الأربعاء 18 ديسمبر 2024

ثقافة

جلال الدين الرومي «سلطان العشق الإلهي»

  • 17-12-2024 | 08:06

جلال الدين الرومي

طباعة
  • همت مصطفى

 شاعر وعالم في علوم الفقه، و العديد من العلوم الإسلاميّة الأخرى، واشتهر ببراعته فيها، وعرف أنه من المتصوفين، فكتب العديد من الأشعار باللغة الفارسية، وترجمت حديثا ولاقت انتشارا واسعاًفي العالم الإسلامي، وخاصّة عند المسلمين في تركيا، وفرنسا، وغنّى أشعاره نجوم بوب مشهورون، استحدث الموسيقى والرقص وأدخلها في العبادة،  حتى عرف بـ «فيلسوف المتصوفة»،  اسمه مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حُسَيْنَ بَهَاءٌ الدِّين البَلَخي الْبَكْرِيّ، الشهير بمولانا «جلال الدين الرومي».

 الميلاد  والنشأة

ولد  جلال الدين الرومي، في 30 سبتمبر1207م، والذي يوافق 604 هجريًا في مدينة بلخ  في أفغانستان،  وانتقل مع أبيه إلى بغداد، في الرابعة من عمره، فتنشأ  وترعرع بها في المدرسة المستنصرية حيث نزل أبوه، ولم تطل إقامته فقد قام أبوه برحلة واسعة ومكث في بعض البلدان مدداً طويلةً، وهو معه، ثم استقر في قونية سنة 623 هـ في عهد دولة السلاجقة الأتراك،

وعرف «الرومي» بالبراعة في الفقه وغيره من العلوم الإسلامية، فتولى التدريس بقونية في أربع مدارس، بعد وفاة أبيه سنة 628 هـ ثم ترك التدريس والتصنيف والدنيا وتصوّف سنة 642 هـ أو حولها، فانشغل بالرياضة وسماع الموسيقى ونظم الأشعار وإنشادها.

مباديء  جلال الدين الرومي

و اتّبع الفيلسوف جلال الدين الرومي  تعاليم الإسلام السمح، وقد استطاع اجتذاب العديد من الأشخاص، ممن ينتمون إلى ملل أخرى بفضل سماحته ومرونته في التفكير والتعامل، وفقد امتاز بالتساهل اللامتناهي في العديد من الأمور والتعقيدات المنتشرة، وقد استخدم الشعر، والموسيقى في سبيل الوصول إلى الله، في حب خالص له، يبتعد فيه عن الناس، بالإضافة إلى الرقص الدائري، الذي يعد من الطقوس المتبعة أيضًا،  وعرف «الرومي» مثل غيره من المتصوفة المسلمين باحترام جميع العقائد واعتبر أن الناس متساوون أمام الله .

مؤلفات وأعمال « الرومي»

وتم تصنيف أعمال الرومي إلى عدة مصنّفات، وهي: «الرباعيّات»، « ديوان الغزل»، « رسائل المنبر»،  «مثنوية المعاني»، «ديوان شمس الدين التبريزي»، « مجلدات المثنوي الستة»، « المجالس السبعة»

مثنويه المعانيوهي قصائد باللغة الفارسية، والذي يسميه بعض المتصوفة بالكتاب المقدس الفارسي. ويعتبره كثيرون من أهم الكتب الصوفية الشعرية، ويذكر حسين علي محفوظ أن «الرومي» نظمه بالعربية، أيضا وإنه يمتلك مخطوطة النسخة العربية النفيسة.

الديوان الكبير أو ديوان شمس التبريزي؛ والذي كتبه في ذكرى موت صاحبه العزيز وملهمه في طريق التصوف والشعر،  وكتب فيه أكثر من أربعين بيت شعر وخمسين قصيدة نثرية.

 و«الرباعيات».. وهي منظومة أحصاها العالم الإيراني المعاصر «بديع الزمان فوزانفر»، كما وردت في طبعة إستانبول، فوجد أنها تبلغ 1659 رباعية، أي 3318 بيتًا.

 المبدع  شعرًا ونثرًا 

كما ألف «الرومي» العيدي من الكتب إضافة إلى إبداعه في الشعر، كان مبدعا في  النثر ، وقدم  كتاب «فيه ما فيه» .. وهو كتاب فيه إحدى وسبعون محاضرة ألقاها الرومي على صحبه في مناسبات مختلفة،  وهو من تجميع مريديه وليس من كتابته هو.

 و«المجالس السبعة» وهو تجميع لمواعظ ومحاضرات ألقاها في سبع مناسبات مختلفة، تتناول مواضيع عن القرآن والحديث الشريف،  وتتضمن أشعار فريد الدين عطار وسنائي وللرومي نفسه، وقد قدم  هذه المحاضرات بطلب من أشراف القوم مثل صلاح الدين زغرب.

«الرسائل» .. وهي رسائل كتبها بالفارسية والعربية إلى مريديه ومعارفه ورجال الدولة والتأثير، وهي تدل على اهتمام جلال الدين الرومي وانشغاله بمعارف مريديه وما أصبح له من تأثير كبير عليهم

أشهر أقوال سلطان العشق الإلهي 

ومن أشهر أقوال مولانا جلال الدين الرومي : «هكذا أود أن أموت في العشق الذي أكنه لك، كقطع سحب تذوب في ضوء الشمس»،  «ارتق بمستوى حديثك لا بمستوى صوتك، فالمطر الذي ينميّ الأزهار وليس الرعد»، مَنْ لا يركض إلى فتنة العشق يمشي طريقاً لا شيء فيه حي، «إنك قد رأيت الصورة ولكنك غفلت عن المعنى»، «لا يفنى في الله مَنْ لا يعرف قوة الرقص».

أكثر الشعراء شعبية في أمريكا

تركت أشعاره ومؤلفاته الصوفية والتي كتبت أغلبها باللغة الفارسية وبعضها بالعربية والتركية، تأثيراً واسعا في العالم الإسلامي وخاصة على الثقافة الفارسية والعربية والأردية والبنغالية والتركية، وفي العصر الحديث ترجمت بعض أعماله إلى كثير من لغات العالم ولقيت صدًى واسعاً جداً إذ وصفته «B...C سنة 2007م بأكثر الشعراء شعبية في الولايات المتحدة.

 العقاد: «الرومي».. الدرة النفيسة

قال عباس محمود العقاد عن جلال الدين الرومي: « يتنافس على نِسبة جلال الدين أربعة أوطان، وهي بلاد الأفغان، وبلاد فارس، وبلاد العرب، وبلاد الترك، التي اشتهرت ببلاد الروم. فهو قد وُلِد في بلخ من بلاد الأفغان، في بيتٍ عريقٍ من بيوت العلم والإمارة، ونظم بالفارسية والتركية والعربية، ونسبه عربي صميم إلى الخليفة أبي بكر الصديق، وعاش في بغداد حينًا، وضريحه في قونية، حيث وفاته؛ فلا جرم أن تتفتح الأبواب للتنافس عليه؛ بحجة من الحجج، لكل منافس يحرص على هذه الدرة النفيسة، وإنها في الحق لذخيرة للحضارة الإسلامية وللإنسانية، يأخذ منها مَنْ شاء من بني الإنسان بنصيب موفور».

الطريقة المولوية الصوفية 

ورحل سلطان العشق الإلهي جلال الدين الرومي  في 30 مثل هذا اليوم 17 ديسمبرعام 1273م،  ودفن في مدينة قونية بتركيا، وأصبح مدفنه مزارًا إلى يومنا، وبعد مماته قام أتباعه وابنه الأكبر «سلطان ولد»، بتأسيس الطريقة المولوية الصوفية والتي اشتهرت بدراويشها ورقصتهم الروحية الدائرية التي عرفت بالسماح والرقصة المميزة.

الاكثر قراءة