لا أحد يستطيع أن ينكر الدور الوطني الذي قام به أهل سيناء، منذ احتلالها في عام 1967 حتى القضاء على الإرهاب في الأمس القريب، حيث وقفوا بجانب الدولة المصرية في خندقًا واحد، مقدمين أرواحهم دفاعًا عن أرض الفيروز الغالية، وإيمانًا بحق الوطن عليهم.
رفض التدويل
بعد هزيمة مصر في حرب 1967، والتي على إثرها سقطت سيناء في أيدي العدو الإسرائيلي، بدأ أهالها على فور نضالًا ضد العدو كان له عظيم الأثر في التمهيد إلى نصر حرب السادس من أكتوبر 1973.
ويعبر عن الروح السيناوية في ذلك الوقت، المنشور الذي وزع بكثافة فى مدينة العريش، فور دخول الإسرائيليين إليها، والذي كان يتضمن الوعيد لهم، جراء إقدامهم على احتلال الأرض المصرية.
وفي عام 1968، حاول الإسرائيليون تحريض أهالي سيناء على الاستقلال بها، والإعلان عن دولة سيناء وحشدت إسرائيل في سبيل ذلك كل طاقاتها لتحقيق حلمها في نزع سيناء من مصريتها وعروبتها، وسعيًا وراء الهدف التقى موشية ديان وزير الدفاع في إسرائيل آنذاك، عددًا من مشايخ سيناء وأغدق عليهم بالهدايا والأموال لإقناعهم بفكرة تحويلها إلى دولة مستقلة.
وقد علمت الدولة المصرية بتفاصيل المخطط الإسرائيلى، فقامت بدورها بتكليف الضابط السيناوى محمد اليمانى بمتابعة القضية، حيث طلب من المشايخ وفق تعليمات من القاهرة بمواصلة خداع ومجاراة إسرائيل في طلبها، وقام برصد تحركات العدو الصهيونى واتصالاته الدولية.
وفي سبيل تحقيق المخطط العبري، اجتمع "ديان" بالشيخ سالم الهرش وبعدد من كبار المشايخ معلنين موافقتهم على المقترح مبدئيًا، إلا أنهم طالبوا بمهلة للحصول على إجماع شيوخ القبائل في سيناء.
وفي الـ31 أكتوبر عام 1968، أعدت إسرائيل عدتها لإعلان سيناء دولة منفصلة وحشد ديان وزير الدفاع عدته، حيث حشدت في هذا الإطار وكالات الأنباء وعشرات القنوات العالمية، حتى يكون أمر "التدويل" على العلن فيما عرف بمؤتمر "الحسنة".
وجرى تفويض الشيخ سالم الهرش من قبيلة البياضية للحديث عنهم أمام الإسرائيليين فقال: أترضون بما أقول؟ فقالوا: نعم، وبينما ديان ينتظر لحظة التدويل قال الهرش:" إن سيناء مصرية وقطعة من مصر ولا نرضى بديلًا عن مصر وما أنتم إلا احتلال ونرفض التدويل وأمر سيناء في يد مصر، سيناء مصرية مائة في المائة ولا نملك فيها شبرًا واحدًا يمكننا التفريط فيه".
وجراء الموقف السيناوي، قامت السلطات الإسرائيلية عقب المؤتمر باتخاذ إجراءات قمعية عنيفة ضد الأهالي واعتقل 120 من المشايخ والمواطنين.
رفض الإرهاب
تؤكد الثوابت التاريخية على الدور الوطني لأهالي سيناء في مواجهة الإرهاب وحماية الحدود ضد أي اعتداء يمس أمن الوطن، وجراء ذلك الموقف خسرت الكثير من العوائل أبناءها في المواجهات مع الإرهاب.
وفي إطار حرب الدولة المصرية على الإرهاب في سيناء، قدمت قبائل سيناء الدعم المعلوماتي واللوجيستي للأمن، كما أنها ساعدت في القبض على الإرهابيين، وحاربتهم إلى جانب قوات مكافحة الإرهاب.
ومن ذلك، أنه خلال عمليتي حق الشهيد والعملية الشاملة – سيناء 2018 لعبت قبائل سيناء وفي مقدمتها الترابين دورًا رئيسيًا وساعدت في الكشف عن هوية العناصر التكفيرية والطرق التي تستخدمها في الاختباء ونقل الأسلحة.
وفي المقابل، كان لأهالى سيناء النصيب الأسد من الهجمات الإرهابية سواء عبر استهدافهم بشكل مباشر خصوصًا أنهم أدوا دورهم السامى بالتعاون مع قوات مكافحة الإرهاب أو عبر استهداف المرافق الخدمية التى يستفيد منها المواطنين، وذلك كان الدافع الرئيسي للدخول عبر خط المواجهة جنبًا إلى جنب مع قوات مكافحة الإرهاب ضد العناصر التكفيرية، وما زالت تخوض مع الدولة معركة البناء الكبرى حتى الآن.
عفو رئاسي
أصدرالرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم الثلاثاء، قرارًا جمهوريًا بالعفو الرئاسي عن أربعة وخمسين من المحكوم عليهم من أبناء سيناء.
ويأتي قرار الرئيس إعمالًا لصلاحياته الدستورية واستجابةً لطلب نواب ومشايخ وعواقل رفح والشيخ زويد بمحافظة شمال سيناء، وتقديرا للدور التاريخي لأبناء سيناء في جهود مكافحة الإرهاب وتحقيق التنمية والاستقرار، وكذا في إطار اهتمام الرئيس بالظروف الإنسانية للمحكوم عليهم في القضايا المختلفة.