منذ إعلان الهدنة بين حزب الله والجانب الإسرائيلي أواخر الشهر الماضي، لم تكف إسرائيل عن اختراق الحدود اللبنانية خاصة المنطقة الجنوبية منها، أو الطيران فوق أجواء العاصمة بيروت، فشهدت الحدود اللبنانية-الإسرائيلية تصعيدًا جديدًا يُنذر بتفاقم الأوضاع بين الطرفين، رغم اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه مؤخرًا بوساطة دولية، وسط اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق، فارتكب الجيش الإسرائيلي اليوم الأربعاء، خمسة خروقات لاتفاق وقف إطلاق النار، وذلك عبر فتح نيرانه على بلدات جنوبية وتحليق لطيرانه الحربي فوق العاصمة بيروت.
خروقات إسرائيلية لهدنة هشة
ففي اليوم الثامن لوقف إطلاق النار، أفادت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية بسقوط قذيفة مدفعية إسرائيلية على سهل مرجعيون في قضاء مرجعيون بمحافظة النبطية جنوب البلاد.
ونسفت قوات الاحتلال الإسرائيلي، في وقت مبكر اليوم، منازل ومباني في بلدة الخيام بقضاء مرجعيون، وسُمع دوي الانفجار في أنحاء الجنوب، وفق الوكالة.
في أحدث فصول التصعيد، أعلن الجيش الإسرائيلي الاثنين السابق، عن شنّ غارات جوية مكثفة استهدفت مواقع تابعة لحزب الله في لبنان، وذلك بعد إطلاق الجماعة قذيفتي هاون على منطقة جبل دوف، ويُعد هذا الهجوم الأول من نوعه منذ سريان اتفاق وقف إطلاق النار الأسبوع الماضي، والذي جاء لتهدئة توتر دام أكثر من 14 شهرًا بين الطرفين.
تحيز دولي أم تصعيد عسكري.. رد حزب الله على الانتهاكات الإسرائيلية
وفق بيان لحزب الله، فإن إطلاق القذيفتين جاء ردًا على ما وصفه بـ"الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة"، والتي تضمنت تحليقًا مكثفًا للطيران الحربي الإسرائيلي فوق الأراضي اللبنانية.
وأكد الحزب أن هذه الضربات تُعد "تحذيرًا أوليًا" موجهًا إلى إسرائيل، في إشارة واضحة إلى رفضه لأي محاولة إسرائيلية لاستغلال الهدنة لمصلحتها العسكرية.
من جهتها، أكدت إسرائيل أن الغارات الجوية استهدفت منصات إطلاق صواريخ ومخازن أسلحة ومركبات عسكرية تابعة لحزب الله، بما في ذلك منصة إطلاق القذيفتين.
ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الهجوم بأنه "انتهاك خطير لوقف إطلاق النار"، مؤكدًا أن إسرائيل سترد "بقوة وحزم" على أي خرق من جانب حزب الله.
الشعب اللبناني بين حزب الله والجيش الإسرائيلي
لم تتوقف آثار التصعيد عند الحدود العسكرية فقط، بل امتدت لتشمل الجانب الإنساني، أعلنت وزارة الصحة اللبنانية عن مقتل تسعة أشخاص وإصابة آخرين جراء الغارات الإسرائيلية التي استهدفت قريتي حاريص وطلوسة في جنوب لبنان، وذلك بعد إعلان الهدنة بشكل رسمي، كما شهدت المنطقة تدميرًا للبنية التحتية، وسط قلق متزايد من تدهور الأوضاع الإنسانية.
المجتمع الدولي
أثار التصعيد الأخير ردود فعل دولية، حيث عبّرت الولايات المتحدة وفرنسا عن قلقهما إزاء الأحداث، وطالبت واشنطن عبر مبعوثها الخاص، عاموس هوكستين، إسرائيل بالالتزام باتفاق وقف إطلاق النار، مشيرة إلى ضرورة ضبط النفس من جميع الأطراف، ففي المقابل، نقلت تقارير إعلامية أن فرنسا وجهت اتهامات لإسرائيل بارتكاب 52 انتهاكًا منفصلًا للاتفاق، مما زاد من تعقيد المشهد.
ويشمل الاتفاق آلية تنفيذ تضمن استجابة سريعة لأي انتهاكات، حيث تم تعيين جنرال أمريكي للإشراف على مراقبة الأوضاع بالتنسيق مع المبعوث المدني الأمريكي، ورغم هذه الجهود، أكد متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي أن التصعيد الحالي كان "متوقعًا"، إلا أنه لا يُعد مؤشرًا على انهيار شامل للهدنة.