تطرقت صحيفة "لوموند" الفرنسية في مقال لها للغموض الذي بات يخيم على مستقبل فرنسا ليس على الصعيد السياسي وحسب وانما على الصعيد الاقتصادي ايضا الامر الذي دفع الجهات الفاعلة اقتصاديا للمطالبة باستقرار الاوضاع والوضوح، ولكنها لم تحصل على أي منهما.
ويبدو ان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لم يكن يتخيل ان قراره بحل الجمعية الوطنية العام الماضي سيكون له كل هذه العواقب ليس فقط على الوضع السياسي للبلاد وانما ايضا على وضعها الاقتصادي.
لقد كان عام 2024 مثقلًا بأزمة نظام غير مسبوقة في ظل الجمهورية الخامسة، ويبدأ عام 2025 في مناخ من عدم اليقين لم يبدده تعيين الرئيس الوزراء الجديد فرانسوا بايرو.
فبقراره حل الجمعية الوطنية في 9 يونيو 2024، جعل ماكرون فرنسا تخوض مخاطرة غير متناسبة وأغرقها في حالة من عدم اليقين.
وقد تسببت نفعية حزب التجمع الوطني ، وتناقضات الجبهة الشعبية الجديدة وطموحات تيارات الكتلة المركزية، في مفاقمة تبعات القرار الرئاسي، وجميعها ظهرت علناً خلال مناقشة الموازنة في خريف عام 2024.
وانتقلت السلطة الى أيدي البرلمانيين، وأدى عجزهم عن تأمين أغلبية للمشاريع المطروحة، أو على الأقل الحصول على اتفاق عدم الرقابة إلى إغراق الدوائر الاقتصادية في وضع ضبابي.
وأدي عدم اقرار مشروع موازنة 2025 إلى ارباك المستثمرين، وخاصة الأجانب الذين نجح ماكرون في جذبهم للاستثمار في فرنسا منذ عام 2017 من خلال الإصلاحات التي ادخلها وعقده قمم "اختر فرنسا". وقد اعرب نصف رؤساء الشركات المتواجدة في فرنسا الذين شملهم استطلاع للرأي أجرته شركة "اي واي" في أكتوبر 2024، أن جاذبية فرنسا تراجعت منذ حل الجمعية الوطنية .
ويشير المعهد الوطني الفرنسي للإحصاء والدراسات الاقتصادية إلى تدهور مناخ الأعمال في ديسمبر 2024 للشهر الثالث على التوالي (باستثناء الصناعة) أما مقياس الأعمال لمجموعة اليورو-بي إف إم بيزنس، الذي نشرته صحيفة "لا تريبيون ديمانش" في الخامس من يناير، فقد كشف أن رؤساء الشركات الفرنسيين بدأوا يتجهون بصورة كبيرة الى نقل استثماراتهم للخارج ولاسيما الولايات المتحدة، وذلك في ظل تشكيكهم في ديناميكية فرنسا .
كما ان العديد من قطاعات الاقتصاد الفرنسي تحتاج الى وضع رؤية لها . فعلى سبيل المثال يحتاج قطاع صناعة السيارات، الذي شهد تراجعا بنسبة 3.2% في مبيعات السيارات الجديدة في عام 2024 (-22% منذ عام 2019)، إلى تحفيز لصالح السيارات الكهربائية. كما ان قطاع التجزئة والخدمات ليس في وضع أفضل. ووصل معدل ادخار الأسر إلى 18% من دخلها، وهو ما يعكس نهج الانتظار والترقب الحذر الذي تتبناه الأسر.
فالبطالة آخذة في الارتفاع، وسوف ينخفض النمو إلى أقل من 1% في عام 2025، بسبب حالة عدم اليقين السياسي.
وقالت الصحيفة الفرنسية في ختام مقالها انه في ظل هذه الاوضاع الصعبة يجب ان تكون المهمة الأساسية للدولة تبديد الشكوك المتعلقة بمستقبلها.