الأحد 5 يناير 2025

فن

في ذكرى ميلادها.. تعرف على صاحبة النظارة السوداء نادية لطفي وسبب دخولها الفن

  • 3-1-2025 | 03:51

نادية لطفى

طباعة
  • أحمد نيازى الشريف

فنانة من طراز خاص، وفتاة شقراء، تجمعت فيها كل مقاييس الجمال ومن يراها لأول مرة ويعرف اسمها يعتقد وكأنها أتت من شمال أوروبا لجمالها الأخاذ، لكن الحقيقة هى فتاة مصرية، وتعد إحدى أيقونات الزمن الجميل، ومن نجمات الفن اللاتي أثرين الحياة الفنية بالعديد من الأعمال الخالدة.

ولدت بولا محمد لطفى شفيق في مثل هذا اليوم، 3 يناير لعام 1937 بحي عابدين بالقاهرة، لأب صعيدي مصري وأم شرقاوية.

 وقعت نادية لطفي في حب ابن الجيران "عادل البشارى"، ذلك الضابط فى سلاح البحرية المصرية، وبمجرد حصولها على دبلوم المدرسة الألمانية تزوجته وأنجبت منه ابنها الوحيد "أحمد".

نادية لطفي وسر اكتشافها 

وفى إحدى احتفالات القوات الجوية بعيد ثورة 23 يوليو حضرت "بولا" الحفل بصحبة زوجها، وصادف وأن كان في ذلك الحفل المنتج ومكتشف النجوم "رمسيس نجيب"، فقام مسرعًا إليها وقدم نفسه لها قائلًا :"انتي ممكن تبقى نجمة، وعندي فيلم يليق بكى فهل تقبلين"، وكانت الإجابة من قبل نادية بالموافقة فترك نجيب الكارت الخاص به لها لكى تتصل به لإتمام إمضاء العقد، أما الزوج فكان في حالة ذهول تام معتقد أن هذا الحوار الذى دار بين زوجته والمنتج نجيب مجرد مزاح فقط لا غير، لكن بعد العودة إلى المنزل قامت بينهما مشادة استغرقت وقتًا طويلًا حتى صباح اليوم التالي منتهيةً بالطلاق، ومن هنا بدأت طريق الفنانة والنجمة والإنسانة "نادية لطفي".

وتوجهت "نادية لطفى" إلى طريق النجومية، وكعادة المنتج "رمسيس نجيب" مع نجومه، لابد وأن يأتى لهم بمن يعلمهم قواعد اللغة العربية، والإلقاء والتمثيل وكيفية الوقوف أمام الكاميرا، وأيضًا التعامل مع الجماهير والعاملين، وخضعت "نادية لطفي" لكل هذه الدروس.

شاركت "نادية" فى عام 1958 بفيلم "سلطان" مع الفنان فريد شوقي، ومجموعة من ألمع نجوم الزمن الجميل وعلى رأسهم الفنان رشدي أباظة، وبرلنتى عبدالحميد، وغيرهم، ويعد هذا الفيلم من إخراج نيازي مصطفى.

وقدمت الفنانة "نادية لطفى" دور "البنت الحلوة" فى مجموعة من الأفلام منها فيلم "الخطايا" أمام عبدالحليم حافظ، وفيلم "حبى الوحيد" أمام الفنان عمر الشريف، وأيضًا فيلم "عدو المرأة" أمام الفنان ودنجوان السينما رشدي أباظة.

ولكنها كسرت هذه القاعدة أو بالأحرى قد ملت من أدوار "البنت الحلوة" فكانت المفاجأة للجماهير فى فيلم "السمان والخريف" فى دور "ريري"، ثم تلاه فيلم "قصر الشوق" فى دور "زنوبة العالمة"، ومن هنا هجرت الفنانة نادية لطفي أدوار "الفتاة الحلوة" الرومانسية نهائيًا، فقدمت أدوارًا جريئة لا تستطيع نجمة أخرى أن تقدمها ، مثل "الخائنة" أمام الفنان القدير "محمود مرسى"، وفيلم " أبى فوق الشجرة" أمام عبدالحليم حافظ، ثم أتى فيلم "المستحيل" وهو أول أفلام حسين كمال وكان الوسط الفنى يقول عن نادية لطفي بأنها "أجرأ"ممثلة مصرية فهي دائمًا ما تميل إلى الأدوار التى تهرب كل النجمات من بنات جيلها.

وصلت الفنانة "نادية لطفي" بنفسها وفنها إلى درجة كبيرة من الثقة بالنفس، بحيث لم تكن ترى أي مشكلة فى أن تقدم دورًا لم تكن فيه بطلة الفيلم.

 

نادية لطفي فنانة وأيضًا إنسانة

وإذا كانت "نادية لطفي" هى نجمة وممثلة مختلفة وجريئة فهي أيضًا لا ينقصها هذه الجرأة على المستوى الإنساني.

فهي من أوائل النجوم المصريين والعرب الذين دخلوا مجال العمل الخيرى، فقد انضمت لمجموعة من المنظمات العالمية التى كانت تنادى بحقوق الحيوان، وتجريم صيد الحيوانات والثعابين لصنع الأزياء والملابس غالية الثمن، وبعد هذه الحملة فقد قامت بيوت الأزياء العالمية بغلق خط إنتاج الملابس التى تصنع من جلود الحيوانات.

وكان لـ "نادية لطفي" نشاط خيرى وإنساني ووطني أثناء الحرب الأهلية في لبنان، فى فترة السبعينيات من القرن الماضي، وقد نقلت مقر إقامتها من مصر إلى بيروت فى تحدىٍ للرصاص والقنابل، وكانت تقدم كل أنواع الدعم للمصابين وأسر ضحاياهم، وقامت أيضًا بحملة تبرعات كبيرة سافرت خلالها إلى بلدان العالم لإعادة إعمار لبنان.

 

قصة تمثيل لكنها حقيقة في حياة نادية لطفي

وأثناء قيام "نادية لطفي" بتمثيل أحد المشاهد فى فيلم "بديعة مصابنى"، وقعت على الأرض مغشيةً عليها ونقلت إلى إحدى المستشفيات التى رأت أن حالتها تستدعى السفر إلى "أمريكا".

وهناك في بلاد السينما حيث استديوهات هوليود كانت الفنانة "نادية لطفي" تعيش قصة فيلم ولكن في هذه المرة كانت القصة حقيقية، فلم تكن هناك بلاتوهات تصوير، ولا ماكياج، ولا ملابس تمثيل، ولكن كانت ملابس بيضاء أما الكوافير فقد تحول هذه المرة إلى "حلاق"، حيث أكدت الأشعات والتحاليل بأن "نادية لطفى" مصابة "بورم فى المخ"، ويجب التدخل الجراحي سريعًا لإزالة هذا الورم، فبدلًا من أن تدخل أستوديوهات "هوليوود" دخلت المستشفى، وبدلا من إضاءة التصوير فكانت إضاءة غرفة العمليات، إضافة لحلاقة شعرها، واستسلمت "نادية لطفي" لسلاح الجراحين، وظن الجميع بأن "لويزا"و "ريرى" و"سهير" التى غنى لها عبدالحليم "الحلوة" أنها قد انتهت، لكن الحياة داخل "بولا محمد لطفى شفيق" كانت أقوى من المرض، فصارعت ذلك المرض اللعين وانتصرت عليه، وعادت مرة أخرى إلى بلدها وفنها وجمهورها أكثر قوة، وكانت فى ذلك الوقت ترتدى "باروكة"، ولكنها داعبت الصحفيين والفنانين الذين كانوا ينتظرونها في صالة الوصول بمطار القاهرة، قائلة لهم "كلها كام شهر وسأترك الباروكة".

 

أزواج الفنانة نادية لطفي

وتزوجت الفنانة نادية لطفى ثلاث مرات، حيث جاءت الزيجة الأولى من الضابط بسلاح البحرية "عادل البشارى" وكان سبب الطلاق عملها في السينما، أما الزيجة الثانية فكانت من المهندس "إبراهيم صادق" وهو شقيق الدكتور حاتم صادق زوج "هدي جمال عبدالناصر" وكان الطلاق بسبب شعورها الدائم بمراقبتها فى بيتها وخارجه، وذلك نتيجة لقرابة زوجها بأسرة رئيس الجمهورية.

أما الزيجة الثالثة فكانت من المصور "محمد صبري"، الذى كان يعمل مصورًا صحفيًا بمؤسسة دار الهلال الصحفية، وكان الطلاق بسبب كثرة سفرها من جمعيات حقوق الحيوان، وسفرها أيضًا إلى أماكن الحروب والنزاعات المسلحة، حيث تقول "بولا" أن الزواج أحيانًا يكون غير صالح لبعض الأشخاص مثلى وهم "المتمردون" بطبيعتهم.

ورغم تقديمها لعشرات الأفلام السينمائية إلا أنها لم تقدم دورًا يشبه الآخر، ولا تحب تكرار نفسها، وتقتحم دائمًا الأدوار الغير تقليدية، ومن وجهة نظرها فكانت ترى أن الفنان هو مجرد ناقل متحرك لشخصيات تعيش بيننا فى الواقع.

فهذه هى حكاية "لويزا" و "زنوبة العالمة" حكاية "ريرى" و "سهير" حكاية فنانة اقتربت من الناس أمام الكاميرا وخلفها، حكاية جمال وشباب وحب ومرض، حكاية فنانة وإنسانة نسيت جمالها الأخاذ وذهبت تعيش وسط دوى القنابل وطلقات الرصاص، ورائحة الدم ورائحة الدم والموت والجراح ومشاهد الدمار والخراب، فلم تترك المكان إلا بعد شفائه من أطماع الأعداء كما شفاها الله من مرضها.

الاكثر قراءة