الأربعاء 1 يناير 2025

تحقيقات

60 عامًا في قلوب المصريين.. إذاعة القرآن الكريم ودورها في حماية ونشر النص القرآني

  • 29-12-2024 | 19:09

ارشيفية

طباعة
  • إسلام علي

لأكثر من 60 عاما، ظلت إذاعة القرآن الكريم تحتفظ بمكانتها في قلوب المصريين وامتد أثيرها للعالم أجمع فمنذ تأسيسها في عام 1964، فعد حدثا غير مسبوق، حيث أصبحت فيما بعد جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية للمصريين، والتي كانت ثمرة جهود مكثفة من المؤسسات الدينية الكبرى في البلاد، مثل الأزهر الشريف والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية.

أنشئت إذاعة القرآن الكريم في مصر في عام 1964، تحديدا في يوم 25 مارس، وذلك لتكون أول محطة متخصصة في القرآن الكريم فضلا عن البرامج الإسلامية، وقد نتج تأسيسيها إلى ضرورة ملحة من المؤسسات الدينية المصرية، والتي منها الأزهر الشريف والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وذلك بعد اكتشاف تحريفات كائنة ببعض نسخ المصحف الشريف في أوائل الستينات.

 بدأ بث الإذاعة رسميا بعد موافقة الثقافة والإرشاد القومي، بقيادة الدكتور عبد القادر حاتم، وتصديق الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وذلك بنطاق عمل 14 ساعة متواصلة يوميا، وذلك عبر موجتين قصيرة ومتوسطة، وشملت نخبة من القرّاء، أبرزهم الشيخ محمود خليل الحصري، الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، الشيخ محمد صديق المنشاوي، والشيخ مصطفى إسماعيل.

 

لعدم التلاعب بالنصوص القرآنية.. اطلاق أولى التوثيقات الإذاعية

تُعَدُّ أولى التوثيقات الإذاعية هي تسجيل المصحف المرتل بصوت الشيخ محمود خليل الحصري برواية حفص عن عاصم، ليكون أول توثيق صوتي كامل للقرآن الكريم في التاريخ الإسلامي، وقد وزع هذا التسجيل على مراكز إسلامية حول العالم، ليضمن سلامة النص القرآني من أي تلاعب، ويعد من أهم أغراض تأسيسها هو الحفاظ على التراث القرآني، وأن تقدم خدمة إعلامية فريدة تتجاوز حدود الزمان والمكان.

هذا وبالإضافة إلى الفقر الكبير توزيع تسجيلات المصحف المرتل في العالم الإسلامي، هذا أدى في النهاية إلى إنشاء الإذاعة، لتكون حلًا عمليًا يضمن وصول القرآن الكريم إلى مختلف شرائح المجتمعات الإسلامية.

 

نشر الثقافة الإسلامية

ولم يكن دور إذاعة القرآن الكريم في بث تلاوات على مدار الساعة، بل أيضا لإثراء المعرفة الإسلامية عبر تقديم برامج تثقيفية ودينية  لترسيخ المفاهيم الصحيحة ونشر الثقافة الإسلامية، ومن بين أبرز هذه البرامج "حديث الروح" و"الدين المعاملة"، والتي قدّمها علماء متخصصون في الشريعة والعلوم الإسلامية.

هذا وبالإضافة إلى برنامج القراءات العشر، والذي يعرض نماذج من القراءات العشر للقرآن الكريم، مع توضيح الفروقات بينها وطرق الأداء، وبرنامج في رحاب التفسير، والذي يناقش تفسير آيات القرآن الكريم بأسلوب علمي وبسيط، مع التركيز على الجوانب العقائدية والأخلاقية.

ويعد برنامج أعلام التلاوة، والذي يقدم تسجيلات لأشهر القراء المصريين والعالميين مع تعريف بتاريخهم وإنجازاتهم، ومن أشهر برامج تلك الإذاعة، بالإضافة إلى برنامج بين السائل والفقيه، والذي لا يزال متواجدا حتى الآن، وهو برنامج فقهي يجيب عن أسئلة المستمعين حول الأمور الدينية والشريعة الإسلامية، وفضلا عن مسابقات القرآن الكريم، والتي تستهدف التشجيع على حفظ وتجويد القرآن الكريم بين مختلف الفئات العمرية.

وتحتوي مكتبة الإذاعة على كنوز من التلاوات النادرة، وتفسيرات لآيات القرآن، إضافة إلى تقديم دروس فقهية كانت تُلبي احتياجات الجمهور في تلك الفترة.

 

ابرز قراء الإذاعة: الشيخ الحصري

يعد الشيخ محمود خليل الحصري، من أبرز قراء إذاعة القرآن الكريم، والذي كانت بدايته متواضعة بقراءة القرآن في مسجد قريته، وانطلق بعدها إلى الإذاعة المصرية في 16 نوفمبر 1944، واستمرت قراءاته لعقد كامل، وبرع في تسجيل المصحف بأكثر من رواية مثل: روايتي حفص عن عاصم وورش عن نافع.

 

عبد الباسط عبد الصمد

وُلد الشيخ عبد الباسط بمحافظة قنا عام 1927، وأتم حفظ القرآن الكريم في سن العاشرة، وتخصص في القراءات، وتميز بصوته العذب وأدائه المتقن، مما جعله يحظى بشعبية كبيرة فور التحاقه بالإذاعة المصرية عام 1951.

كانت قراءاته تُسمع في كل بيت مصري، وارتبطت شهرته بزيادة مبيعات أجهزة الراديو، وكان له أسلوب في التلاوة جعل الناس يستمعون إليه بإعجاب، وبدأت دعوات السفر تتوالى عليه من مختلف أنحاء العالم الإسلامي.

 

اسهامات إذاعة القرآن الكريم عالميا

في أوائل الستينيات، قررت مصر تصدير هذا الإنجاز الديني إلى الدول الإسلامية، وانتشرت الأسطوانات التي تحمل التلاوات المرتلة في شتى بقاع الدول الإسلامية وغيرها، وأصبحت أداة لنشر القرآن الكريم بين المسلمين، خاصة في المجتمعات التي تفتقر إلى إمكانيات الوصول إلى المصحف المطبوع.

 

تعزيز مكانة مصر في العالم الإسلامي

إلى جانب الدور الأساسي للإذاعة في بث التلاوات القرآنية، لعبت الإذاعة دورًا رياديًا في تثبيت مكانة مصر كمركز للثقافة الإسلامية، عبر برامجها المتنوعة وتفسيرها للقرآن الكريم، جذبت إذاعة القرآن الكريم مستمعين من جميع أنحاء العالم، ونجحت الإذاعة في تخطي حدود اللغة والثقافة لتصل إلى قلوب المسلمين، مما عزز من تأثير مصر في نشر القيم الإسلامية.

جعلت ترددات الإذاعة القصيرة والمتوسطة، وكذلك البث الرقمي لاحقًا، متاحة لملايين المستمعين في أوروبا وآسيا وأفريقيا، حيث يعاني كثير من المجتمعات من نقص الموارد الإسلامية الموثوقة.

 

الغاء الإعلانات بالإذاعة

في خطوة إيجابية، وافق مجلس الهيئة الوطنية للإعلام، على قرار لجنة الإهداءات والسياسات الإعلانية بالهيئة، بنقل الإعلانات من إذاعة القرآن الكريم إلى الإذاعات الأخرى التابعة للهيئة، ووقف بثها على إذاعة القرآن الكريم ابتداءً من الأول من يناير من العام القادم 2025.، وسوف تتكفل وزارة المالية بدعم مالي يغطي أية احتمالات لتراجع عوائد الإعلانات بعد نقلها للبث علي موجات الإذاعات الأخرى.

الاكثر قراءة