
وكشف عن وفاة أربع أشخاص كانوا ينتظرون على أبواب المخابز للحصول على خبز لإطعام أسرهم، بسبب التدافع الناتج عن الجوع الشديد.
وفي غضون ذلك، طالب مكتب الإعلام منظمة الأغذية العالمية بتحمل مسؤولياتها المباشرة عن الكوارث الميدانية التي تقع بفعل سياساتها بإدارة أعمالها في غزة، مطالبًا إياها بتوزيع الطحين على أهالي غزة من أجل إنهاء أزمة الغذاء الحالية، ووقف كارثة الازدحام على أبواب المخابز.
ومضى محذرًا من التماهي مع سياسات الاحتلال الإسرائيلي في التجويع الممنهج أو تشديد الحصار أو إفساد عمل المؤسسات.
ومع تفاقم أزمة الجوع في أنحاء غزة، ارتفعت أسعار المواد الغذائية الأساسية بنسبة تزيد عن 1000 بالمائة مقارنة بمستويات ما قبل الحرب الإسرائيلية التي شارف شهرها الـ 14 على التوالي ، وفق ما أفاد به برنامج الأغذية العالمي.
مليوني فلسطيني يواجهون الجوع
وجراء تلك الأوضاع، أصبح أكثر من مليوني فلسطيني يواجهون خطر الموت جوعًا وعطشًا كجزء من حرب الإبادة الكبرى الممارسة ضدهم منذ السابع من أكتوبر 2023.
وذكرت حركة حماس، أن أكثر من 2 مليون فلسطيني بغزة يواجهون خطر الموت جوعًا وعطشًا، جراء منع الاحتلال الإسرائيلي للمساعدات وتقييد وصول الدواء والغذاء والماء، في ظل مأساة إنسانية تتفاقم كل يوم.
وكشفت أن "الأطفال يموتون بسبب الجوع، والعائلات تمزقها المجاعة، وأدنى مقومات الحياة الإنسانية محرومة في القطاع".
ولا يمثل نقص الطعام والشراب المأساة الوحيدة التي يعيش في ظلها أهالي قطاع غزو، ففي شمال غزة، بما في ذلك مدينة غزة، أجبر النقص الحاد في غاز الطهي الأسر على الاعتماد على حرق النفايات كوقود، ما يزيد من خطر الإصابة بعدوى الجهاز التنفسي، في وقت أصبحت خدمات الرعاية الصحية محدودة للغاية.
كما أن هناك نقص حاد في المأوى المناسب لمئات الآلاف من النازحين بسبب الأعمال العدائية في أنحاء غزة -بحسب ما ذكره مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"- ولم يتم تلبية سوى أقل من ربع احتياجات المأوى في القطاع، مما يترك ما يقرب من مليون شخص معرضين لخطر التعرض لظروف قاسية مع اقتراب فصل الشتاء.
ويعيش حوالي 545 ألف شخص في مبانٍ متضررة وملاجئ مؤقتة، ما يؤكد على الحاجة الملحة إلى ضمان دخول آلاف المجموعات من القماش المشمع والعزل لإصلاح أماكن المعيشة إلى القطاع دون تأخير، طبقًا للمكتب.
الوضع لا يختلف كثيرًا في الجنوب، حيث غمرت الأمطار الملاجئ على طول الشاطئ في بلدة القرارة إلى نزوح مئات الأسر إلى مدينة حمد في محافظة خان يونس جنوبي القطاع على مدى الأيام الستة الماضية، حسب المصدر نفسه.
الأهالي بدون غطاء
ومع مجيء الشتاء من الطبيعي أن يبحث الأهالي، الذين تركتهم الحرب في العراء عن غطاء يقيهم شر البرد القارس، لكن إسرائيل تمنع منذ أكثر من عام إدخال الأغطية والملابس والأحذية إلى قطاع غزة، بما في ذلك احتياجات الأطفال، هذا ما يقوله المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان.
ويدخل فصل الشتاء الثاني منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة، في ظل نقص شديد في الملابس والأحذية التي مُنع دخولها من معابر القطاع منذ اليوم الأول للحرب، ما عدا بعض الكميات التي دخلت كجزء من المساعدات الإنسانية، والتي تم توزيعها على جزء صغير من النازحين الذين يبلغ عددهم نحو مليوني شخص، وفق لـ"الأورومتوسطي".
وفي هذا الإطار، قال المرصد الحقوقي، إنه لا يوجد أي مبرر أو ضرورة عسكرية في القانون الدولي تسمح بمنع إدخال هذه الأساسيات إلى السكان المدنيين، مشيرًا إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يفرض قيودًا على دخولها في إطار سعيها لفرض ظروف معيشية قاسية على الفلسطينيين تؤدي إلى هلاكهم الفعلي، وذلك ضمن جريمة الإبادة الجماعية الشاملة التي ترتكبها هناك.
ونوه إلى أن هذه الظروف الكارثية تنذر بزيادة تعرض الفلسطينيين لأمراض خطيرة، مثل التهابات الجهاز التنفسي وغيرها من الأمراض المرتبطة بالبرد، في ظل عدم توفر العناية الطبية اللازمة.
وأشار إلى أن نحو مليوني فلسطيني من أصل 2.3 مليون فلسطيني في قطاع غزة هم نازحون ومهجرون قسرا من منازلهم، في حين يعيش معظمهم في خيام أو مدارس، أو في بقايا منازلهم المدمرة، بعد أن اضطروا للنزوح قسرًا عدة مرات، وفي أغلبها اضطروا لترك ملابسهم وحاجياتهم الشخصية وخرجوا بما يرتدونه فقط.
ومنذ السابع من أكتوبر 2023، تشن إسرائيل حربًا مدمرة ضد قطاع غزة، خلفت أكثر من 149 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.