رصدت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، في عددها الصادر اليوم الخميس، الجدل الدائر حاليًا داخل العديد من العواصم الأوروبية حول ضرورة عودة اللاجئين السوريين الذين يُقدر عدهم بالملايين إلى وطنهم بعد سقوط نظام بشار الأسد ومدى استعداد هؤلاء إلى العودة خاصة في ضوء المشهد الراهن في البلاد.
وقالت الصحيفة- في مستهل تقرير لها أعده مراسلوها في برلين وفيينا وعواصم أوروبية أخرى- إن عددًا متزايدًا من الساسة في أوروبا يقولون حاليًا إن الوقت حان لعودة أكثر من مليون لاجئ سوري في القارة إلى وطنهم، بينما يقول السوريون إن الأمر أكثر تعقيدًا من ذلك.
وأشار أولئك الذين فروا من الاضطرابات التي عمت البلاد منذ 13 عامًا إلى حالة عدم اليقين السياسي بعد دخول فصائل المعارضة المسلحة إلى دمشق قبل أيام قليلة بخلاف الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية وسبل المعيشة والإسكان والتي جعلت العديد من أجزاء البلاد غير صالحة للسكن.
ونقلت الصحيفة عن عمر الحجار، وهو عامل بناء يبلغ من العمر 54 عامًا من حلب وواحد من حوالي 970 ألف سوري يعيشون الآن في ألمانيا، قوله:" كل من أعرفهم يريد الانتظار. الوضع في سوريا صعب للغاية".
أصبحت ألمانيا أكبر دولة مضيفة للسوريين في الاتحاد الأوروبي بعد قرار أنجيلا ميركل في عام 2015 بفتح الأبواب أمام حوالي مليون طالب لجوء، معظمهم من الشرق الأوسط. ومن المتوقع- حسبما أفادت الصحيفة- أن تكون الهجرة من بين القضايا الرئيسية في الحملات الانتخابية قبل الانتخابات المبكرة التي ستجريها البلاد في فبراير المقبل.
وفي غضون ساعات من مغادرة الأسد، قال سياسيون من الحزب الديمقراطي المسيحي من يمين الوسط وحزب البديل من أجل ألمانيا من أقصى اليمين إن الوقت حان لكي يبدأ السوريون في التفكير في العودة إلى ديارهم.
وذكرت الصحيفة إن الحجار، الذي نقلته الأمم المتحدة إلى برلين مع زوجته وخمسة أبناء في عام 2019 بعد خمس سنوات من العيش في تركيا، كان يمتلك عقارين في مسقط رأسه في حلب لكن كلاهما دُمر أثناء أعمال القصف التي وقعت في ذلك الوقت بين الفصائل المتناحرة حتى اضطر هو وعائلته الممتدة عبر سوريا إلى دخول تركيا.. وتعليقًا على الأوضاع في بلده، قال الحجار: إن سوريا بحاجة إلى حكومة ومؤسسات قبل أن يتمكن الناس من التفكير في العودة.
في الوقت نفسه، قالت النمسا إنها ستنظم أيضًا "برنامجًا لإعادة اللاجئين وترحيلهم". وقال جيمي أكيسون، زعيم حزب الديمقراطيين السويديين اليميني المتطرف - الذي يدعم الحكومة اليمينية في البرلمان - إن السوريين "يجب أن يروا في الوقت الحالي فرصة جيدة للعودة إلى ديارهم". مع ذلك، انتقدت منظمة برو أسيل، وهي مجموعة مناصرة مقرها فرانكفورت، نبرة المناقشة، ودعت السياسيين إلى "تحمل المسئولية وإظهار التضامن مع اللاجئين، بدلاً من استغلالهم سياسيًا".
ومن ناحية أخرى، أعرب بعض السوريين عن تطلعهم إلى العودة في أقرب وقت ممكن، بمن في ذلك أعضاء مجتمع الناشطين المنفيين الذين يريدون تشكيل مستقبل البلاد. وقالت جومانا سيف، المحامية والناشطة الحقوقية التي تعيش في برلين منذ عام 2013، إن العديد من أفراد دوائرها يتطلعون إلى العودة إلى وطنهم في أقرب وقت.
وقالت سيف إنها تريد "القتال من أجل تحقيق حلمنا: دولة ديمقراطية حديثة، مع حماية حقوق الإنسان والمساواة للجميع، بمن في ذلك النساء". وفي قبرص، سحبت مجموعة من 60 سوريًا طلبات اللجوء الخاصة بهم، مشيرين إلى " فجر جديد وواعد في وطنهم"، كما قال نائب وزير الهجرة القبرصي نيكولاس يوانيدس. وفي روما، قال سوريون عاملون في HummusTown - وهو مطعم غير ربحي يديره لاجئون يصنعون طعامًا تقليديًا - إنهم ما زالوا في حالة صدمة ممزوجة بترقب وخوف مما قد ينتظرهم في المستقبل. وقالت شذى ساكر، مؤسسة المطعم، في لقاء مع مراسل الصحيفة:" من السابق لأوانه بعض الشيء أن أخبرك أن أيًا منا يريد العودة".