في 3 ديسمبر من كل عام يحتفل العالم، بمتحدي الإعاقة، الذين أصروا على تحدي جميع العقبات لأجل التأثير في مجرى الحياة، سواء كان ذلك التأثير في الجانب العلمي والأكاديمي بكل أفرعه، أو الجانب الرياضي والفني وغيره.
وفي مصر على مر العقود، لمعت نماذج مضيئة من ذوي الهمم في كل المجالات، الذين تغلبوا على إعاقتهم ونجحوا في الوصول إلى مكانة مرموقة في تخصصاتهم، من طه حسين "عميد الأدب العربي"، إلى مصطفى صادق الرافعي، وعمار الشريعي، وحتى الإذاعي رضا عبد السلام حسن "إذاعة القرآن الكريم"، والبطلة رحاب رضوان وغيرهم الكثير.
طه حسين.. عميد الأدب العربي
رغم فقدان طه حسين للبصر منذ صغره ، إلا أنه أصبح أحد أبرز المفكرين في التاريخ العربي الحديث، استطاع أن يحقق إنجازات عظيمة في مجالات الأدب والتعليم.
ألّف العديد من الكتب المهمة مثل "الأيام" و"في الشعر الجاهلي"، وساهم في تطوير التعليم في مصر بجعل التعليم الابتدائي مجانيًا، شغل منصب وزير المعارف وكان من المؤسسين لجامعة القاهرة، ترك بصمة لا تُمحى في تاريخ الفكر العربي.
مصطفى صادق الرافعي.. معجزة الأدب العربي
كان الأديب مصطفى صادق الرافعي، أحد أعلام الأدب العربي، وُلد في محافظة القليوبية عام 1880. أصيب بالصمم في سن الثلاثين، لكنه استمر في كتابة الشعر والنثر.
تميز بأسلوبه الكلاسيكي الذي جمع بين جمال اللغة وعمق الفكر، من أبرز مؤلفاته "إعجاز القرآن" و"رسائل الأحزان"، ويعتبر الرافعي رمزًا للأدب الذي يتحدى الصعوبات ويحقق الخلود.
عمار الشريعي
تمكن الموسيقار عمار الشريعي، من تجاوز إعاقته البصرية ليصبح أحد أهم رموز الموسيقى العربية، ولد في سمالوط بمحافظة المنيا وتعلم الموسيقى في مدرسة لرعاية المكفوفين.
لحن لأغلب مطربي ومطربات الوطن العربي وأنتج أكثر من 150 لحناً، قدم موسيقى تصويرية لأكثر من 100 عمل فني ما بين أفلام ومسلسلات، وبالنسبة إلى الجانب التعليمي، فقد ساهم في تطوير تعليم الموسيقى للمكفوفين، وقدم أيضا برامج إذاعية وتلفزيونية عن الموسيقى.
تمكن الشريعي من إتقان العديد من الآلات الموسيقية رغم كونه كفيفاً، وتميز أسلوبه الفني بالجمع بين الموسيقى العربية الأصيلة والعناصر المعاصرة، وفي الأخير، ساهم في تطوير تعليم الموسيقى للمكفوفين وقدم برامج توعية موسيقية.
نادية فكري
تعتبر نادية فكري رمزًا للتحدي في عالم الرياضة البارالمبية، بدأت مسيرتها من موقف صعب، حيث أصيبت بشلل كامل في مرحلة مبكرة من حياتها، ما شكل تحديًا كبيرًا أمامها، ورغم ذلك، لم تستسلم للواقع، بل حولت إعاقتها إلى دافع لتحقيق إنجازات كبيرة.
في دورة الألعاب البارالمبية باريس 2024 الماضية، تمكنت نادية من حصد الميدالية البرونزية في رفع الأثقال، وهي لحظة تاريخية توجت فيها مسيرتها.
وخلال احتفالية خاصة بتتويجها، عُرض فيلم وثائقي سلط الضوء على قصة نجاحها، حيث تحدثت نادية عن التحديات التي واجهتها، بأنها ولمدة 30 سنة تحت رعاية الدولة ممثلة في وزارة الشباب والرياضية، وأكدت أن الدعم الذي حصلت عليه، كان سببا في تخطي العصوبات التي واجهتها وتحقق أحلامها في النهاية.
رحاب رضوان
رحاب رضوان، الربّاعة المصرية التي أثبتت أن الإرادة تصنع المستحيل، ولدت رحاب في محافظة الشرقية، وتعرضت للإصابة بشلل الأطفال وهي رضيعة، لم تثنها هذه المحنة عن تحقيق أحلامها، بل جعلتها أكثر تصميمًا على النجاح.
بدأت مسيرتها الرياضية منذ سنوات طويلة، وحققت إنجازات استثنائية في بطولات رفع الأثقال البارالمبية، حيث حصلت على الميدالية الذهبية في بطولة العالم 2023 بدبي، وشاركت في أولمبياد ريو 2016، حيث أحرزت الميدالية الفضية، واستمرت في تحقيق النجاحات، بفوزها ببطولات عالمية في المكسيك وكازاخستان وجورجيا.
وفي أولمبياد باريس الأخيرة، أحرزت لمصر الذهبية الثانية في بارالمبياد باريس، بعد فوزها بالميدالية الذهبية في رفع الأثقال وزن 55 كجم.
محمد المنياوي
محمد المنياوي، الربّاع المصري الذي شق طريقه نحو المجد من قلب صعيد مصر، بدأ مسيرته في عالم رفع الأثقال في 2020 عندما شارك في بطولة الجمهورية وحقق المركز السادس، ولم تكن هذه البداية العادية سوى خطوة أولى في طريق طويل من الإنجازات.
توج محمد مسيرته بالميدالية الذهبية في بارالمبياد باريس 2024 في منافسات وزن 59 كجم، حيث تفوق على منافسيه بفارق كيلوغرام واحد فقط، ليثبت قدرته على الصمود حتى النهاية.
بعيدًا عن الرياضة، عمل محمد في مصنع كراسي بطنطا وساهم في دعم أسرته الصغيرة، وحاز على دعم مدربه الكابتن محمد العمدة، الذي اكتشف موهبته وصقلها، ليصبح أحد أبرز نجوم رفع الأثقال البارالمبي في مصر.
شريف عثمان
شريف عثمان، من مواليد محافظة المنيا عام 1982، يمثل قصة كفاح وإصرار لتحقيق المجد الرياضي، بدأ شريف حياته المهنية بأعمال متواضعة كبائع وساعٍ، لكنه قرر تغيير مجرى حياته بممارسة رياضة رفع الأثقال.
خلال مسيرته، حقق شريف العديد من الإنجازات البارزة، منها ثلاث ميداليات ذهبية في بارالمبياد بكين 2008، ولندن 2012، وريو دي جانيرو 2016. كما فاز ببطولات عالمية في ماليزيا ودبي والكونغو.
رغم إصابته بإعاقة، نجح شريف في كسر الحواجز ليصبح أحد أساطير رفع الأثقال البارالمبي، يحظى بإعجاب الجميع كرمز للتحدي والإرادة.
رضا عبد السلام حسن.. صوت الإرادة في إذاعة القرآن الكريم
يُعد رضا عبد السلام مثالًا نادرًا للشخصيات التي استطاعت تحويل إعاقتها إلى مصدر قوة، ولد بضمور في ذراعيه، لكنه لم يجعل ذلك عائقًا أمام طموحه، تخرج في كلية الحقوق، ولكنه وجد شغفه في الإعلام، ليصبح أول مذيع في إذاعة القرآن الكريم بهذه الإعاقة.
بدأ مسيرته في إذاعة وسط الدلتا قبل أن ينتقل إلى إذاعة القرآن الكريم، حيث قدم برامج تاريخية ودينية متميزة مثل "مساجد لها تاريخ" و"مع الصحابة"، حصل على تقدير واسع بفضل صوته العذب وثقافته الواسعة.