برؤية تاريخية، قدّم الدكتور محمد عفيفى، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة القاهرة، تشريحًا دقيقًا لما يجرى فى الإقليم المُشتعل دون ثمة آمال قريبة للاستقرار، معتبرًا أن الصراع فى سوريا ليس وليد اللحظة، بل له جذور قديمة لهذه المنطقة «الرخوة» التى طالما كانت ساحة للتنازع بين القوى الكبرى.
ومع ذلك، فالأمل يبقى حاضرًا مع «د. عفيفي» الذى شدد على الاحتياج الضرورى لـ«مشروع للإصلاح العربى»، تقوده جامعة الدول العربية، وتدعمه القوى العربية الفاعلة وعلى رأسها مصر والخليج، لإنقاذ ما يُمكن إنقاذه قبل أن تتواصل سلسلة السقوط المتتالية للدول العربية الوطنية، مستندًا فى ذلك للمثل التاريخى «بيدى لا بيد عمرو».
ورغم تأكيد «د. عفيفى» بأنه ليس من أنصار «نظرية المؤامرة»، لكنه يدرك يقينًا أن هناك مخططًا لإعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط برُمتها، وبدا ذلك واضحًا فى تتابع الأحداث منذ احتلال العراق عام 2003، وصولًا لما يجرى فى سوريا، وذلك برعاية أمريكية وإسرائيلية.. وإلى نص الحوار:
ما رؤيتك لما يُسمى بـ»نظرية الصراع على سوريا».. وكيف أنها تاريخية وليست وليدة اللحظة الراهنة؟
الأحداث المتتابعة فى الوقت الحالى تؤكد نظرية الصراع على سوريا، وإذا عدنا إلى وقائع التاريخ سنجد ما يدعم هذه النظرية.
هناك تحليل يُسمى «التحليل الجيوسياسى» يُحاول تفسير الصراعات وفقًا للتاريخ ووقائع الجغرافيا والتفاعلات السياسية.
هناك نظرية تقول إن المنطقة التى تمثلها سوريا – والمقصود هنا بسوريا تاريخيًا هو بلاد الشام بأكملها– والتى كانت دائمًا مسرحًا للصراع، أما الجمهورية العربية السورية الحالية فهى نتاج حديث عقب اتفاقية سايكس بيكو والانتداب الفرنسى الذى قسَّم بلاد الشام.
إذن، فالمقصود بالصراع على سوريا هو الصراع على بلاد الشام عمومًا، وسوريا الحالية بشكل خاص، وبحسب التحليل الجيوسياسى، تُعد هذه المنطقة «منطقة رخوة»، ودائمًا ما تكون ساحة فراغ تتنازع عليها القوى الكبرى.
تاريخيًا، كان هناك صراع بين القوى الموجودة فى آسيا الصغرى (تركيا حاليًا)، والقوى فى فارس (إيران حاليًا)، والقوى فى مصر (قديمًا) على من يُسيطر على هذه المنطقة.
هذا الصراع يعود إلى العصور القديمة؛ فهناك صراعات قديمة بين الحيثيين والفرس، ثم جاء الإسكندر الأكبر الذى حارب الفرس، وحتى فى زمن الفراعنة كانت مصر القوية تحمى هذه المنطقة.
فى العصر العثمانى، استولى العثمانيون على بلاد الشام، وصولًا إلى إيران الحالية التى تطمح للوصول إلى شرق البحر المتوسط، بما يشكله من منفذ استراتيجى نحو أوروبا والعالم.
كذلك، تسعى روسيا منذ زمن بطرس الأكبر فى القرن السابع عشر للوصول إلى المياه الدافئة، حيث تعانى موانيها الشمالية من التجمد، مما يعرقل حركة السفن، لذلك كانت روسيا حريصة على إنشاء قواعد لها فى المنطقة.
وكيف باتت إسرائيل تسعى للسيطرة على تلك المنطقة؟
المستجد الذى حدث فى هذه المنطقة كان مع ظهور إسرائيل، إذ سعت لتوسيع نفوذها للسيطرة على المنطقة بشكل كبير.
ثم جاءت الولايات المتحدة الأمريكية، العملاق الأكبر، التى تسعى للسيطرة على منطقة الشرق الأوسط وشرق البحر المتوسط لعدة أسباب، منها الغاز الطبيعى، وحماية حليفتها إسرائيل، وضرب أقوى أعدائها –إيران وروسيا– من خلال التواجد فى هذه المنطقة.
من هنا، ظهرت تحالفات جديدة كان أبرزها التحالف بين تركيا والولايات المتحدة لتغيير موازين القوى فى المنطقة بشكل كبير، بحيث تتولى تركيا ملف المنطقة، وبالتالى، تُبرز نظرية الصراع على سوريا وكيف كانت هذه المنطقة هدفًا لقوى عديدة، منذ التاريخ القديم وحتى اليوم، سعيًا للسيطرة على شرق البحر المتوسط والتحكم بمنافذه.
بمناسبة إشارتك لاتفاقية سايكس بيكو، البعض يرى أن هناك مخططًا جديدًا لتقسيم المنطقة مشابهًا لما حدث فى تلك الاتفاقية.. ما رؤيتك لذلك؟
أنا لست من أنصار نظرية المؤامرة بشكل عام، ولكننى أؤمن بأن الدول والقوى الكبرى تعمل دائمًا لتحقيق مصالحها وتتدخل لتحقيق هذه المصالح.
فى المقابل، ترى القوى الأخرى هذه التحركات كمؤامرة أو لا، لكن هذه هى طبيعة السياسة، فهى فى جوهرها سلسلة من المؤامرات.
لا شك أن هناك مخططًا أو إعادة تخطيط لمنطقة الشرق الأوسط بشكل كبير، وهذا الأمر بدأ بشكل واضح منذ احتلال العراق عام 2003 وما تبعه من أحداث.
كما أن «مخطط الشرق الأوسط الكبير» هو مخطط أمريكى يهدف إلى إعادة توزيع القوى فى منطقة الشرق الأوسط، وإدماج إسرائيل بشكل أعمق فى المنطقة، والقضاء على الأنظمة المعادية للسياسات الأمريكية.
وفى نفس الوقت فالهدف الأساسى من هذا المخطط كان ضمان أمن إسرائيل فى المنطقة، ولذلك لم يكن مفاجئًا أن أولى الخطوات فى سوريا تضمنت السماح لإسرائيل بشن هجمات على الأسطول السورى، وتدمير مخازن ومطارات الجيش السوري.
الأمر الأكثر إثارة كان الدعوة إلى حل الجيش السورى والدعوة لإلغاء التجنيد الإجبارى وتحويل الجيش إلى جيش تطوعي.
ماذا تحمل هذه الدعوات من تبعات على سوريا والمنطقة؟
هذا التحرك له دلالات عديدة؛ فمن ناحية، كان الجيش السورى يمثل تهديدًا لإسرائيل، رغم كل التحديات التى واجهها، ومن ناحية أخرى كان يُعد عائقًا أمام تركيا بسبب الصراعات الحدودية المستمرة بين البلدين.
وفى كل الأحوال لا يمكن أن ننسى قضية لواء الإسكندرونة، الذى ضمته تركيا إلى أراضيها عام 1939، وأصبح الآن جزءًا من جنوب تركيا، بينما كانت الحكومات السورية المتعاقبة، خاصة تحت نظام البعث، تطالب باستعادته باعتباره منطقة عربية، رغم ذلك، فإن ضم هذا اللواء أصبح أمرًا واقعًا ولم تعترف سوريا به رسميًا.
وجود جيش سورى قوى، رغم كل مشاكله السابقة، كان يُشكل تهديدًا مزدوجًا لكل من إسرائيل وتركيا، ولذلك، كان من المثير للدهشة أن يُسمح لإسرائيل بتدمير قدرات الجيش السورى، وأن يدعو النظام الجديد إلى إلغائه، بما فى ذلك الخدمة الإلزامية، وبالتالى فهذه الإجراءات تثير الكثير من التساؤلات حول الأهداف الحقيقية وراء تلك السياسات.
هل أمريكا وحدها تقف وراء ما يحدث فى المنطقة حاليًا، وخاصة ما جرى بسوريا؟
بالطبع لا. الولايات المتحدة ليست وحدها التى تقف وراء هذا المخطط، فتركيا تلعب دورًا كبيرًا أيضًا، وهناك تنسيق واضح بين الطرفين.
الرئيس الأمريكى دونالد ترامب صرّح بوضوح بأن تركيا تتحكم بفصائل سوريا وبيدها مفتاح الأحداث.
التعاون الأمريكي-التركى فى سوريا ينبع من تقاطعات مصالحهما، فتغيير النظام فى سوريا يخدم مصالح الولايات المتحدة وتركيا على حد سواء. فمن ناحية، هذا التغيير يوجه ضربة لإيران ويحد من نفوذها الذى كان قويًا فى سوريا بعد تراجع نفوذها فى لبنان.
ومن ناحية أخرى، يضعف الوجود الروسى فى سوريا، حيث كانت سوريا تمثل أكبر قواعد روسيا فى شرق البحر المتوسط، وتكاد تخرج من سوريا بشكل كامل.
كما أن روسيا بدأت بنقل بعض قواعدها إلى شرق ليبيا حاليًا، وأرجو ألا تكون ليبيا الملف التالى بأن ينتقل الصراع على شرق البحر المتوسط من سوريا إلى ليبيا، لأنه إذا كانت روسيا تنقل معداتها إلى شرق ليبيا، فتركيا موجودة فى غرب ليبيا وكذلك لأمريكا نفوذ فى تلك المنطقة.
من المستفيد الأبرز من هذا المخطط الذى ذكرته وسط تشابك الملفات وتعارض المصالح؟
المستفيد الأول مما يجرى هو الولايات المتحدة وإسرائيل بالقطع، ثم تركيا ثالثا.
المنطقة تخضع لإعادة تشكيل من جديد، وهناك قلق متزايد فى العراق حاليًا، وهناك محاولة لإبراز عودة السنة إلى السلطة فى سوريا بعد نظام البعث العلوى بقيادة حافظ الأسد ومن بعده بشار الأسد، وبالتالى هناك تساؤلات بشأن وضع السنة فى العراق.
للأسف، يُستخدم الخطاب الطائفى فى العراق لإعادة تأجيج النزاعات فى المنطقة، خاصة بعد وصول الجولانى إلى الحكم فى سوريا.
بالطبع من مصلحة الولايات المتحدة أن تكون الحكومة العراقية بيد السنة نكاية فى إيران.
القلق يمتد إلى العراقيين أنفسهم؛ فرئيس الوزراء العراقى «السوداني» أعرب عن اهتمام العراق بتداعيات ما يحدث فى سوريا، لأنه بالقطع مشكلة كبيرة.
ما انعكاسات ما يحدث على دول الجوار، خاصة العراق والأردن، وبشكل عام على أمن المنطقة ككل؟
بالطبع، العراق تأثر بشكل كبير منذ أزمة غزو الكويت عام 1990، وهى الخطوة التى ارتكب فيها صدام حسين خطًا كبيرًا.
وهنا ينبغى الإشارة إلى أن بعض الحكام يساهمون فى وقوع بلادهم بأزمات كبرى.
غزو العراق للكويت فتح الباب على مصراعيه أمام التدخلات الأجنبية، وخصوصًا الأمريكية والبريطانية بشكل كبير، ثم جاء الغزو الأمريكى للعراق عام 2003، الذى مثّل مأساة استمرت لعقود.
على غرار ذلك، نجد أن بشار الأسد فى سوريا ارتكب أخطاء مماثلة، إذ كان من المفترض أن يبدأ إصلاحات سياسية كبرى، خاصة بعد مطالبات جامعة الدول العربية بذلك، لكنه بدلًا من ذلك، اعتمد على دعم إيران وروسيا، مما فتح المجال لتدخلات خارجية أخرى، وهذه التدخلات أدت إلى زعزعة الاستقرار فى سوريا بالمنطقة.
الأهم فى ذلك الإصلاح الداخلى لتجنب أن تكون البلاد عرضة لاختراقات خارجية.
كيف يمكن للدول العربية –أو بالأدق ما تبقى منها- تجنب تكرار ما حدث فى اتفاقية سايكس بيكو؟
المدخل من بداية التاريخ الحديث وحتى الآن وحتى قبل اتفاقية سايكس بيكو وبعدها، هو فشل الدول الوطنية العربية فى إرساء قواعد المواطنة الحقيقية، بما فى ذلك المساواة بين جميع المواطنين بغض النظر عن الطائفة، الدين، أو العرق، وهو ما لم يتحقق فى معظم الدول العربية.
إذا أُرسى مفهوم المواطنة بشكل سليم، وصُححت المسارات السياسية من خلال إصلاحات عميقة، سيصبح من الصعب على القوى الأجنبية التدخل.
الغرب غالبًا ما يستغل نقاط الضعف الداخلية، كما حدث فى العراق، فعلى الرغم من أن النظام فى العراق كان قويا، لكن التدخل الأجنبى استغل الانقسامات الطائفية والعرقية بين الشيعة، السنة، والأكراد، الأمر نفسه فى سوريا.
وبالتالى العالم العربى كله بحاجة لإرساء قواعد المواطنة لكى تتماسك كل دولة داخليًا، مع إصلاحات سياسية واقتصادية وهذا يقوى بنية الدولة ومناعتها، ويجعل التدخل الغربى ضعيفا.
عندما يشعر المواطن بالمساواة والعدالة، تقل فرص انجرافه نحو الجماعات المسلحة أو الاعتماد على القوى الخارجية، أما فى حالة غياب الإصلاحات والعدالة الاجتماعية، تصبح الدول فريسة سهلة للتدخلات الخارجية والمخابراتية، وبالتأكيد انهيار الجيش السورى مثلًا كان نتيجة عمل مخابراتى بامتياز، وهو مثال على كيفية استغلال نقاط الضعف الداخلية لتفكيك الدول.
كيف ترى حدود السيادة الوطنية فى المنطقة فى ظل التدخلات العسكرية والسياسية المتزايدة؟
السيادة الوطنية فى المنطقة العربية فى أضعف لحظاتها، وفى الحقيقة، فالمنطقة لم تشهد ضعفًا بهذا الشكل ربما منذ الحرب العالمية الأولى، وتحديدًا منذ اتفاقية سايكس بيكو التى وُقّعت أثناء تلك الحرب.
وما مستقبل المنطقة إذن؟
إذا لم يتم تنفيذ إصلاحات سريعة وشاملة، فأتصور أن دولًا أخرى قد تصبح عرضة لتدخلات غربية، إضافة إلى إثارة النزاعات الطائفية أو استخدام قوى سياسية داخلية ضد الأنظمة الحاكمة.
من يقوم بهذا الإصلاح السريع.. وما رؤيتك لطبيعته؟
الجامعة العربية يمكن أن تلعب دورًا محوريًا فى هذا الإصلاح، فهى المكان الوحيد التى تجمع جميع الدول العربية، وتمثل الإطار المناسب لوضع رؤية عربية شاملة، لأننا بحاجة ماسة إلى نظام عربى جديد.
فإذا كان الغرب يريد فرض شرق أوسط جديد، فيجب أن تتشاور الدول العربية وصولا إلى صيغة إصلاح عربى شامل قائم على إرساء قواعد المواطنة من خلال تعزيز مبدأ المساواة بين جميع المواطنين، بغض النظر عن الدين أو العرق أو الطائفة، وفتح المجال السياسى بزيادة المشاركة السياسية وإجراء إصلاحات ديمقراطية حقيقية تعزز الشرعية، وتنمية اقتصادية مشتركة بالتعاون بين الدول العربية.
مثل هذه الخطوات يمكن أن تحول دون اندلاع أزمات أكبر، وتساعد فى بناء نظام عربى جديد قادر على مواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية.
هل العرب ذاتهم مستعدون لنظام عربى جديد لإنقاذ ما يمكن إنقاذه؟
ليس لدينا خيار للقبول أو الرفض، يجب أن نتناول الدواء، وإن لم نفعل، فستكون العواقب وخيمة. فى الحقيقة، ما يحدث الآن يشير إلى ضعف واضح، وبالمناسبة، مراكز البحوث الغربية تشير لذلك على سبيل المثال، فى كتاب «الزمن الأمريكى»، يعرض واحد من أهم المؤرخين الفرنسيين المتخصصين فى تاريخ المنطقة، هنرى لورانس، رؤيته، وهذا الكتاب قد كُتب منذ أكثر من عشر سنوات، أما الكتاب الثانى لجمال واكيم، الذى صدر عام 2016.
مراكز البحوث الغربية، تضع سيناريوهات لتغيرات المنطقة.
المشكلة أننا، كعرب، إما لا نطلع على هذه الدراسات أو نطلع لكن لا نصدقها، مما يؤدى إلى ترك الأمور تتفاقم.
هناك مثل عربى يقول: «بيدى لا بيد عمرو»، بمعنى أن علينا القيام بخطوات جدية للإصلاح حتى لا يأتى التغيير على أيدى الآخرين.
نحن بحاجة ماسة إلى مشروع إصلاح عربى كبير، فنحن الآن فى القرن الحادى والعشرين، ولا يمكننا أن نستمر بهذا الأسلوب، إذا لم نقم بذلك، فالأعداء على الأبواب، يستغلون كل فرصة للنفاذ إلى داخل مجتمعاتنا.
وفى الوقت نفسه، نحن بحاجة إلى تنمية اقتصادية حقيقية، حتى الدول الغنية يجب أن تمد يد العون للدول الأقل غنىً أو الفقيرة، وعلى سبيل المثال، بعد الحرب العالمية الثانية، قامت الولايات المتحدة بمشروع مارشال لمساعدة أوروبا، التى كانت خارجة من الحرب منهكة ومنهارة اقتصاديًا، بل ساعدوا ألمانيا، التى كانت خصمًا فى الحرب، بعد إسقاط النظام الحاكم، لأنهم أدركوا أنه إذا لم يتحقق النمو الاقتصادى، فقد يظهر ديكتاتور جديد يسيطر على البلاد.
لذلك، نحن بحاجة إلى نظرة عاقلة وناضجة، وعلينا أن نتبنى إصلاحات جادة الآن، لأن ما حدث فى لبنان وسوريا، وما قد يحدث فى دول عربية أخرى، أو حتى فى إيران، يؤكد ضرورة الإصلاح.
إيران نفسها معرضة لانهيار داخلى كبير، التغيير يجب أن يبدأ من الداخل أولًا، وهذا يتطلب مشروع إصلاح شامل، وهو دور يجب أن تضطلع به جامعة الدول العربية.
كيف تنظر إلى الدور المصرى وسط ما يجرى فى هذه المناطق المشتعلة سواء فى جبهات مفتوحة للحرب أو كما ذكرتَ أن الأعداء يقفون على الأبواب؟
كل الباحثين الغربيين وبعض الشرقيين، قالوا إنه إذا كان هناك أى قوة يمكنها أن تقف فى مواجهة الأزمات فى المنطقة، فمصر هى تلك القوة، وأن محاولة إضعاف مصر لم يكن فى صالح المنطقة العربية على الإطلاق، بل على العكس، فقوة مصر هى رصيد قوة لصالح الدول العربية.
وأشار الكثير من الباحثين إلى أنه كان يجب تعزيز قوة مصر لإحداث توازن مع القوى الكبرى فى المنطقة مثل إيران وتركيا وإسرائيل، ومصر حقيقة سعت منذ سنوات لتقوية جبهتها الداخلية وقدراتها الاستراتيجية استعدادا لمثل هذه الأزمات.
هل المؤشرات الحالية تنذر بحرب عالمية ثالثة؟
العالم منذ الحرب العالمية الثانية يسعى جاهدًا لتجنب حدوث حرب عالمية ثالثة، حيث ستكون مدمرة بشكل هائل نتيجة لتطور الأسلحة بشكل غير مسبوق، وكذلك التطور التكنولوجى الذى سيجعل الحرب مدمرة أكثر.
لهذا السبب، كلما نشأت أزمة، يحاول العالم حلها وتجنب التصعيد الذى قد يؤدى إلى حرب عالمية.
لكن رغم هذه المحاولات، لا يمكن القول إن العالم سينجح دائمًا فى تجنب الحرب، ووقائع التاريخ تقول ذلك، فقبل الحرب العالمية الأولى، كانت هناك العديد من الأزمات التى تم حلها، ولكن فى النهاية، أدت أزمة صغيرة، مثل اغتيال ولى عهد النمسا، إلى اندلاع الحرب العالمية الأولى بشكل مفاجئ، ولم يكن أحد يتوقع أن يحدث ذلك.
الأمر نفسه حدث مع الحرب العالمية الثانية، فقد حدثت أزمات مثل احتلال إيطاليا للحبشة وتوسع موسولينى وهتلر فى أوروبا، وكان العالم يحاول تفادى التصعيد، لكن فجأة، وفى لحظة غير متوقعة، وجد الجميع أنفسهم ينزلقون نحو حرب عالمية.
اليوم، توجد العديد من الأزمات الكبرى التى قد تؤدى إلى حرب عالمية ثالثة، ويحاول العالم أن يحل هذه الأزمات ويجنب التصعيد، ولكن فى أى لحظة قد تنزلق الأمور إلى حرب عالمية ثالثة، تمامًا كما حدث فى الحربين السابقتين.
أخيرا.. لو تضع عنوانا يُلخص تحديات اللحظة الراهنة؟
العالم فى حالة فوران.
ماذا تعنى بذلك؟
ما يحدث الآن هو محاولة لإرساء قواعد نظام عالمى جديد، وتكسير أو إنهاء النظام العالمى الذى كان قائمًا وتأسس بعد الحرب العالمية الثانية، وتأكد أكثر بعد سقوط الاتحاد السوفيتي.
حاليًا، العالم فى حالة غليان وفوران، وإعادة تنظيم، فى محاولة للوصول إلى نظام عالمى جديد.
المشكلة أن إنشاء نظام عالمى جديد يتطلب الدخول فى حروب، وهذا مكمن الخطر.