لغة الضاد هي أرقى وأسمى اللغات في العالم وتمتد جذورها إلى آلاف السنين، وعبارة عن جسر يربط بين الحضارات وثقافة الأمم، حيث ألقت سحرها على الجميع، وأصبحوا يتغنوا بعشقها، فهي ليست مجرد مجموعة من الحروف تشكلت وكونت لغة يتحدث بها الناس، بل هي اللغة العربية لغة الماضي والحاضر والمستقبل.
وتكمن أهمية اللغة العربية في بساطتها ووضوحها، لما لها من ثراء المعاني وقوة البيان، واتساع المفردات التي جعلت كبار الشعراء والكتاب ينسجوها في كلمات وأبيات من نور، وتغنوا عنها في روائع القصائد للمتنبي، وحافظ إبراهيم، وأحمد شوقي، ومصطفى صادق الرافعي، وفي ضوء الاحتفال باليوم العالمي للغة الضاد، يحملنا هؤلاء الشعراء في رحلة شيقة للغوص في جمال تلك اللغة السامية.
المتنبي
شاعر العرب، من أبرز من دافع وتغنى عن جمال اللغة العربية، حيث عبر عن حبه لها، واستعداده التام للتضحية بنفسه من أجلها، حيث كتب قصيدة من روائع أبياته تغزل في جمال اللغة في بضع سطور رسخت في وجدان العرب.
قصيدة "لا تلمني في هواها":
لا تلمني في هواها
أنا لا أهوى سواها
لست وحدي أفتديها
كلنا اليوم فداها
نزلت في كل نفس
وتمشت في دماها
فيها الأم تغنت
وبه الوالد فاها
وبها الفن تجلى
دوبها العلم تباهي
كلما مر زمان
زادها مدحا وجاها
لغة الأجداد هذي
رفع الله لواها
مصطفى صادق الرافعي
معجزة الأدب العربي، وشيخ أدباء العربية، من أبرز وأهم الشعراء المدافعين بقوة وحزم عن اللغة العربية، حيث عاتب ولام كل من اهملها أو حاول طمسها، فهي لغة راسخة وصامدة مهما مر عليها من عصور وقرون.
قصيدة "أمٌّ يكـــــيدُ لهـــا مــــن نَسْلِهــــــا العَقِبُ":
أمٌّ يكـــــيدُ لهـــا مــــن نَسْلِهــــــا العَقِبُ
ولا نقيـــصةَ إلاَّ مـــا جنَـــى النَّسَـــبُ
كانتْ لــــهم سببًا فـــــي كـلِّ مكـــــرمةٍ
وهمْ لنكبــــتها مـــن دهـــرِها ســـببُ
لا عيبَ في العــَربِ العَرْباء إنْ نَطــَقوا
بـــين الأعــــاجــمِ إلاَّ أَنَّــــهُم عَـــرَبُ
والطيرُ تصـــــدحُ شتَّـــى كالأنامِ ومـــا
عند الغـراب يُزَكَّـــى البُــــلبلُ الطَّرِبُ
أتى عليها طَــــــوال الــــدهرِ ناصــعةً
كطلعــــةِ الشمـــس لم تَعْلَقْ بها الرِّيَبُ
ثم استفاضـــتْ دَيــــاجٍ فــي جَوانِبِـــها
كالبــــدرِ قد طَمَسَتْ مِن نورِهِ السحبُ
حافظ إبراهيم
شاعر النيل الذي طالما دافع عن الهوية والثقافة واللغة العربية، حيث عشقها وتعمق في معانيها ومفرداتها، وعبر بها عن جوارحه ومشاعره، وكتب العديد من الأبيات تغنى بها عن حب تلك اللغة، ورثاها بحزن وألم لما مرت من محاولات عديدة لإندثارها، وكتب قصيدة "اللغة العربية تنعى حظها".
قصيدة "اللغة العربية تنعى حظها":
رجعت لنفسي فاتهمت حصاتي
وناديت قومي فاحتسبت حياتي
رموني بعقم في الشباب
وليتني عقمت فلم أجزع لقول عدائي
و ولدت فلما لم أجد لعرائسي
رجالاً وأكفاء وأدت بناتي
و وسعت كتاب الله لفظاً وغاية
وما ضقت عن أي به وعظات
فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة
وتنسيق أسماء لـ مخترعات
أنا البحر في أحشائه الدر كامن
فهل سألوا الغواص عن صدفاتي
خليل مطران
شاعر القطرين والأقطار العربية، الذي أهتم باللغة العربية والحفاظ عليها رغم ادخاله لأغراض حديثة في الشعر بعيدًا عن التقليدي، وكتب قصيدته عن لُغَةِ الضَّادِ، سبح في إوار تلك اللغة لما بها من جمال المعاني ورصانة البنيان.
قصيدة "لُغَةِ الضَّادِ":
يَا أَمِيراً أَهْدَى إِلَى لُغَةِ الضَّادِ
كُنُوزاً مِنْ عِلْمِهِ وَبَيَانِهْ
ذَلِكَ المِعْجَمُ الزِّرَاعِيُّ قَدْ كَانَ
رَجَاءً حَقَّقَتْهُ فِي أَوَانِهْ
عَمَلٌ لا يُكَادُ يَقْضِيهُ إِلاَّ
مَجْمَعٌ بِالكَثِيرِ مِنْ أَعْوَانِهْ
دُمْتَ ذُخْراً لَهُ مَآثِرُهُ فِي
نَفْعِ هَذَا الحِمَى وَفِي رَفْعِ شَأْنِهْ
أحمد شوقي
أمير الشعراء غاص في جمال اللغة العربية، وعبر عن حبه لها،رغم سفره للخارج إلا أنه تمسك بها وتميز في اللغة شعرا، فهو اول من قام بتجويد القصص الشعري إلى اللغة العربية، حيث تفرد بتلك الموهبة، وبرع في كتابة الشعر باللغة العربية والنثر والمديح وكل انواع الشعر كالغزل وغيره.
قصيدة "إن الذي ملأ اللغات محاسنا":
إن الذي ملأ اللغات محاسنا
جعل الجمال وسره في الضاد
ويراها خير رابط بين العرب قائلاً:
ويجمعنا إذا اختلفت بلاد
بيان غير مختلف ونطق