"ويكأن القيامة قد قامت".. بهذا تحدث عموم الشعب الأمريكي عن حرائق ولاية "كاليفورنيا"، التي ما زالت مستمرة حتى الآن، وسط تقديرات تشير إلى أن الخسائر تقترب من 150 مليار دولار، ما يجعلها أسوأ كارثة طبيعية تتعرض لها المدينة منذ عقود.
ويُعتقد أن سبب الحريق الذي نشب -الثلاثاء الماضي-في"لوس أنجلوس" أكبر مدن ولاية "كاليفورنيا" الأمريكية تماس كهربائي، حيث تعاني الولاية الأمريكية من تاريخ طويل من حرائق الغابات التي أشعلتها خطوط الكهرباء في الرياح العاتية.
خسائر الحرائق
لقي 10 أشخاص حتفهم، جراء حرائق الغابات المستمرة في مدينة "لوس أنجلوس" منذ الثلاثاء، بحسب مكتب الطب الشرعي في المدينة، وذلك في حصيلة أولية قد تزاد لاحقًا، حيث تستمر الحرائق في الانتشار إلى مناطق جديدة حتى الآن.
وتسببت الرياح العاتية في تأجيج الحريق، حيث بات هناك أربعة حرائق غابات ضخمة في "لوس أنجلوس"، ما تسبب في فرار أكثر من 130 ألف شخص من منازلهم.
وبحسب تقارير إعلامية، يعد حريق "باليساديس" بين "سانتا مونيكا" و"ماليبو" في غرب "لوس أنجلوس"، وحريق "إيتون" في الشرق قرب "باسادينا" من أكثر الحرائق تدميرًا في تاريخ المدينة، وقد أتى على أكثر من 34 ألف فدان وحول أحياء بأكملها إلى رماد.
وبمفرده، أدى حريق "باليساديس" إلى تدمير ما يصل إلى 10 آلاف مبنى، ما يجعله ربما الحريق الأكثر تكلفة في تاريخ الولايات المتحدة، في حين قال مسؤولون إن حريق "إيتون" ألحق أضرارًا أو دمر ما بين أربعة وخمسة آلاف مبنى، كما دمر حريق "باليساديس"أو ألحق أضرارًا بنحو 5300 مبنى آخر.
وقدرت الخسائر بما يتراوح بين 135 و150 مليار دولار، مما ينبئ بصعوبة عملية التعافي وارتفاع تكاليف التأمين على أصحاب المنازل، وذلك وفقًا لشركة "أكيو ويذر" الأمريكية لخدمات التنبؤ بالطقس.
وفي غضون ذلك، أفادت توقعات شركات تحليل مثل "مورنينج ستار" و"جيه بي مورجان" بأن هناك خسائر مؤمنة تزيد على 8 مليارات دولار نتيجة الأضرار التي لحقت بالممتلكات، ما يجعل هذه الحرائق منافسًا رئيسيًا لأحداث مثل حريق "كامب فاير" عام 2018 في الولاية ذاتها، والذي سجل تكاليف مؤمّنة بلغت نحو 12.5 مليار دولار.
ولن يتوقف تأثير تلك الحرائق -بحسب خبراء- على التأثيرات الاقتصادية المباشرة، بل قد تترك تأثيرات طويلة المدى على الصحة العامة والسياحة، فضلًا عن أنها تعمق الأزمة القائمة في قطاع التأمين، إذ اضطرت شركات التأمين إلى رفع الأسعار أو إلغاء التغطية تمامًا جراء ارتفاع مخاطر الكوارث الطبيعية مثل الحرائق والفيضانات.
لا ماء
ووسط اشتداد الحرائق، أثار جفاف صنابير الإطفاء الكثير من الجدل، حيث زاد ذلك من صعوبة التعامل مع الوضع الراهن، وهو ما جعل الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب يقول إن "كاليفورنيا تعاني نقصًا في المياه بسبب السياسات الحكومية الديمقراطية التي تحول مياه الأمطار لحماية نوع غير مفيد من الأسماك".
لكن خبراء قالوا إن جفاف صنابير الإطفاء يعود إلى مجموعة من العوامل، أبرزها الزيادة المفاجئة في الطلب على المياه، مما صعب من عملية إعادة ملء الصنابير بسرعة، موضحين أن بعض المناطق، مثل "باسيفيك باليسادس" و"ألتادينا"، تعتمد على أنظمة مياه محلية تم تصميمها لمكافحة حرائق المنازل، وليست مجهزة للتعامل مع الحرائق الكبيرة التي تلتهم أحياء سكنية بأكملها.
تغير المناخ
وألقى باحثون بلوم على "التغير المناخي" الذي تسبب في تغير مواسم الحرائق في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك "كاليفورنيا"، حيث تشتعل النيران الآن، إذ لم يكن من المعتاد أن تشتعل الحرائق هناك في فصل الشتاء.
ويوضح موقع "أكيو للطقس"، أن "كاليفورنيا" واجهت موجة من الجفاف الذي يبس أشجارها، وجعلها قابلة للاشتعال بشدة ثم اندلعت الحرائق، وأسهمت الظواهر الجوية المتطرفة مثل الرياح الشديدة في نشر الحرائق على أوسع نطاق عرفته الولاية في تاريخها.
وسنويًا، تواجه مجموعة من المناطق حول العالم حرائق غابات، لكن انتشارها مرتبط بطبيعة الرياح في المنطقة، والأهم من ذلك مدى جفاف الأشجار، لأنه مع هذا الوضع تصبح الأوراق أكثر قابلية للاحتراق.
ومع تصاعد أزمة المناخ، يتوقع العلماء أن تزداد شدة هذه الحرائق وطول مدتها وتكرارها، وبجانب ذلك قد تتغير مواعيدها لتصل إلى عمق الشتاء في بعض الأحيان.