أكد السفير مهند العكلوك المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى جامعة الدول العربية، أن التضامن مع الشعب الفلسطيني، يقتضي استكمال اعتراف الدول بدولة فلسطين، وحصولها على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.
وقال العكلوك - في كلمته خلال فعاليات اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني بمقر جامعة الدول العربية اليوم الأحد - إن الإنسانية التي لا تنظر إلى الناس جميعاً نظرة متساوية، إنما هي زينة وقناع يُلبس في مناسبات ويُخلع في مناسبات أخرى، وإن العدالة الدولية التي لا تُنصف الضحايا ولا تُعاقب المجرم، إنما هي ميزان مُختل لا ينفع الناس.
وأضاف أن القانون الدولي الذي لا يُلزم إسرائيل بوقف جرائمها الممنهجة، هو نظام غير مُستدام، لأن القانون الدولي لا يستقيمُ بمعايير مزدوجة، وأن المنظومة الدولية التي بنيت على مدار 80 عاماً، وتدمرها إسرائيل اليوم أمام أعيننا جميعاً، لن يجبر كسرها إلا تجميد مشاركة إسرائيل فيها، وأن التضامن الذي لا يوقف جريمة الإبادة الجماعية الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني على مدار 422 يوماً، هو كالذي يُعالج السرطان بمسكن ألم.
ووجه حديثه لشعوب ودول العالم قائلا: "إنكم شاهدون على جريمة الإبادة الجماعية الإسرائيلية بأبشع صورها، وإن إسرائيل لم يردها التضامن مع الشعب الفلسطيني على مدار 76 سنة، كما لم تردها الإنسانية ولا القانون الدولي عن الاستمرار في سفك دماء الأطفال والنساء، وتدمير كل أشكال الحياة في قطاع غزة دون رحمة أو شفقة، ودون أي اكتراث بالقانون والقيم الإنسانية والقرارات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية".
وتابع أن إسرائيل لم تكتف بعد من سفك الدماء حتى بعد أن قتلت وأصابت 160 ألف مدني فلسطيني بين شهيد وجريح ومفقود، وهو ما نسبته 7% من سكان قطاع غزة، ومازالت تحرق المستشفيات والمدارس والمساجد والكنائس ومراكز الإيواء التابعة للأمم المتحدة، وتدمر البيوت فوق رؤوس المدنيين، وتجوع الكثيرون منهم حتى الموت، وتحطم إنسانيتهم التي يتشبثون بها حتى الرمق الأخير.
وأشار إلى أن ما تقوم به إسرائيل، قوة الاحتلال والفصل العنصري والإبادة الجماعية، من تنفيذ خططها الإجرامية الممنهجة، للتطهير العرقي والتهجير القسري الفعلي لمئات آلاف المواطنين الفلسطينيين، خاصة ما يحدث الآن في شمال قطاع غزة، وإعلان وزراء في حكومة الاحتلال الإسرائيلي، عن نيتهم تقليص عدد سكان قطاع غزة إلى النصف، وما سبقه من عدوان على الأونروا والسعي لإنهاء دورها، إنما هو انطلاقة فعلية لتهجير الشعب الفلسطيني خارج أرضه، الأمر الذي سيعمق الصراع والمعاناة وسيشكل توسيعاً للعدوان الإسرائيلي على الأمن والسلم الدوليين، وخاصة على الأمن القومي العربي.
وتستمر إسرائيل بمصادرة الأراضي والممتلكات، وهدم المنازل، والسيطرة المباشرة على ما نسبته 82% من الضفة الغربية المحتلة، وبناء وتوسيع المستوطنات الاستعمارية، حتى وصل عدد المستوطنين الإسرائيليين إلى 800 ألف مستوطن، لديهم مليشيات ومنظمات إرهابية تعتدي على القرى والبلدات الفلسطينية، وتحرق مزارع وبيوت وممتلكات المواطنين الفلسطينيين.
ولفت إلى أن سياسات وممارسات التهويد والاستيطان والتهجير وهدم المنازل، تتركز في مدينة القدس المحتلة، عاصمة دولة فلسطين، بما في ذلك المساس بالمقدسات الإسلامية والمسيحية فيها، وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك.
ومازالت إسرائيل تفرض نظام فصل عنصري (أبارتايد) على الشعب الفلسطيني، بسياساتها وتشريعاتها العنصرية وممارساتها الإجرامية المبنية على الاضطهاد والهيمنة والعزل والتقسيم القهري وتقييد حرية التنقل.
وذكر أن الأمم المتحدة جسدت التضامن العالمي في إطار السعى لتحقيق مستقبل أفضل لجميع شعوب العالم، بناء على مبادئ وقيم عالمية، أحدها يقول إنه لن يُترك أحد في الخلف، ولكن الشعب الفلسطيني لم يترك في الخلف فقط، بل ترك فريسة للإبادة الجماعية.
وأبرز أن أول أهداف التنمية المستدامة في أجندة الأمم المتحدة، هو القضاء على الفقر، ولكن إسرائيل تسببت بإفقار 100% من سكان قطاع غزة، فيما ارتفعت نسبة الفقر في الضفة الغربية المحتلة على مدار العام الماضي من 12% إلى 28%.
وتابع العكلوك أن ثاني أهداف التنمية المستدامة الأممية، هو القضاء التام على الجوع، ولكن إسرائيل استخدمت التجويع كسلاح لقتل الفلسطينيين، حيث أغلقت جميع معابر قطاع غزة ومنعت دخول المساعدات الإنسانية..وتشير التقارير الدولية إلى أن ما يزيد على 95% من سكان قطاع غزة يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد.
وطالب جميع الدول بمراجعة علاقاتها مع إسرائيل، وعدم تطبيع علاقتها، وحظر تصدير ونقل السلاح والذخائر إليها، ومقاطعتها اقتصادياً وسياسياً، والبدء بخطوات تجميد مشاركة إسرائيل في الجمعية العامة للأمم المتحدة، على 4 أسس: أنها تعمل ضد أهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وأنها تمثل تهديداً للأمن والسلم الدوليين، وأنها لم تف بمتطلبات عضويتها في الأمم المتحدة، واستناداً إلى الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية بتاريخ 19 يوليو 2024 واعتبر أن الاحتلال الإسرائيلي غير قانوني وشكل نظام فصل وتمييز عنصري، وتجب إزالته وآثاره.
وشدد على ضرورة دعم جهود محكمة العدل الدولية للفصل في قضية الإبادة الجماعية ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية، والتضامن الدولي مع العهود والمواثيق والاتفاقيات الدولية يقتضي التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية في تنفيذ مذكرات الاعتقال ضد المسؤولين الإسرائيليين عن ارتكاب الجرائم التي تقع ضمن اختصاص المحكمة.
ودعا إلى إدراج الجماعات والمنظمات الإرهابية الإسرائيلية التي تمارس الإرهاب ضد المواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، وتلك التي تقتحم المسجد الأقصى المبارك، على قوائم الإرهاب الوطنية، والعربية.
واختتم العكلوك كلمته بقوله "نؤكد لكم أن شعبنا الفلسطيني باق على أرضه، يناضل لإنجاز حريته، وهو مؤمن بالنصر على أعداء الإنسانية، ومؤمن بأن يوم الحساب آت لا شك فيه، وسيحاسب كل من ارتكب جريمة الإبادة الجماعية ومن شارك وتستر عليها سواء بتصدير أو نقل السلاح لإسرائيل وهي ترتكب الإبادة الجماعية، أو بإساءة استخدام الفيتو في مجلس الأمن، أو بتعطيل آليات العدالة الدولية".