تحتفي الأمم المتحدة، اليومالاثنين باليوم الدولي لإحياء وتكريم ضحايا جرائم الإبادة الجماعية؛ بهدف منعها وكبحها، والذي يوافق التاسع من ديسمبر من كل عام، إذ يحتفل مكتب المستشار الخاص المعني بمنع الإبادة الجماعية باعتماد اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، التي تعد التزاما عالميا حاسما قٌدّم مباشرة قبيل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عند تأسيس الأمم المتحدة، وبموجب قرار الجمعية العامة 323/69 المؤرخ 29 سبتمبر 2015، أصبح ذلك اليوم يُعرف باليوم الدولي لإحياء وتكريم ضحايا جرائم الإبادة الجماعية ومنع هذه الجريمة.
وبحسب مركز إعلام الأمم المتحدة، اليوم، تظل اتفاقية الإبادة الجماعية ـ مع حلول الذكرى السنوية الخامسة والسبعين لها ـ ذات أهمية كبيرة هذا العام، حيث قننت الاتفاقية لأول مرة جريمة الإبادة الجماعية في القانون الدولي، وتعترف ديباجتها بأن الإبادة الجماعية قد ألحقت بالبشرية خسائر فادحة في جميع فترات التاريخ وأن التعاون الدولي مطلوب لتحرير البشرية من هذه الآفة الشنيعة.
وأشارت الأمم المتحدة، إلى أنه حتى الآن، صدقت 153 دولة على الاتفاقية، ويظل تحقيق التصديق العالمي الكامل للاتفاقية، فضلا عن ضمان تنفيذها الكامل، ضروريا لإحراز تقدم فاعل في منع جريمة الإبادة الجماعية، وتتضمن اتفاقية الإبادة الجماعية الالتزام ليس بتنفيذ العقاب على ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية وحسب، بل ومنعها بشكل حاسم. وكان لاتفاقية الإبادة الجماعية في السنوات الخمس والسبعين التي تلت اعتمادها، دور مهم في تطوير القانون الجنائي الدولي، وفي محاسبة مرتكبي هذه الجريمة، وتحفيز جهود الوقاية منها، وفي إعطاء صوت لضحاياها.
وأكدت الأمم المتحدة، أن فعالية هذا العام للاحتفال بالذكرى الخامسة والسبعين لاتفاقية الإبادة الجماعية تركز على موضوع (قوة حية في المجتمع العالمي: إرث اتفاقية عام 1948 بشأن منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها)، ويُراد من هذه الفعالية تسليط الضوء على بعض الإنجازات التي انبثقت عن الاتفاقية وإبراز تراثها والتذكير بالجهود التي أدت إلى صياغتها واعتمادها. وستعرض الفعالية كذلك للتحديات التي لم تزل تواجه تنفيذها تنفيذا فعالا. ولم تزل الإبادة الجماعية تشكل تهديدا في عالم اليوم. ولم يزل سكان العالم حتى اليوم عُرضة لمخاطر هذه الجريمة.
كما أكدت الأمم المتحدة أن الهدف من الفعالية عرض جهود الناشطين في مجال الوقاية من هذه الجريمة والجهود الدؤوبة التي يبذلونها لحماية السكان من ويلات الإبادة الجماعية، وستعتمد الفعالية على سلسلة من مشاورات واجتماعات الخبراء التي دعا مكتب المستشار الخاص المعني بمنع الإبادة الجماعية إلى عقدها في الفترة التي تسبق الفعالية في 9 ديسمبر، فضلا عن تدشين حملة إعلامية من المواد الموجودة في محفوظات الأمم المتحدة، بما يحقق استكشاف تأثير الاتفاقية بالتفصيل في مجالات المساءلة والحماية والوقاية، وتُقام هذه الاحتفالية في قاعة مجلس الوصاية بمقر الأمم المتحدة في نيويورك.
ووفقاً للأمم المتحدة، تشير الاتفاقية إلى التزام المجتمع الدولي بألا يتكرر ذلك أبدًا، كما تتيح كذلك أول تعريف قانوني دولي لمصطلح "الإبادة الجماعية"، الذي تم اعتماده على نطاق واسع على المستويين الوطني والدولي. كما تنص على واجب الدول الأطراف في منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، وينظم مكتب الأمم المتحدة المعني بمنع الإبادة الجماعية والمسؤولية عن الحماية كل عام فعاليات للاحتفال بهذا اليوم الدولي، وتكريم ضحايا الإبادة الجماعية والذكرى السنوية للاتفاقية.
كما تتضمن اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948 (المادة 2) تعريفا للإبادة الجماعية بأنها "أيا من الأفعال التالية، المرتكبة على قصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية"، بما في ذلك: قتل أعضاء من الجماعة؛ إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة؛ إخضاع الجماعة، عمداً، لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كلياً أو جزئياً؛ فرض تدابير تستهدف الحؤول دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة؛ نقل أطفال من الجماعة، عنوة، إلى جماعة أخرى.
وتؤكد الاتفاقية أن الإبادة الجماعية، سواء ارتكبت في زمن السلم أو الحرب، هي جريمة بمقتضى القانون الدولي، وتتعهد الأطراف ’’بمنعها والمعاقبة عليها‘‘ (المادة 1). وتقع المسؤولية الأساسية في منع الإبادة الجماعية ووقفها على عاتق الدولة التي تقع فيها هذه الجريمة.
وأوضحت الأمم المتحدة، أنه لمنع الإبادة الجماعية والنزاعات التي تؤدي إليها، فإن من الأهمية الحاسمة فهم أسبابها الجذرية. وفي حين يكون للنزاعات أسباب عديدة، فإن النزاعات التي تنطوي على الإبادة الجماعية تتمحور حول الهوية. فعادة ما تحدث الإبادة الجماعية والفظائع المرتبطة بها في المجتمعات التي تضم جماعات قومية أو عنصرية أو عرقية أو دينية متنوعة تشتبك في نزاعات تتصل بالهوية.
وليست الاختلافات في الهوية، سواء كانت حقيقية أو متصورة، هي وحدها التي تولّد النزاع، بل الآثار المترتبة على هذه الاختلافات من حيث فرص الوصول إلى السلطة والثروة، والخدمات والموارد، وفرص العمل، وفرص التنمية، والمواطنة والتمتع بالحقوق والحريات الأساسية، وهذه النزاعات يغذيها التمييز، وخطاب الكراهية الذي يحرض على العنف، وغير ذلك من انتهاكات حقوق الإنسان.