تتزايد المخاوف من نشوب حرب تجارية في عام 2025، جراء متغيرات جمة على الصعيد العالمي، سيكون نواة تفجيرها الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، الذي يتبنى سياسات تجارية تقوم على فرض الرسوم الجمركية، بهدف حماية مكانة الدولار كعملة احتياط عالمية، مما يثير المخاوف بشأن تداعيات ذلك على المستوى العالمي.
وسياسة ترامب تلك لن يسلم منها حليف أو عدو، فالكل مُطال بالرسوم الجمركية، بداية من الورادت القادمة من الاتحاد الأوروبي والصين، انتهاءً بالوردات القادمة من المكسيك وكندا، أكبر شريكين تجاريين للولايات المتحدة.
خطوة ترامب تلك ستأتي في وقت مبكر من العام 2025، إذ أكد أن أولى إجراءاته الاقتصادية بعد تنصيبه في الـ20 من يناير المقبل، ستكون زيادة رسوم الجمارك على المنتجات الواردة من الصين فضلًا عن كندا والمكسيك، فيما لم يحدد متى سيأتي دور الاتحاد الأوروبي.
ويرى الخبراء أن من شأن السياسة الأمريكية الجديدة أن تترك تأثيرات واسعة النطاق على الاقتصادات العالمية، حيث تبرز المكسيك والصين وأوروبا كأكثر المناطق تأثرًا.
ويحذر صندوق النقد الدولي بدوره من أن هذه التعريفات قد تُعرقل التجارة العالمية، إضافة إلى التأثير سلبًا على نمو الدول المصدرة، وكذا لن تسلم منها واشنطن، حيث ستزيد من معدلات التضخم في البلاد.
وفي المقابل، لن تقف تلك الدول مكتوفة الأيدي، فمن الطبيعي أن تلجأ إلى الرد بالمثل على التعريفات الجمركية الأمريكية، فعلى سبيل المثال أكد الاتحاد الأوروبي على جاهزيته للرد في حال حدوث توترات تجارية مع "واشنطن".
وفي تهديد واضح إلى دول تحالف "البريكس"، يخطط الرئيس المنتخب لفرض تعريفات جمركية ضخمة تصل إلى 100 بالمائة على الدول التي تحاول التجارة خارج النظام المالي القائم على الدولار، بهدف حماية مكانة الدولار كعملة احتياط عالمية.
ونصًا قال ترامب لدول "البريكس":"نحن نطالب بالتزام من هذه الدول بأنها لن تصدر عملة جديدة للبريكس، ولا تدعم أي عملة أخرى لتحل محل الدولار الأمريكي العظيم، وإلا فإنها ستواجه تعريفات جمركية بنسبة 100 بالمائة، ويجب تتوقع أن تقول وداعًا لالتعاملات التجارية في الاقتصاد الأمريكي الرائع".
وخلال قمة "البريكس" الأخيرة التي عقدت في مدينة "قازان" الروسية، أثير النقاش حول إمكانية إصدار عملة ورقية موحدة لدول التحالف، وذلك في إطار استكشاف بدائل للدولار الأمريكي في المعاملات عبر الحدود.
مخاطر التعريفات الجمركية
وفي شأن تبادل كل من الولايات المتحدة الأمريكية والصين فرض التعريفات الجمركية، يوضح الدكتور كريم العمدة، الخبير الاقتصادي، أن الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين على مستوى العالم من المؤكد أنه سيكون لها تأثير سلبي على الاقتصاد العالمي.
وأشار "العمدة" في حديثه لـ"دار الهلال"، أن كلًا من الولايات المتحدة والصين حجم الناتج المحلي لكليهما يمثل حوالي 43 بالمائة من حجم الاقتصاد العالمي، وبالتالي عند تبادل فرض التعريفات الجمركية بين الدولتين، فمن شأن ذلك أن يؤثر على معدل النمو بالدولتين، وسينعكس ذلك على نمو الاقتصاد العالمي، وذلك بناءً على ما سبق الإشارة إليه من أنهما يمثلان 43 بالمائة من الاقتصاد العالمي.
ومضى موضحًا أن الصين "مصنع العالم"، وهذا يعني أن أي انخفاض في معدل النمو قد تتعرض له سيأثر على العالم بأكمله من نفس الجانب، وذلك نظرًا لأن العالم يقوم على سلاسل إمدادات مرتبطة ببعضها البعض.
وبخصوص تداعيات التعريفات الجمركية التي يعتزم ترامب فرضها في مستهل رئاسته على أكثر من جهة، يقول الخبير الاقتصادي، إنه في حال فرض أي تعريفات من اقتصاديات كبرى سيكون لها تأثير على الاقتصاد العالمي، بما في ذلك مصر، خاصة إن لم يكن هناك اتفاقيات تتعلق بمنتاجاتك.
واستبعد الخبير الاقتصادي ما يتعلق بسعي "البريكس" إلى إيجاد عملة بديلة لـ"دولار"، موضحًا أن ذلك من الأصل حتى يحدث قد يتطلب الأمر فترة زمنية من 10 إلى 15 سنة، لكنه يرى أن الحديث حول ذلك في الأساس مجرد "وهم"، جازمًا بالقول"لن يكون هناك عملة بديلة لدولار".
وتابع قائلًا:"الحديث عن عملة للبريكس مجرد مقترح، وتحقيقه ليس بالسهل، حيث يحتاج إلى درجات معينة من التعاون"، لذا يؤكد أن حديث ترامب عن فرض تعريفات جمركية بنسبة 100 بالمائة على تلك الدول تهديدات لا قيمة لها.