تحل اليوم الذكرى التاسعة لوفاة الكاتب إدوار خراط، الذي رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم، 1 ديسمبر 2015، كان كاتبا متفردا بأسلوبه، جمع بين أنواع مختلفة من الكتابة مثل الرواية والقصة والشعر والنقد الأدبي والتشكيلي، وعمل بالترجمة وكتب للإذاعة.
لم يكن خراط يتبع مذهبًا أو يقلد أحدًا، فقد أبدع في فن الرواية مبتكرًا ومتنوعًا في أشكاله، فجاءت أعماله بارعة ومتداخلة ما بين ظاهرها وباطنها، غنية بحياتها ومعنية بروح العصر ومشكلات المثقفين، كان هدفه أن يجمع الأدب بالواقع دون أن يتخلى عن سعيه لتجاوز هذا الواقع نحو عالم أكثر بهاء وحرية وإنسانية.
وُلد إدوار خراط في 16 مارس 1926 بمدينة الإسكندرية، لعائلة قبطية أصلها من الصعيد، حصل على ليسانس الحقوق عام 1946، وعمل موظفًا في مخازن البحرية البريطانية في القباري بالإسكندرية، ثم عمل في البنك الأهلي بالإسكندرية حتى عام 1948، وبعدها عمل في شركة التأمين الأهلية المصرية عام 1955، ثم مترجمًا في السفارة الرومانية بالقاهرة.
شارك خراط في الحركة الوطنية الثورية في الإسكندرية عام 1946، وعمل في "منظمة تضامن الشعوب الإفريقية والآسيوية" و"منظمة الكتاب الإفريقيين والآسيويين" من 1959 إلى 1983.
تفرغ بعد ذلك للكتابة في القصة القصيرة والنقد الأدبي والترجمة، اعتُبرت أول مجموعة قصصية له "الحيطان العالية" (1959) منعطفًا حاسمًا في القصة العربية، حيث ركز على وصف الحياة بواقعها المؤلم المرير، وعكف على وصف خبايا الأرواح المعرضة للخذلان والخيبة، أكدت مجموعته الثانية "ساعات الكبرياء" هذا الاتجاه في رسم شخصيات تتخبط في عالم مظلم يسوده الظلم والخذلان.
يمثل إدوار خراط تيارًا يرفض الواقعية الاجتماعية كما جسدها نجيب محفوظ في الخمسينات، ويرجح الرؤية الداخلية للذات، وهو أول من نظّر لـ"الحساسية الجديدة" في مصر بعد 1967.
شكلت روايته الأولى "رامة والتنين" (1980) حدثًا أدبيًا من الطراز الأول، حيث تتخذ شكل حوار بين رجل وامرأة تختلط فيه عناصر أسطورية ورمزية فرعونية ويونانية وإسلامية، ثم أعاد خراط الكرة بـ"الزمان الآخر" (1985) وعدد من القصص والروايات، متحررة من الاعتبارات الإيديولوجية التي كانت سائدة من قبل.
صدر لإدوار خراط أكثر من 50 كتابًا قصصيًا أو شعريًا أو نقديًا، من مؤلفاته: "حيطان عالية" (1959)، "رامة والتنين" (1980)، "الزمن الآخر"، "أضلاع الصحراء"، "يقين العطش"، كما قام بترجمة أربعة عشر كتابًا إلى اللغة العربية وعدد من المسرحيات والدراسات.
حصل إدوار خراط على جائزة الدولة التشجيعية، ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عام 1973، وجائزة نجيب محفوظ من الجامعة الأمريكية بالقاهرة عام 1999، وجائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 1999، وجائزة ملتقى الرواية العربية الرابع بالقاهرة في فبراير 2008، وجائزة النيل من المجلس الأعلى للثقافة عام 2014.