قال عنه عبد السلام هارون «إنهم لكثيرون هؤلاء الذين يقدرون شوقي حق قدره، ولكن قلة ضئيلة تعرف اسمه معرفة قد تغطي على معرفة حقيقته العلمية ذات الأثر العميق في جيلنا الحاضر، وبالتالي في الأجيال المستقبلة»
وفي كتاب المجمعيون في خمسين عامًا قال عنه الدكتور مهدي علام:« قد رزق علم العلماء، وتواضع العظماء، في كياسة تنم على جذور عميقة في المعرفة والخلق، وكلماته أقرب إلى الهمس، ولكنها أقوى من أعلى جرس، وهو معطاء سريع التلبية للأوضاع بكثير من واجبات المجمع» إنه المفكر الموسوعي شوقي ضيف.
الميلاد والنشأة
ولد الدكتور أحمد شوقي عبد السلام ضيف، سنة 1910م في قرية من قرى دمياط، وتلقى تعليمه الأوَّلي في كتَّاب بدمياط حفظ فيه القرآن الكريم، وفي سنته العاشرة التحق بالمعهد الديني الابتدائي وتخرج فيه، والتحق بالمعهد الديني الثانوي بالزقازيق، وانتقل منه إلى تجهيزية دار العلوم وحصل منها على «البكالوريا»، ومنها التحق بكلية الآداب في جامعة القاهرة، وحصل فيها على ليسانس الآداب سنة 1935م بترتيب الأول وعينته معيدًا بها.
وفي سنة 1939م حصل على الماجستير، وفي سنة 1942م حصل على درجة الدكتوراه بمرتبة الشرف الممتازة وعُيِّن مدرسًا بكلية الآداب، وترقى أستاذًا مساعدًا فأستاذًا لكرسي الأدب العربي ورئيسًا لقسم اللغة العربية سنة 1956م.
وتخرج على أيدي الموسوعي شوقي ضيف عشرات من حملة الماجستير والدكتوراة في مصر والعالم العربي، ويشغل الكثير منهم درجات الأستاذية في جامعاتهم، ودعته جامعات عربية متعددة ليكون أستاذًا زائرًا بها، ولبَّى دعوتها الكريمة.
مؤلفات شوقي ضيف
قدم المؤلف العلامة شوقي ضيف الذي أسهم في تراث الأدب العربي، وتاريخه بكتب عظيمة ومنها.. تاريخ الأدب العربي «العصر الجاهلي»: أصدر في 1995م، ويعد مرجعًا مهمًا لدارسي الأدب خصوصًا لطلبة الجامعات ولدارسي اللغة العربية.
تاريخ الأدب العربي «العصر الإسلامي» تم إصدار هذا الكتاب عام 1981م، وتحدث فيه عن خطباء وأدباء العصر الإسلامي، والخلافات التي حصلت فيه، والكتاب للبحاثين في الأدب الإسلامي خاصة.
تاريخ الأدب العربي «العصر العباسي» على الرغم من أن هذه الكتب تبدأ بالتاريخ، إلا أنه لم يسرد لنا الأحداث والوقائع بصورة سردية، أو قصصية؛ وإنما اهتم بما حصل في هذا العصر من تطور على مستوى الأدب، وألف كتاب « دراسات في الشعر العربي المعاصر».
«تيسيرات لغوية» تم إصدار هذا الكتاب في 1990م، ويتصف هذا الكتاب باللغة المتأنقة وعدم التقييد.
«البلاغة وتطور التاريخ» وفي هذا الكتاب اهتم بسرد كيفية تطور البلاغة على مر التاريخ، وكيف توظف الأبيات الشعرية في كتب ودراسات البلاغة، بصورة مفيدة للدارس.
«الفكاهة في مصر» أصدر هذا الكتاب عام 1985م، نرى أن الفكاهة والأسلوب الساخر أحيانًا يكون فناً بحد ذاته؛ فالجاحظ مثلاً عرف بأسلوبه الساخر في بعض كتاباته؛ مثل رسالته في الحيوان.
وكتب شوقي ضيف كتب في الأدب من خلال النظرية التاريخية، قسم الأدب إلى عصور وصنف كل الشعراء والكتاب حسب الحقبة التي عاشوا فيها، وبنظري ونظر الدارسين هذا الأسلوب في كتابة الأدب له جوانب سلبية؛ منها..أحيانا يكون الشاعر قد عاش في فترتين؛ فيؤدي ذلك إلى إيقاع اللبس عند الدارس، ويوقعهم في الخطأ أحيانا
نشاطه المجمعي
انتخب الدكتور شوقي ضيف عضوًا بمجمع اللغة العربية سنة 1976م، في المكان الذي خلا بوفاة الأستاذ الشيخ عطية الصوالحي، وأصبح منذ هذا التاريخ عضوًا بارزًا فيه، وانتخب أمينًا عامًّا له سنة 1988م، ثم نائبًا للرئيس سنة 1992م، وأصبح رئيسًا للمجمع منذ سنة 1996م، ورئيسًا لاتحاد المجامع اللغوية العلمية العربية حتى وافته منيته عام 2005م.
وانتخب شوقي ضيف عضوًا بالمجمع لا يخلو مؤتمر من بحوثه ومقالاته، وهو يشارك مشاركة فعَّالة في أعمال لجان عديدة، منها.. لجنة المعجم الكبير، ولجنة الوسيط، ولجنة الأصول، ولجنة الألفاظ والأساليب، ولجنة الأدب، ولجنة الشريعة، ولجنة الجيولوجيا، أن قدَّم إلى لجنة الأصول مشروع تيسير لتعليم النحو للناشئة فأقرته، وعرضته على مجلس المجمع ومؤتمره فوافقا على معظم بنوده، ومنذ أن انتخب رئيسًا للمجمع يلقي كلمة في افتتاح المؤتمر حتىرحيله عن عالمنا.
الجوائز والأوسمة
حصل شوقي ضيف على العديد من الجوائز والأوسمة والتكريمات منها.. جائزة الدولة التقديرية في الأدب العربي سنة 1983م، ونال جائزة الملك فيصل العالمية في الأدب العربي سنة 1983م، وجائزة مبارك في الآداب سنة 2003م.
وحصل على دروع من جامعات وهيئات متعددة أهمها: درع جامعة القاهرة، درع جامعة الأردن، درع المجلس الأعلى للثقافة بمصر، درع فارس للثقافة الجماهيرية المصرية، درع ملتقى القرضابية الثقافي الليبي.
رحيل وأثر باق
رحل شوقي ضيف عن عالمنا في 10 مارس عام 2005م، عن عمر يناهز 95 عامًا في وترك لنا أثرًا عظيمًا، حيث أسهم بمؤلفاته ودراساته المتعددة والمتنوعة في تراثنا التاريخي العربي، الذي نفخر به على مرّ العصور، هذا التراث الذي نتدارسه الآن في الجامعات العريقة في تخصصات عدة، وأهمها تخصص اللغة العربية وآدابها، تراثا لا نزال نفخر به على مر الأزمان والعصور ما حيينا أبدًا.