صاغرًا، اضطر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلى توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بموافقة حكومته التي توصف على أنها الأكثر "تطرفًا" في تاريخ الدولة العبرية، لتوقف بذلك حرب الإبادة التي تشنها في قطاع غزة منذ أكثر من 15 شهرًا.
ومرارًا، حال رئيس الوزراء الإسرائيلي دون الوصول إلى تهدئة في غزة على إثر تهديدات من وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن جفير، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش بالانسحاب من الحكومة حال حدوث ذلك، ما يعني إسقاطها، بحسب النظام الإسرائيلي، الذي فيه تحتاج الحكومة 61 مقعدًا من مقاعد "الكنيست" الإسرائيلي 120 للبقاء.
ويجتمع الاثنان في أنهما يريدان مواصلة حرب الإبادة الجماعية على غزة، حتى يتم إعادة احتلال القطاع، وإنشاء مستوطنات به، وتهجير سكانه، والقضاء التام على حركة حماس.
مصير الحكومة الإسرائيلية
وفي غضون ذلك، يوضح الدكتور عبد المهدي مطاوع، المحلل السياسي الفلسطيني، أن الحكومة الإسرائيلية وافقت بأغلبية 24 وزيرًا على اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، في حين عارضه ثمانية وزراء، وبالتالي، لا توجد مشكلة داخل حكومة "نتنياهو".
وفي ظل رغبة وزارء متطرفون استئناف الحرب ضد قطاع غزة بعد انتهاء المرحلة الأولى التي تمتد لمدة 42 يومًا، يقول "مطاوع" في حديثه لـ"دار الهلال"، إن استئناف الحرب في المرحلة الأولى والثانية، هو موضوع "مُعقد" يحتاج إلى أسباب كثير تجعله يتذرع بعودة الحرب، لذا فإن الأمر ليس بالسهولة المتصورة.
وألمح "نتنياهو"، أمس الجمعة، بالعودة إلى القتال بقطاع غزة إذا فشلت المفاوضات بشأن المرحلة الثانية من اتفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، بحسب موقع "واي نت" العبري.
وأشار الموقع إلى أن تصريحات "نتنياهو" جاءت لطمأنة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، الذي هدد بالانسحاب من الحكومة في حال عدم استئناف القتال بعد انتهاء المرحلة الأولى من الاتفاق.
أما عن التفسيرات التي تتحدث عن انتصار إسرائيل أو حماس في الحرب، فيصفها المحلل السياسي الفلسطيني بـ"العاطفية"، حيث أن الأمور لا تقاس بهذه الطريقة، بل تقاس بتحقيق الأهداف قصيرة الأجل وبعيدة الأجل، وفقًا له.
وفي اعتقاده أن إسرائيل حققت معظم أهدافها من الحرب على غزة سواءً كانت قصيرة الأجل أو بعيدة الأجل، مؤكدًا أن الخاسر بشكل أساسي من هذه الحرب هو الشعب الفلسطيني، وذلك على الجانب البشري والمادي والإستراتيجي، وكذلك هناك خسارة على مستوى الثقة بالجهات التي تحكم.
وقلل "مطاوع" من صحة الآراء التي تشير إلى أن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب انقلب على "نتنياهو"، وذلك لأن "ترامب" صرح منذ حملته الانتخابية بأنه سيكون هناك هدنة في قطاع غزة وعودة للمحتجزين، مقابل عودته إلى البيت الأبيض.
ورأى أن "نتنياهو" عرقل الجهود التي كانت تستهدف وقف الحرب على غزة فيما مضى، ليُهدي ذلك إلى "ترامب"، موضحًا أن ضغط الرئيس المنتخب في اللحظات الأخيرة له علاقة بأحد المتبرعبات، وهي "مريام أديلسون".
والأربعاء الماضي، أثمرت جهود مصرية قطرية أمريكية في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بغزة وتبادل الأسرى، على أن يبدأ تنفيذه اعتبارًا من غد الأحد، وذلك في تمام الساعة "الثامنة والنصف صباحًا" وفق التوقيت المحلي في غزة.
وتشمل المرحلة الأولى من الاتفاق وقف العمليات العسكرية المتبادلة من قبل الطرفين مؤقتًا، وانسحاب القوات الإسرائيلية بعيدًا عن المناطق المأهولة إلى منطقة بمحاذاة الحدود في جميع مناطق غزة، بما في ذلك محور نتساريم.
وإضافة إلى ذلك، ينص الاتفاق خلال المرحلة الأولى على فتح معبر رفح بعد سبعة أيام من بدء تطبيقه ودخول 600 شاحنة يوميًا من المساعدات الإنسانية، والإفراج تدريجيًا عن 33 إسرائيليًا محتجزًا بغزة سواء الأحياء أو جثامين الأموات مقابل 1977 أسيرًا فلسطينيًا، 290 منهم محكومون بالسجن المؤبد، وكذلك تخفض إسرائيل قواتها تدريجيًا في منطقة الممر بمحور فيلادلفيا في المرحلة الأولى.
أما المرحلة الثانية من الاتفاق، تتعلق بعودة الهدوء المستدام التام، وتبادل أعداد من الأسرى والمحتجزين، وانسحاب القوات الإسرائيلية بالكامل إلى خارج غزة.
وبالنسبة للمرحلة الثالثة، فتركز على بدء خطة إعادة إعمار غزة على مدى ثلاث إلى خمس سنوات، وتبادل جثامين ورفات الموتى الموجودة لدى الطرفين، وفتح جميع المعابر والسماح بحرية حركة الأشخاص والبضائع.
ويستمر تنفيذ جميع إجراءات المرحلة الأولى في المرحلة الثانية من الاتفاق، طالما استمرت المفاوضات حول الشروط، مع بذل مصر وقطر والولايات المتحدة قصارى جهودهم من أجل ضمان استمرار المفاوضات غير المباشرة حتى يتمكن الطرفان من التوصل إلى اتفاق بشأن شروط تنفيذ المرحلة الثانية.