في ظل التحديات العالمية الناتجة عن الحرب الروسية الأوكرانية وتأثيرها على الإمدادات الغذائية، اتخذت الحكومة المصرية، ممثلة في وزارة التموين والتجارة الداخلية، خطوات استراتيجية لتعزيز الأمن الغذائي، تمثلت هذه الخطوات في إطلاق خطة شاملة لتطوير البنية التحتية لتخزين الحبوب، وزيادة السعات التخزينية، وتطوير وسائل النقل، مع التركيز على الابتكار التكنولوجي لتحسين إدارة المخزون.
زيادة السعات التخزينية للصوامع
أعلنت الحكومة خلال 2024 خطة طموحة لمضاعفة السعة التخزينية للصوامع من 3.4 مليون طن إلى 6 ملايين طن، ما يعكس التزامها بتأمين مخزون استراتيجي آمن من القمح، هذه الزيادة تعزز قدرة مصر على مواجهة أي اضطرابات عالمية محتملة في إمدادات القمح، وتقلل من احتمالات الهدر أو التلف الناتج عن ضعف وسائل التخزين التقليدية.
تطوير وسائل النقل والبنية التحتية
في إطار تحسين كفاءة نقل الحبوب، شملت الخطة تعزيز وسائل النقل المتنوعة، من خلال النقل النهري، حيث تم رفع عدد المواقع المجهزة لاستقبال وشحن الحبوب عبر النقل النهري من موقع واحد إلى أربعة مواقع، مما يساهم في تقليل تكاليف النقل واستهلاك الوقود.
بجانب تطوير النقل عبر السكك الحديدية، حيث تضاعف عدد المواقع المجهزة لاستيعاب عمليات النقل من أربعة مواقع إلى ثمانية، بهدف تحسين سرعة وكفاءة عمليات النقل البري، بجانب تعزيز أسطول الشاحنات ليصل إلى 109 شاحنات، مما يسهم في تسهيل عمليات نقل الحبوب بين الصوامع والمنافذ المختلفة.
توطين صناعة الصوامع وتقليل الاعتماد على الاستيراد
وضمن استراتيجية دعم الاقتصاد المحلي، تم تأسيس شركة مصرية بالتعاون مع القطاع الخاص لإنتاج مكونات الصوامع محليًا، تهدف هذه الخطوة إلى تقليل الاعتماد على الاستيراد، مما يوفر العملة الصعبة ويعزز من قدرة الصناعة الوطنية على تلبية احتياجات الدولة.
وتولي الحكومة أهمية كبيرة لتطبيق التكنولوجيا الحديثة في إدارة السلع والمخزون، ومن أبرز الابتكارات التي تم تنفيذها، حيث أطلقت الحكومة منظومة حديثة تشمل 28 موقعًا، مع خطة لتوسيعها لتشمل جميع المواقع، بهدف ضمان الشفافية وتقليل الهدر، بجانب ميكنة بيانات شركات الجملة، التي تهدف إلى مراقبة حركة السلع وتتبع المخزون بفعالية، مما يتيح اتخاذ قرارات مبنية على بيانات دقيقة.
نماذج لتطوير الصوامع القائمة
تمثل صومعة طهطا في سوهاج نموذجًا للجهود المبذولة لتطوير الصوامع الحالية، حيث تم رفع سعتها التخزينية من 60 ألف طن إلى 90 ألف طن بتكلفة 124 مليون جنيه، مما يعكس حرص الحكومة على تحديث المنشآت القائمة لزيادة طاقتها وكفاءتها.
وتمثل هذه الخطوات استراتيجية شاملة تهدف إلى تحقيق نقلة نوعية في إدارة الأمن الغذائي بمصر، من خلال زيادة السعات التخزينية، وتحسين وسائل النقل، وتبني الابتكار التكنولوجي.
وتسعى الحكومة إلى بناء منظومة متكاملة تضمن الحفاظ على المخزون الاستراتيجي من القمح، وتقليل الهدر، وتحقيق الاستقرار الغذائي، مع هذه الجهود، تؤكد مصر قدرتها على مواجهة التحديات العالمية وتأمين احتياجات مواطنيها من السلع الأساسية.