وقف الخلق ينظرون جميعًا.. كيف أبنى قواعد المجد وحدى
وبناة الأهرام فى سالف الدهر.. كفونى الكلام عند التحدى
منذ اللحظة الأولى لمشاهد استقبال الرئيس عبدالفتاح السيسى لضيوف مصر استعدادًا لانطلاق النسخة الحادية عشرة لقمة الثمانى النامية فى القصر الرئاسى الجديد بالعاصمة الإدارية مؤخرًا، وجدت نفسى كغيرى من ملايين المصريين أتغنى بفخر، وأردد باعتزاز هذين البيتين من قصيدة «مصر تتحدث عن نفسها» لشاعر النيل حافظ إبراهيم فى مدح أم الدنيا، لأن ملامح الانبهار كانت واضحة، وشدة الإعجاب كانت حاضرة على وجوه كل القادة والرؤساء والمرافقين لهم من النقلة الحضارية التى نجحت فيها الدولة، سواء داخل هذا القصر الجميل أو خارجه فى عاصمة الجمهورية الجديدة، ومبعث السعادة، ومصدر البهجة، وسر الفرحة هو أن تلك الصور على الهواء مباشرة شهادة حية توثق صواب الرؤية الوطنية، وسداد الإرادة السياسية فى التزام «اختيار البناء» وتفضيل مسار التعمير، والتركيز على التنمية الشاملة بينما كانت ومازالت دول إقليمية وقوى دولية مشغولة بإشعال الأزمات، ونشر الخلافات، وإثارة الصراعات، وتدبير المخططات الهدامة، وتنفيذ المؤامرات التخريبية، وسنن الله فى كونه، من يبنى ويعمر يصعد ويقوى، ومن يهدم ويدمر يهبط ويضعف،
ما أجمل الشعور بعظمة الإنجاز، وما أحلى الإحساس بحلاوة النجاح، وما أبدع الاعتراف بلغة الأفعال من الخارج وليس الداخل، فما بالك إذا كان من فئة الزعماء وصناع القرار، وأهل الحل والعقد فى بلادهم، لأنه لا مجال للمجاملة، ولا مكان للمزايدة، بل إنها من الوهلة الأولى فلا وقت للتصنع، ولا فرصة للتكلف، ولا حاجة للتملق، إنها حالة ذهول تلقائية من روعة الإبداع، وجمال الابتكار، وبهاء الإنشاء، وبراعة التخطيط، ودقة التنفيذ، وهذا برهان ساطع، ودليل دامغ على أن التخطيط وحسن الإدارة كان ومازال هو الذى يحكم منظومة العمل فى هذه المدينة الذكية، وتلك العاصمة الإدارية وغيرها من المشروعات فى الجمهورية الجديدة، فالصحراء المهجورة تحولت إلى بيئة جاذبة للاستثمارات من كل حدب وصوب، وفى نفس الوقت أصبحت تحفة فنية أبهرت كل من يراها، والعمارة المصرية فى القصر الرئاسى وما حوله من مبانٍ وإنشاءات إبداع وطنى خالص، وتصميم فرعونى وإسلامى يحافظ على جوهر الشخصية المصرية، ويؤكد توارث الموهبة جيلاً وراء جيل، ولتذهب أكاذيب أهل الشر إلى الجحيم، فهى مجرد مكايدات حقيرة، ومزايدات بائسة من ميليشيات إلكترونية لإفساد فرحتنا بكل إنجاز، وتعكير سعادتنا بكل نجاح، هدفهم هم ومن لف لفهم الخبيث هو كسر تماسك المصريين وإسقاط الدولة المصرية، وها هى محطة جديدة تكشف قهرة قلوبهم، وضيق صدورهم، ومحاولاتهم المستمرة بكل الطرق لتشويه نجاحات دولة 30 يونيو وقائدها الرئيس السيسى، رد الله كيدهم فى نحورهم.
ومادام الشيء بالشيء يذكر، فإن فرحة غالبية رواد «السوشيال ميديا» من المواطنين بانبهار القادة والرؤساء بالعمارة فى القصر الجمهورى الجديد بالعاصمة الإدارية تؤكد ولاء المصريين وفخرهم بما حدث من تنمية وتعمير، وقدرتهم على الفرز والتمييز بين الغث والسمين من الكلمات والصور والفيديوهات التى طاردتهم للتشكيك فى مسار البناء، ومسيرة العمران بحجة أن الظروف الاقتصادية لا تسمح، والأولى الإنفاق على الطعام والشراب رغم تكرار تأكيد مسئولى شركة العاصمة الإدارية أن الموازنة العامة للدولة لم تتحمل أية أعباء فى ملحمة تشييد درة مدن الجيل الثالث المصرية، وفى ذات الوقت هذا الموقف يجعلنا كمواطنين على بينة من أمرنا بشأن التجربة المصرية فى التنمية الشاملة، فهى وطنية بامتياز لأنها بداية من طرح الفكرة مرورًا بمراحل العمل المتتابعة وصولاً إلى اكتمال الإنجاز كلها من صنع العقول المصرية، وتنفيذ الأيدى الوطنية، وبخبرات محلية، وهذا مكمن قوة بلدنا، وأيقونة تفردها فى كل العصور، فلسنا مضطرين لاستيراد الأفكار، ولا مجبرين على استقطاب الخبرات، ولا مكرهين على جلب السواعد من الخارج لبناء المشروعات أو صناعة الأمجاد، وما أعظمها نعمة، وما أنبلها من منحة لا يعرف قدرها إلا من حُرم منها.
ولدى قناعة تامة بأن انبهار قادة قمة الثمانى النامية للتعاون الاقتصادى بالنموذج المصرى فى البناء والتعمير، وما تبعه من أصداء إيجابية فى مختلف وكالات الأنباء العالمية، والصحف والقنوات الدولية، وعبر مواقع «السوشيال ميديا» محليًا وعالميًا ينبع من الرغبة الأكيدة فى السير على طريق القاهرة الصحيح فى اتجاه التنمية، وتجنب الوقوع فى دوامة الصراعات، فها هى مصر رغم أنها دولة فى إقليم ملتهب بالحروب ومنطقة مشتعلة بالخلافات ومليئة بالنزاعات استطاعت بقوة عزيمتها وشدة إرادتها وحكمة قيادتها ووعى شعبها أن تقفز على حالة الكراهية وتتغلب على أجواء البغضاء، وتهزم مواطن الشقاق، ولا تلتفت إلى صناع المؤامرات الهدامة، وتتجاهل أصحاب المخططات التخريبية على مختلف الاتجاهات، وغالبية الجبهات، وتختار سكة البناء، وتنطلق فى مسار التنمية مما جعلها دولة تتمتع بالقوة الشاملة فى كل المجالات، وجميع القطاعات، فهى تعمل ليل نهار لتحسين مستوى معيشة مواطنيها، وفى نفس الوقت قادرة على حماية أمنها القومى فى الظروف كافة، والسيناريوهات جمعاء، فلم تضع وقتًا فى الإساءة لأى دولة، ولم تدبر للإيقاع بأى نظام، ولم تفكر فى البحث عن مصلحة من وراء إسقاط أى عاصمة، بل إن الدولة المصرية بقيادة الرئيس السيسى دائمًا تمارس السياسة بشرف، وتحترم سيادة الدول، وتشجع على حل الخلافات بالطرق السياسية وعلى مائدة الحوار، ونبذ اللجوء إلى لغة القوة والسلاح لأن كل الأطراف خاسرة لا محالة، وتسعى القاهرة دائمًا لدعم المؤسسات الوطنية فى كل البلدان، ومساندتها بكل الوسائل من أجل الحفاظ على الأوطان، وحماية الشعوب من ويلات الصراعات، وكوارث التشرد.
والمتأمل للتجارب فى دول المنطقة يدرك دون عناء أن الرؤية المصرية ثاقبة، وخبرتها نافذة، وتقديرها للموقف حكيم، ففى الوقت الذى تفرغت فيه قوى إقليمية للهدم، وعمدت دول إلى نشر الفوضى، ودأبت عواصم على تقسيم البلدان، وانكبت أجهزة استخباراتية على صياغة مؤامرات تفكيك وإسقاط دول وتشريد شعوبها شرقًا وغربًا؛ هربًا من دوامة الصراعات الداخلية، والتدخلات الخارجية، شغلت مصر نفسها بترسيخ ثقافة التنمية الشاملة، والبناء على المستوى الداخلى فحققت منظومة كاملة من المشروعات القومية مترامية الأطراف، متعددة المكاسب، غزيرة الفوائد لصالح شعبها، ثم انعكست الثمار على مؤسساتها الوطنية فأصبحت أقوى على المواجهة، وعصية على الكسر، وقادرة على حماية أمنها الداخلى من خلال منظومة أمنية وشرطية تمتلك القدرة على فرض الأمن فى كل ربوع الوطن، وتحمى المواطن من أى تجاوزات للخارجين على القانون إلى مخططات الفوضى وصناع الشائعات، وعلى مستوى الأمن القومى يقف أبطالنا فى القوات المسلحة على أهبة الاستعداد لأى معتدٍ، وهم مسلحون بعقيدة الكفاءة القتالية من خلال التأهيل المتواصل والتدريب المنتظم، مع امتلاك القوة والردع بتسليح شامل وفقًا لأحدث الأنظمة والتكنولوجيات.
وعلى النقيض نجد دولاً أخرى فى هذا الإقليم المضطرب لا تكل ولا تمل من التورط فى مؤامرات إشعال الحروب، وتوسيع دائرة الصراع رغم الخسائر الكبيرة على كل المستويات، والمثال الصارخ هنا هو دولة الاحتلال الإسرائيلى، صحيح أنها فى حربها الغاشمة على قطاع غزة ولبنان ثم سوريا واليمن تمكنت من تدمير البنية التحتية، وهجَّرت السكان، ودمرت كل وسائل الحياة فى العديد من المناطق إلا أنها خسرت بكل المقاييس معركتها مع الرأى العام العالمى، وكُشف النقاب عن وجهها القبيح فى ارتكاب جرائم الحرب والإبادة الجماعية، وما حدث من موجة غضب عارمة فى غالبية الجامعات الأمريكية والغربية ضد الكيان الصهيونى، فى سابقة هى الأولى من نوعها، لا يحتاج لمزيد من التحليل أو كثير من التنظير رغم ضخامة فاتورة الحملات الإسرائيلية فى الدعاية بمليارات الدولارات سنويًا عبر مختلف وسائل الإعلام الأمريكية والأوروبية لتبييض وجه تل أبيب القذر، وأفعالها المشينة، ويكاد لا يختلف أحد من المحللين المنصفين دوليًا وليس عربيًا فقط على أن نتائج حربى غزة ولبنان تنعكس بشكل سلبى على صورة اليهود عامة فى العالم وليس الإسرائيليين فقط، ولم تعد تنطلى السردية الصهيونية المناهضة لإقامة الدولة الفلسطينية على الرأى العام الغربى، ناهيك عن الخسارة الفادحة فى كل المجالات من الاقتصاد إلى السياحة والزراعة وغيرها وما خفى كان أعظم، وافتقاد الأمن الذى يعتبره كل إسرائيلى شريان الحياة.
وأيضاً هناك قوى تآمرت واستثمرت كثيرًا فى أذرعها بعدة دول، وتوظيفهم لصالح أغراضها ضد شعوبهم ومؤسساتهم الوطنية، وقدمت صناعة الفوضى على اختيار البناء، ولكن «ليس كل مرة تسلم الجرة»، فقد توالت خسائر هذه القوى فى كل الدول التى ظنت أنها سيطرت على مقاليد الأمور فيها، وحتى سيادتها تعرضت للاختراق عدة مرات مما أفقدها الهيبة إقليميًا ودوليًا، وأظن -وليس كل الظن إثماً ـ أن دولاً أخرى سيكون هذا مصيرها فى قادم السنوات حتى لو أوهمت نفسها بنجاح مخططها فى إسقاط الأنظمة والمجىء بأخرى موالية لها، لأن الأيام دول، وكما تدين تدان، وعلى الباغى تدور الدوائر.
ويحسب للدولة المصرية بقيادة الرئيس السيسى أنها استطاعت فى النسخة الحادية عشرة لقمة الثمانى النامية بالعاصمة الإدارية أن تثبت للعالم أجمع فى هذه المرحلة الفارقة من تاريخ البشرية أن هناك دولاً تسعى للتعاون وقادرة على تحقيق التنمية ولديها عزيمة على تحسين مستوى معيشة شعوبها، فليس كل العواصم مشغولة بالحروب، وعازمة على مواصلة الصراعات، ومصرة على تنفيذ مخططات التخريب والهدم، ومن المؤكد أن صور رئيسى تركيا وإيران المشاركين فى هذه القمة توقف أمامها الكثيرون خصوصًا أنهما يتسابقان علانية وسرًا على انتهاك سيادة بعض دول المنطقة وخصوصًا سوريا فى هذه الأيام، ويمكن أن تكون تلك الاجتماعات وهذه اللقاءات فرصة لمراجعة النفس، والتراجع عن سياسة إشعال الخلافات، والسير على طريق القاهرة فى البناء والتنمية.
حمى الله مصر وشعبها وقيادتها ومؤسساتها الوطنية من كل سوء.