بات الوضع في قطاع غزة أكثر سوءً مع قدوم فصل الشتاء، خاصة أن الحرب الإسرائيلية تركت 2.3 مليون شخص في العراء، ما جعلهم عرضة للموت جراء البرد، في مأساة خلقتها الدولة العبرية بشكل متعمد، إمعانًا في الإبادة الجماعية التي شارفت شهرها الـ15 تواليًا.
ويواجه أطفال غزة خطر الموت بردًا، جراء نقص المأوى في واقع لا يمكن الفكاك عنه، بفعل الحصار الإسرائيلي، الذي يمنع منذ أكثر من عام دخول الأساسيات اللازمة للحياة، ما فاقم الأوضاع الإنسانية أكثر.
الموت بردًا مصير الأطفال
توفي طفل فلسطيني وسط قطاع غزة، اليوم الأحد، نتيجة البرد وانعدام وسائل التدفئة في خيام النازحين، ليكون خامس طفل يتوفى، جراء البرد خلال أقل من أسبوع.
والطفل المتوفي، هو رضيع يبلغ من العمر شهرًا واحدًا، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الفلسطينية، التي أشارت إلى تدهور حال توأمه جراء البرد في خيمة بدير البلح وسط القطاع.
ووفقًا لهذه المصادر، فقد توفي أربعة أطفال حديثي الولادة تتراوح أعمارهم بين "أربع" و21 يومًا، نتيجة انخفاض درجات الحرارة، والبرد الشديد.
وتصف وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" المأساة، فتقول إن "أطفال غزة يتجمدون حتى الموت، جراء الطقس البارد ونقص المأوى"، موضحة أن البطانيات والفرشات وغيرها من الإمدادات الشتوية ظلت عالقة في المنطقة منذ أشهر في انتظار الموافقة الإسرائيلية على دخولها إلى غزة.
تلك الأوضاع خلقها جيش الاحتلال الإسرائيلي بنفسه، عندما منع منذ أكثر من عام إدخال الأغطية والملابس والأحذية إلى قطاع غزة، بما يشمل احتياجات الأطفال، بحسب توثيق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان.
واستقبل القطاع فصل الشتاء الثاني منذ بدء إسرائيل حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، في السابع من أكتوبر 2023، في ظل نقص شديد في الملابس والأحذية التي مُنع دخولها من معابر القطاع منذ اليوم الأول للحرب، ما عدا بعض الكميات التي دخلت كجزء من المساعدات الإنسانية، والتي تم توزيعها على جزء صغير من النازحين الذين يبلغ عددهم نحو مليوني شخص.
وتتعمد إسرائيل من جانبها منع إدخال هذه الأساسيات، وذلك في إطار سعيها لفرض ظروف معيشية قاسية على الفلسطينيين تؤدي إلى هلاكهم الفعلي، وذلك ضمن جريمة الإبادة الجماعية الشاملة التي ترتكبها هناك.
وجراء ذلك الوضع، تُرك مئات الآلاف من الفلسطينيين في قطاع غزة، بمن فيهم الأطفال والنساء وكبار السن، دون ملابس كافية تحميهم من البرد القارس مع دخول فصل الشتاء، في ظل بقاء الغالبية العظمى من النازحين في خيام لا تقيهم البرد والمطر.
ويرى المرصد الأورومتوسطي أن الحرمان المستمر والشديد من الأساسيات اللازمة للحياة هو فعل من أفعال الإبادة الجماعية، حيث يعمد إلى تجريد السكان من أبسط وسائل الحماية وخلق ظروف تهدف إلى تدميرهم واستهداف هويتهم الثقافية والاجتماعية والجسدية بهدف محو وجودهم، مشيرًا إلى أن هذا الحرمان يستهدف بشكل خاص الأطفال والفئات الضعيفة الأخرى، مما يزيد معاناتهم ويسهم في ارتفاع معدلات الوفيات بسبب الظروف الجوية القاسية.
وبحسب المرصد، فإن نحو مليوني فلسطيني من أصل 2.3 مليون فلسطيني في قطاع غزة هم نازحون ومهجرون قسرًا من منازلهم، فيما يعيش معظمهم في خيام أو مدارس، أو في بقايا منازلهم المدمرة، بعد أن اضطروا للنزوح قسرًا عدة مرات، وفي أغلبها اضطروا لترك ملابسهم وحاجياتهم الشخصية وخرجوا بما يرتدونه فقط.
ومنذ السابع من أكتوبر 2023، تشن إسرائيل حربًا مدمرة ضد قطاع غزة، خلفت أكثر من 153 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.