قفزة كبيرة شهدتها تحويلات المصريين في الخارج خلال العام المنقضى ساهمت بشكل كبير في تعزيز موقع مصر ضمن الدول الخمس الأوائل عالميا في مجال تحويلات العمالة من الخارج بعد أن سجلت تحويلات المصريين خلال عام 2024 ارتفاعاً بمعدل 23.7 مليار دولار. هذه الزيادة الواضحة أرجعها الخبراء لعدة عوامل كان أبرزها خطة الإصلاحات الاقتصادية التي اتخذتها الدولة المصرية والسيطرة على السوق السوداء والاستقرار النسبى فى أسعار الصرف، كما أن الدولة تتبع سياسات لجذب استثمارات المصريين في الخارج مثل الشهادات الدولارية والتي جذبت العديد من المصريين في الخارج للاستثمار في مصر وشراء الشهادات البنكية، كذلك المبادرات التي أصدرتها الدولة مثل مبادرة استيراد السيارات والتى شهدت إقبالا كبيرا من المصريين في الخارج ومبادرات أخرى تسعى الدولة من خلالها لزيادة النقد الأجنبي وكسب ثقة المصريين في الخارج ودعمهم للاقتصاد المصرى. ويقدر عدد المصريين العاملين بالخارج بنحو 14 مليون شخص يعمل معظمهم في دول الخليج العربي، حيث تأتى المملكة العربية السعودية في صدارة وجهات العاملين المصريين، ويعمل بها نحو 2.5 مليون مصري، تليها الإمارات والكويت، ويعمل بكل منهما نحو 600 ألف مصري، وفقا لتقديرات رسمية. ويرى الدكتور عمرو صالح، الخبير الاقتصادي، أن تعزيز موقع مصر ضمن الدول الخمس الأوائل عالميا في مجال تحويلات العمالة من الخارج هو أمر طبيعي وفقا للإجراءات التي اتبعتها الدولة منذ تحرير سعر صرف الجنيه فى مارس 2024 والذي قضى على السوق السوداء. وبالتالي أصبح من مصلحة المصرى فى الخارج تحويل الأموال عبر القنوات الشرعية وأكد «صالح» أن التحويلات الخارجية تعد أهم مصدر للدولة لتوفير العملة الصعبة حيث كانت في 2020 أعلى من الصادرات المصرية بعد أن سجلت 25.5 مليار جنيه فى حين أن الصادرات كانت 25 مليار دولار ثم انخفضت بعد ذلك بسبب السوق السوداء، لكن ارتفعت هذا العام لتأتي بعد الصادرات المصرية، لافتا أن المصريين في الخارج قوة اقتصادية كبيرة ومصدر النقد الأجنبي. وأوضح أن مصر تحتاج بشدة لتحويلات المصريين في الخارج وتسعى الدولة عن طريق تسهيل إجراءات التحويل وتخفيض تكلفة التحويل من خلال «انستا باي حيث أصبح التحويل اليوم بـ «ضغطة زر وهو ما سيساعد في زيادة النسبة العام المقبل أيضا. وقال إن من أسباب ارتفاع نسبة التحويلات الخارجية للمصريين في الخارج هو الشهادات الدولارية التي توفرها البنوك، وهو ما يساهم في ضخ الأموال الأجنبية للاستثمار والاستفادة من العوائد التي توفرها الشهادات. ويوضح د. خالد الشافعي، الخبير الاقتصادي، أن استعادة مستويات مرتفعة لتحويلات المصريين بالخارج تتطلب تنفيذ سياسات اقتصادية مدروسة وإصلاحات هيكلية تهدف إلى تعزيز الثقة في الاقتصاد المصري، مشيرا إلى أن هناك عوامل أساسية يمكن أن تدعم هذا الهدف، أبرزها تحسين مناخ الاستثمار وضمان استقرار سعر الصرف، حيث يعتبر استقرار الجنيه المصرى دافعا رئيسيا للمغتربين لتحويل أموالهم عبر القنوات الرسمية. وأضاف أن توفير حوافز مصرفية تنافسية، مثل تقديم أسعار فائدة جذابة على الودائع بالدولار، من شأنه تشجيع المصريين بالخارج على استثمار مدخراتهم داخل البلاد، مشيرا إلى أن تعزيز خدمات التحويل المالي وتقليل تكاليفها يلعب دورا محوريا فى زيادة حجم التحويلات. وشدد على أهمية تقديم خدمات مصرفية رقمية مبتكرة لتسهيل عمليات التحويل، مؤكدا أن الثقة تبنى من خلال سياسات اقتصادية مستقرة وشفافة، إلى جانب أن المشروعات القومية الكبرى تسهم في جذب تحويلات المصريين بالخارج لدعم الاقتصاد الوطني وتعزيز الاستدامة المالية. وقال الدكتور أشرف غراب الخبير الاقتصادي، إن تحويلات المصريين العاملين بالخارج حققت قفزات متتالية وارتفاعها خلال الشهور العشر الأولى من عام 2024 خلال الفترة من يناير حتى أكتوبر بمعدل 45.3 في المائة لتصل نحو 23.7 مليار دولار مقابل نحو 16.3 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام السابق، يرجع إلى نجاح السياسات النقدية التي يتبعها البنك المركزى منذ قرار تحرير سعر الصرف في السادس من مارس الماضى والتى ساهمت في القضاء على السوق الموازي للعملة. وأضاف أن ارتفاع تحويلات العاملين بالخارج تعود المرونة سعر الصرف واستقرار سعر النقد الأجنبى وعدم وجود سوق سوداء لتجارة العملة الصعبة بعد القضاء عليها بشكل نهائي، وهو ما ساهم في زيادة الثقة فى الاقتصاد المصرى وزيادة تحويلات المصريين بالخارج، كما أدى إلى زيادة معدلات التنازل عن الدولار للمصارف الرسمية، ما عزز من قدرة البنوك على تلبية قوائم الانتظار الخاصة بالعملة الأجنبية نتيجة توافر النقد الأجنبى بالبنوك بكميات كافية للمستوردين، موضحا أن من أسباب زيادة تحويلات المصريين بالخارج الاستفادة من سعر الفائدة المرتفع بالبنوك، إضافة لمبادرة طرح أراضي وعقارات بالعملة الأجنبية للمصريين بالخارج. وأضاف «غراب»، أن تحويلات العاملين بالخارج أهم ثاني مصدر من مصادر دخل مصر من النقد الأجنبى، ومن المتوقع أن تصل خلال نهاية العام الحالى لنحو أكثر من 30 مليار دولار، لتعويض تراجع إيرادات قناة السويس نتيجة التوترات الجيوسياسية وتأثيرها من تداعيات الأحداث في البحر الأحمر، موضحا أن تحويلات المصريين بالخارج تسهم في زيادة الاحتياطي النقدى بالبنك المركزي والاستقرار الاقتصادي وتعويض العجز التجارى للبلاد، فقد ارتفع الاحتياطي النقدى الأجنبى ووصل لـ 47 مليار دولار، إضافة إلى أن زيادة تحويلات المصريين يسهم فى استقرار سعر صرف العملة الأجنبية مقابل الجنيه نتيجة زيادة حجم المعروض من النقد الأجنبي. "غراب" أشار إلى أن التحويلات المالية من العملة الصعبة إلى البنوك قد زادت خلال الأشهر الماضية سواء من المصريين العاملين بالخارج أو المؤسسات المالية والمستثمرين الأجانب الراغبين في الاستثمار فى سندات وأذون الخزانة ما زاد من الاحتياطي النقدى واستقرار سعر الصرف، مضيفا أن تسهيل التحويلات المالية للمصريين بالخارج عبر تطبيق إنستا باى فى بعض الدول المحيطة يسهل عملية التحويلات المالية لهم، إضافة إلى قرار البنك المركزي بإصدار التراخيص لعدد من البنوك المصرية لتفعيل خدمة استقبال الحوالات المالية من الخارج وإضافتها فورا إلى حسابات العملاء عبر شبكة المدفوعات اللحظية. لتكملة قراءة الموضوع العدد في الأسواق الان مجلة المصور