رأت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية أن أحد أكبر الادعاءات التي يتفاخر بها الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب هو أنه كان أول رئيس أمريكي منذ عقود لم تشهد فترة حكمه "حروب جديدة"، ومع ذلك، يواجه ترامب حربين كبيرتين مع دخوله البيت الأبيض للمرة الثانية.
ولفتت المجلة الأمريكية - في تقرير اليوم /الجمعة/ - إلى أن ترامب صرح بأنه سينهي واحدة من هذه الحروب - الحرب بين روسيا وأوكرانيا - خلال "24 ساعة" عن طريق إجبار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على الجلوس إلى طاولة المفاوضات.
وأما الحرب الثانية، فهي في الشرق الأوسط، التي تعد أكثر تعقيدًا. وقد قال ترامب - لمجلة "تايم" مؤخرًا - إن الحرب بين إسرائيل وحماس وحزب الله هي "أكثر تعقيدًا" من حرب روسيا مع أوكرانيا لكنها "أسهل في الحل".
كما يُتوقع أن تكون هناك عدة صراعات غير مسلحة وقضايا أخرى على رأس أولويات إدارته الجديدة، مثل احتمال إعادة بدء حرب الرسوم الجمركية مع الصين وفرض إجراءات صارمة ضد الهجرة غير الشرعية من المكسيك وأمريكا اللاتينية.
وأشارت المجلة إلى أنه سيكون من بين أولويات ترامب في السياسة الخارجية التعامل مع الحرب المستمرة بين روسيا وأوكرانيا؛ التي ستصل إلى عامها الثالث بعد شهر من بدء ولاية ترامب الجديدة. وقد تعهد الرئيس المنتخب بإنهاء الصراع قبل تنصيبه في 20 يناير 2025.
كما هدد ترامب بزيادة المساعدات العسكرية لأوكرانيا أو إيقافها تمامًا إذا رفض بوتين أو زيلينسكي الجلوس إلى طاولة المفاوضات. ومع ذلك، يبدو أنه يضع عبء المحادثات على أوروبا وليس الولايات المتحدة، في تحول كبير عن نهج إدارة بايدن السابقة في الدبلوماسية بين روسيا وأوكرانيا.
ويبدو أيضًا أن ترامب أكثر استعدادًا للقبول بشروط بوتين في محادثات السلام مقارنةً ببايدن. فعلى وجه الخصوص، أعرب ترامب عن استعداده للتنازل عن بعض الأراضي الأوكرانية المحتلة لصالح روسيا واقترح أن تسحب كييف طلبها للانضمام إلى حلف الناتو لإنهاء الحرب، وهو أمر يعارضه بشدة كل من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والأمين العام للناتو مارك روت.
وتواصل قوات روسيا التقدم غربًا، محاربة الهجوم المضاد الأوكراني في منطقة كورسك الروسية بينما تواصل قصف البنية التحتية للطاقة في كييف استعدادًا لفصل الشتاء القاسي. كما حاولت العديد من الدول الأوروبية جعل سياساتها في مساعدة أوكرانيا محصنة ضد تأثيرات انتخاب ترامب، ولكن مع استمرار الحرب، بدأت هذه الدول في محاولة كسب ود الإدارة القادمة.
وفي الشرق الأوسط، يدخل ترامب البيت الأبيض في فترة من أكثر الفترات تحولًا في تاريخ المنطقة الحديث. لقد وعد بجلب السلام إلى المنطقة، لكن الطريق سيكون صعبًا. فالمنطقة التي طالما كانت مضطربة تعيش حرب إسرائيل وحماس في غزة لأكثر من عام.
وقد غذت حرب غزة التوترات عبر الشرق الأوسط، بما في ذلك اندلاع صراع في لبنان بين إسرائيل وحزب الله، حيث استمرت المعارك رغم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في أواخر نوفمبر. وفي الوقت نفسه، دخلت إسرائيل في تبادل ضربات عسكرية مع إيران.
وفيما يتعلق بالصين، يظل التحدي الأكبر الذي سيواجهه ترامب - خلال فترته الرئاسية الثانية - هو الصراع الاقتصادي والتجاري المستمر بين الولايات المتحدة والصين. ففي مؤتمره الصحفي الأول بعد الانتخابات في ديسمبر، أكد ترامب أن الولايات المتحدة والصين يمكنهما معًا حل جميع مشاكل العالم، ولكنه في الوقت نفسه هدد مجددًا بفرض رسوم جمركية على الصين.
ومن المتوقع أن تتفاقم الحرب التجارية بين البلدين إذا قرر ترامب فرض رسوم جديدة على الواردات الصينية؛ سواء كانت بنسبة 10% أو 60%، أو حتى إلغاء الوضع التجاري "العادي" للصين. وفي هذا السياق، تبدو الصين مستعدة لهذه المواجهة ولديها ترسانة أكبر من الأسلحة الاقتصادية التي بدأت بالفعل في استخدامها. فعلى سبيل المثال، في ديسمبر، ردت الصين على جهود إدارة بايدن لعرقلة تطويرها للشرائح الالكترونية المتقدمة عن طريق حظر تصدير بعض المعادن الحيوية إلى الولايات المتحدة.
ويتوقع اقتصاديون أن تؤدي زيادة الرسوم الجمركية إلى إبطاء النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة ورفع معدل التضخم. كما أن تهديدات ترامب بفرض الرسوم على العديد من البلدان الأخرى، بما في ذلك حلفاء مثل المكسيك وكندا والهند، قد ترفع الأسعار داخل الولايات المتحدة، وتزيد من تكلفة المدخلات الأساسية للمصنعين الأميركيين، وتقوي الدولار الأمريكي، وتضعف عملات الأسواق الناشئة، مما يفاقم التوترات التجارية العالمية.
وستظل الصين من أبرز القضايا التي ستؤثر على سياسة ترامب الخارجية في ولايته الثانية.