سيناء.. «أرض الفيروز»، البقعة الغالية من أرض مصر، وصاحبة «نصيب الأسد» من المحبة فى قلوب المصريين، الأرض التى ارتوت بدماء الشهداء وحررتها «عزيمة الأبطال»، وعلى مر التاريخ كانت مطمعًا لكل مغتصب أو حالم بـ«احتلال مصر»، بل هناك من كان يعتبرها «الجائزة الكبرى»، ولهذا وكثيراً كانت «سيناء» حاضرةً على «خرائط الحروب» وفى خطط «المؤامرات»، غير أن جنود مصر، وفى كل مرة كُتب عليهم القتال، كانوا يدافعون عنها بدمائهم وأرواحهم، ويبعدون عنها قوى الشر، ليرتفع علم مصر عاليًا، خفاقًا فى سمائها.
سنوات كثيرة مرت بعد تحرير سيناء، يمكن وصفها بـ«أعوام التجاهل»، فقطار التنمية لم يسعَ أحد لتوجيهه صوبها، ولم تعمل أى حكومة على تنميتها بـ«قدر ما تستحق»، وهو ما يمكن أن يبرر اتجاه بعض أجهزة المخابرات العالمية للتعامل معها كونها «وكرًا» جيدًا للجماعات الإرهابية والكيانات المتطرفة، وبالفعل شد بعضهم الرحال إليها، وبدأ أتباع «الشيطان» فى توجيه بوصلتهم ناحيتها، غير أن سنوات قليلة مضت، واستطاعت القوات المسلحة بالتعاون مع الأجهزة الأمنية تنظيفها وإفشال المخطط العالمى لتحويلها إلى «إمارة إرهابية».
الرئيس عبدالفتاح السيسى، منذ سنواته الأولى فى الحكم، وبحكم طبيعته العسكرية كان يُدرك جيدًا مخططات «أهل الشر» الخاصة بسيناء، ولهذا لم يتردد فى التوجيه بحمايتها وتطهيرها من «الإرهاب الأسود»، ولم يتأخر فى إطلاق مخططات التنمية الشاملة على أرض الفيروز، فبدأت «آلات البناء» تعمل فى شق الأنفاق واستصلاح الأراضى وبناء المصانع والكيانات الاقتصادية، وتحولت «أرض الفيروز» فى غضون سنوات قليلة إلى قِبلة مفضلة للمستثمرين المحليين والدوليين.
«التنمية الشاملة» التى أطلقها الرئيس «السيسى»، لم تتجاهل «أهل سيناء»، بل وضعتهم فى «قلب الحدث»، سواء بتنفيذ المشروعات السكنية والمشروعات الاستثمارية والخدمية، ليس هذا فحسب، لكن الرئيس لم يترك مناسبة دون الإشارة إلى التضحيات الهائلة التى قدمها «أهل سيناء» لمصر، سواء فى «سنوات الحرب» أو «أعوام مواجهة الإرهاب»، وتأكيده أنه كما كانت الحرب من أجل تحرير سيناء واجبًا وطنيًا مقدسًا، وكذلك كانت الحرب من أجل تطهيرها من الإرهاب، فإن تنمية سيناء وتعميرها واجب وطنى مقدس أيضًا، وأن سيناء تشهد جهودًا غير مسبوقة لتحقيق التنمية الشاملة فى الصحة والتعليم والبنية الأساسية وجميع مقومات العمران والصناعة والزراعة، فى إطار مشروع قومى ضخم يستحق أن يقدم المصريون التضحيات اللازمة من أجل تنفيذه، حمايةً وصونًا لأمن وسلامة الوطن كله.
التنمية الشاملة التى تشهدها سيناء، لم تقف عند حد «الحجر»، لكن المتابعة الجيدة تكشف أن أهلها كان لهم نصيب من «التطوير والتغيير» الذى تشهده مصر، ليس هذا فحسب، لكنهم أيضًا كانوا حاضرين فى ذهن الرئيس وهو يُرسى قواعد «الجمهورية الجديدة»، وهو ما أوضحته العديد من القرارات التى اُتخذت خلال الفترة الماضية، والتى كان آخرها القرار الجمهورى الذى أصدره أمس الثلاثاء بالعفو الرئاسى عن أربعة وخمسين من المحكوم عليهم من أبناء سيناء.
وقد جاء «العفو الرئاسى»، إعمالًا للصلاحيات التى منحها الدستور للرئيس، واستجابةً لطلب نواب ومشايخ وعواقل رفح والشيخ زويد بمحافظة شمال سيناء، وتقديرًا للدور التاريخى لأبناء سيناء فى جهود مكافحة الإرهاب وتحقيق التنمية والاستقرار، وكذا فى إطار اهتمام الرئيس بالظروف الإنسانية للمحكوم عليهم فى القضايا المختلفة، وهذه خطوة جديدة تؤكد القناعة الرئاسية المتواصلة بضرورة منح الفرصة الثانية لكل مواطن وقع فى الخطأ طالما أنه عازم على عدم الرجوع لهذا الموقف، وفى الوقت نفسه حرص الرئيس السيسى على تجميع شمل الأسر، وتخفيف هموم المواطنين ما أوتى لذل
ك سبيلاً.