يواجه صناع السياسات والعمال والمستهلكون الكنديون مشهدًا اقتصاديًا مضطربًا وغير مستقر، مع اقتراب العام الجديد.
ففي الوقت الذي نما فيه الاقتصاد، زاد عدد السكان بوتيرة أسرع، ما أدى إلى انخفاض الناتج الاقتصادي والدخل الحقيقي على أساس الفرد لمدة عامين متتاليين، وهو ما تسبب في تراجع ملحوظ في مستويات المعيشة الكندية وسط اقتصاد راكد إلى حد كبير.
وبالنظر إلى عام 2025، تواجه كندا حالتين رئيسيتين من عدم اليقين؛ الأولى تتعلق بعودة دونالد ترامب إلى الرئاسة الأمريكية، حيث وعد بتنفيذ إجراءات دراماتيكية، بما في ذلك فرض تعريفة جمركية بنسبة 25% على جميع الواردات من كندا والمكسيك في أول يوم من ولايته. وإذا تم تنفيذ هذا التعهد، فقد ينزلق الاقتصاد الكندي إلى حالة ركود، وفقا للكاتب جون فينليسون في مقاله في معهد "فريزر انستيتيوت" الكندي.
وأوضح الكاتب أن في العام الماضي، صدرت كندا بضائع بقيمة 593 مليار دولار إلى الولايات المتحدة، بالإضافة إلى أكثر من 85 مليار دولار في قطاع الخدمات، ما يمثل أكثر من ثلاثة أرباع إجمالي صادراتها الدولية. وتشمل الصناعات الكندية الأكثر عرضة للضرر من هذه التعريفات الجمركية المحتملة قطاعات الطاقة، وتصنيع السيارات وقطع الغيار، ومنتجات الأخشاب، والآلات والمعدات، والمنتجات الاستهلاكية، والمعادن، والمنتجات الزراعية الغذائية.
ورغم أن فرض التعريفات الجمركية الشاملة قد لا يتحقق، فإن رئاسة ترامب تثير مخاوف بشأن أوقات صعبة للعلاقات الكندية-الأمريكية.
وزيادة القيود الأمريكية على الصادرات الكندية، إلى جانب احتمالية خفض الضرائب والإصلاحات التنظيمية في الولايات المتحدة، قد تدفع العديد من الشركات الكندية إلى توجيه استثماراتها نحو السوق الأمريكية، ما يثبط الاستثمار المحلي، وبالتالي، يتعين على الحكومات في أوتاوا والمقاطعات اتخاذ خطوات عاجلة لتحسين بيئة الاستثمار داخل البلاد.
المصدر الآخر لعدم اليقين الاقتصادي يتمثل في قرار الحكومة الفيدرالية تقليص الهجرة، فقد أظهرت أوتاوا تراجعًا كبيرًا في سياسة الهجرة، وهو أحد أكبر التغيرات في السياسة العامة الكندية منذ نصف قرن.
ومع اعتماد كندا على الهجرة في دعم نمو القوى العاملة، فإن هذا القرار قد يترك آثارًا سلبية على الاقتصاد، خاصة مع ثبات الإنتاجية التي تُعد المساهم الرئيسي في النمو الاقتصادي على المدى الطويل.
الآن، تسعى الحكومة إلى خفض الهجرة الدائمة، وفرض قيود صارمة على الطلاب الدوليين، وترحيل 1.3 مليون مقيم مؤقت خلال العامين المقبلين. وقد يؤدي ذلك إلى انخفاض أو استقرار عدد السكان بعد ثلاث سنوات من النمو السريع.
وبينما قد يكون خفض الهجرة ضروريًا بعد التدفقات غير المنضبطة، فإن النمو السكاني الصفري أو السلبي قد يُضعف الاقتصاد ويُسبب نقصًا في العمالة، ما يؤدي إلى نمو اقتصادي أبطأ في عامي 2025 و2026.
وعلى الصعيد المحلي، تعاني حكومة ترودو من إدارة اقتصاد ضعيف هيكليًا يعتمد معظمه على القطاع العام المتضخم، بينما يعاني القطاع الخاص من ركود.
وارتفعت الديون الحكومية، وتباطأ الاستثمار التجاري، وتراجعت كندا في تصنيفات التنافسية العالمية.
وبدلًا من زيادة حجم الحكومة، ينبغي على صناع السياسات العمل على تنشيط الاقتصاد الخاص، الذي يُعد المصدر الرئيسي للناتج المحلي والوظائف والابتكار والصادرات في كندا.