أكثر من 100 وفد شاركوا أمس في مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية في غزة، يمثلون دول ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والدولية والمؤسسات المالية الدولية والمنظمات الإنسانية والمنظمات غير الحكومية، أكدت نقاشاتهم الالتزام الثابت بالاستجابة للكارثة الإنسانية الحالية في قطاع غزة، والتخفيف من محنة الشعب الفلسطيني ووضع حد لمعاناته الشديدة.
وشدد المؤتمر على أهمية الزيادة الفورية للمساعدات الإنسانية وإيصالها بصورة فعالة ومستدامة إلى الفلسطينيين المحتاجين في غزة، بما في ذلك، الغذاء والماء، والإمدادات الطبية، والوقود والمأوى، كذلك الحاجة لاستراتيجية قوية للتعافي المبكر وتطبيقها بمجرد أن تسمح الظروف بذلك، بما يمهد الطريق لجهود إعادة الإعمار طويلة المدي بقيادة الحكومة الفلسطينية وبدعم الأمم المتحدة والمجتمع الدولي.
دور مصر في دعم قطاع غزة
وفي ظل الانتهاكات للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي، تجدد مصر مطالبتها لإسرائيل بالاحترام الكامل لالتزاماتها وفقاً للقانون الدولي الإنساني، وباعتبارها القوة القائمة بالاحتلال، مؤكدة استمرارها في العمل بلا هوادة من أجل تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، وإطلاق سراح جميع الرهائن والمحتجزين.
كما شددت مصر على الحاجة إلي توفير المساعدات الإنسانية وتهيئة الظروف الملائمة لتوزيعها وضمان وصولها إلى المدنيين المحتاجين إليها فى كافة أنحاء قطاع غزة وضمان تسهيل النفاذ الإنساني السريع والآمن دون عوائق أو عقبات من خلال كافة المعابر.
المساعدات الإنسانية لغزة
وقدمت مصر منذ بداية الحرب أكثر من 94064 طنا من المساعدات الإنسانية، والخدمات الطبية لأكثر من 91770 فلسطينيا، بالإضافة إلى المساعدة في إجلاء أكثر من 74 ألف من مزدوجي الجنسية ومواطني الدول الثالثة.
كذلك أكدت مصر، في بيان وزارة الخارجية، أنه يجب حماية الدور المحورى الذي لا غنى عنه لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، باعتبارها أقدم وأكبر وكالة تعمل في القطاع، وتوفر الإمدادات والخدمات الأساسية لإنقاذ أرواح الفلسطينيين، كما يجب أن يتضمن ذلك توفير الدعم والتمويل اللازمين للحفاظ على دورها الأساسي وغير القابل للاستبدال.
وشددت على مواصلة دعم الشعب الفلسطيني، ونضاله المشروع من أجل نيل حقوقه غير القابلة للتصرف، بما في ذلك حقه في تقرير المصير، وتحقيق تطلعاته المشروعة في إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة، ومتواصلة الأراضي وقابلة للحياة على أساس خطوط عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
الدور المصري في دعم الأشقاء الفلسطينيين
ومن جانبه، يقول الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية، إن المؤتمر يعكس الدور المصري في دعم الأشقاء الفلسطينيين في غزة على مختلف المستويات، وخاصة على المستوى الإنساني، مشددا على أن مصر كان لها دور على المستوى الإنساني ودعم القطاع طوال العقود، ومنذ بداية الأزمة خاصة بالعمل على إنفاذ المساعدات وفتح معبر رفح لفترة طويلة، حتى جاء التعطيل من الجانب الإسرائيلي.
وأكد في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن مصر استمرت في دعم غزة على مختلف الأصعدة، من خلال دبلوماسية القمة والجهود الدبلوماسية وبكل الوسائل، وتدعو مصر دائما إلى إنفاذ المساعدات الإنسانية للقطاع، مشيرا إلى التوقيت أن له دلالته، لان المؤتمر يأتي في ظل اشتداد الضغوط والحصار الإسرائيلي على غزة وخاصة في المنطقة الشمالية من القطاع، التي تتعرض لحصار كبير ولا تدخل إليه المساعدات أو المواد الإغاثية أو المستلزمات الطبية أو الطعا أو أي شيء من هذا القبيل.
وأشار إلى أن ما ترتكبه إسرائيل من ممارسات تعد جرائم حرب بما في ذلك سياسة التجويع، لأن التجويع أحد جرائم الحرب، وفقا للقانون الدولي، مشددا على أن إسرائيل اعتدت على مقرات أممية ودولية وعلى العاملين فيها، بما في ذلك وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، حتى أن إسرائيل أعلنت أنها استولت المقرات التابعة لهيئة الأونروا في القدس وقالت إنها أصبحت مستوطنة إسرائيلية، هذا كله ضمن مخالفات في القانون الدولي.
وشدد على أن مصر تبذل كل الجهود المكثفة من أجل مساندة الأشقاء الفلسطينيين، وخاصة على المستوى الإنساني، لأن استمرارية النهج الإسرائيلي في مخالفة أحكام القانون الدولي، وفي الاعتداء حتى على العاملين في منظمات دولية تابعة للأمم المتحدة مثل الأونروا في غزة، واليونيفل في جنوب لبنان، هذا يعني أن إسرائيل لا تجد رادع لها من خلال موقف جدي من المجتمع الدولي.
وأوضح أن الرئيس عبد الفتاح السيسي أكد في عدد من المحافل الدولية والمباحثات أن يكون المجتمع الدولي أكثر جدية في التعامل في هذه الأمور، وهو ما تمت الإشارة إليه في خطاباته في القمة العربية الإسلامية الأخيرة، أو في قمة العشرين وغيرها، تعبيرا عن وجهة النظر المصرية في هذا الشأن.
ولفت إلى أن عدم اتخاذ المجتمع الدولي موقف جدي دفع إسرائيل للاستمرار في هذا النهج، والأمر يتطلب أن يكون هناك وقفة تتسم بالجدية والصرامة إزاء من يخالف أحكام القانون الدولي ويرتكب جرائم الحرب، لذلك إذا لم يتم اتخاذ هذا الموقف الرادع ستستمر هذه الجرائم بحق المدنيين وستنهار الثقة في المنظومة الدولية ككل.
تكثيف الجهود الدبلوماسية
ومن جانبه، قال طارق البرديسي، خبير العلاقات الدولية، أن مؤتمر الاستجابة الإنسانية الوزاري الذي عقد في القاهرة أمس، حمل أهمية كبيرة وله نتائج مبشرة فيما يتعلق بتضافر هذه الجهود وتفعيلها وتنفيذها، مشيرا إلى أن مصر تتحمل النسبة الأكبر من هذه المساعدات، وكذلك على كل الدول أن تشارك في مساعدة وإغاثة القطاع.
وأوضح في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن هناك تنسيقا على المستوى الوزاري، والوصول إلى استمرارية دفع إدخال المساعدات بشكل يتلائم مع الاحتياجات في غزة، سيكون نجاحا في حد ذاته، مشيرا إلى أن العالم نتيجة الأحداث المتلاحقة سواء كان في لبنان أو حلب وإدلب في سوريا، تناسى العالم ما يحدث ف غزة، لذلك هذا المؤتمر بالمشاركة الدولية من كافة المؤسسات والدول فيه مهم للتأكيد على ضرورة وجود سقف زمني لإحلال السلام والاستقرار وإدخال المساعدات بشكل مبدئي.
وشدد على أن هذا الأمر مهم للغاية ونتائج في غاية الحيوية، وخطوات جادة لمؤازرة الأشقاء الفلسطينيين في القطاع إنسانيا، في ظل ما تمارسه إسرائيل من سياسة التجويع، بدلا من القتل، فهي تمارس أيضا القتل بالتجويع وتمنع هذه المساعدات، مشيرا إلى أنه لذلك تكتسب هذه المؤتمرات أهمية لتكشف السياسة الإجرامية وخبث هويتها، وتعمدها القتل بالتجويع ومنع إدخال المساعدات.
وأكد أن هذا المؤتمر من الجهود الدبلوماسية والتي لا يمكن التقليل من أهميتها، لأن العمل الدبلوماسي الجمعي على المستوى كفيل بتحقيق التنسيق والضغط على الأطراف الدولية والدول الكبرى، بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية والشركاء في الاتحاد الأوروبي من أجل الضغط على إسرائيل لإدخال المساعدات بشكل أكبر لقطاع غزة.