يُمثل المسرح «أبو الفنون» بداية انطلاق الشرارة نحو الثقافة والسعي نحو تطوير المجتمعات وتنميتها بالعالم وصولًا بها لحياة أرقى وأفضل، ويتفرد المسرح بقدرته عن غيره من الفنون باستهداف الجماهير من جميع الفئات باختلاف أعمارهم وهويتهم واتجاهاتهم وثقافتهم ولغاتهم وحضارتهم وسيظل هو الفن الأكثر انتشارًا بالعالم كله.
وتقدم بوابة «دار الهلال»، أشهر المسرحيات عبر سلسلة «روائع المسرح العالمي» لنتعرف على أهم المسرحيات من مختلف الثقافات مما خطها وقدمها المسرحيون في مختلف الأزمنة والعصور منذ خلق ونشأة المسرح بعالمنا.
ونلتقي اليوم مع مسرحية «الأب» لـ «أوجست سترندبرج»
يعد «أوغست سترينبرغ» أحد الكبار الذين أغنوا التراث السويدي و العالمي بفكره و رواياته و مسرحياته،و يعد أحد المبدعين الأفذاذ في حقل الفكر وهو أحد رواد المسرح العالمي، إلى جانب تشيخوف وإبسن.
ولد «سترندبرج» في 22 يناير 1849 في عائلة فقيرة لأب يعمل موظفا و أم تعمل في مطعم، عاش حياة قاسية، الأمر الذي أثر على جميع مؤلفاته الأدبية، وكان متقلبا و مضطربا و ذو طبع غير مستقر، وعانى في فترات طويلة من الكآبة و البارنوايا اللتان شكلتا جحيمه النفسي، وصف إحدى نوباتها بقوله: «أشعر أنني أصم أبكم أحيانا، أفف وسط الغرفة، أريد أن أصرخ حتى تنهدم الجدران و السقف، لدي الكثير مما أستطيع أم أصرخ بسببه، لكنني أظل صامتا» كما قال عن حياته: «حياتي أشبه بمسرحية عليّ أن أعانيها و أكتبها في نفس الوقت».
عمل في المسرح و التعليم و الصحافة، وحقق العديد من النجاحات وكذلك الإخقاقات، والتي ساقته إلى الأدب و كتابة الروايات و الشعر و المسرحيات، وهو رائد الاتجاه النفسي في المسرح.
ومن أشهر مؤلفاته، ثلاثيته المسرحية إلى دمشق، وكسرحيات..«الأب»، «الآنسة جوليا»، مسرحية «حلم»، و في الرواية له، رواية «الغرفة الحمراء» التي أطلقت العنان لشهرته في أنحاء أوربا، إلى جانب العديد من الدواوين الشعرية.
توفى أوجست سترينبرج في 14 مايو 1912م.
قصة مسرحية «الأب»
نشرت مسرحية «الأب» سنة 1887م تجسد المسرحية معركة الصراع بين الرجل و المرأة. ينشأ خلاف بين الزوح و الزوجة حول تعليم ابنتهما، مما يدفع الزوجة للإيحاء للزوج بـأنه ليس هناك ما يؤكد أبوته للطفلة، لتبدأ رحلة الشك عند الزوج و تتطور الأحداث.
ومسرحية «الأب» تتصدر مؤلفات «سترندبرج» في معركة الصراع بين الرجل والمرأة أو على الأصح هي أهم ما كتب في خصومته للمرأة والأب في هذه المسرحية هو عالم متخصص في علم المعادن كرّس حياته للبحث العلمي ولم يكن ينكد عليه حياته إلا زوجته «لورا» ولقد بدأت الخصومة بينهما بسبب خلافهما حول تعليم ابنتهما «بيرتا» فالأب يرغب في إرسال ابنته لمدرسة داخلية ليبعدها عن الأثر السَيِّئ الذي يخلفه الجلوس مع النساء بالبيت، في حين تعارض أمها ذلك ولكي تضعف الزوجة قدرته على إتخاذ القرار أوحت إليه بأنه ليس هناك ما يؤكد أن «بيرتا» ابنته، و يَضْطَرِبُ الرجل وَيَفُورُ غَضَبا، ويثور يفقد تماسكه العصبي ثم تجبره إلى أن يقذف في وجهها بمصباح الإضاءة المضاء فتتخذ من ذلك دليلًا على جنونه لتقنع به طبيبه وخادمته المخلصة وحتى القسيس الذي كان مقتنعًا تمامًا بأنها مخطئة تستميله فيقع ضحية مكر المرأة ويوضع الزوج في حبس المجانين.
ومن خلال المسرحية يرى «سترندبرج» أن الحياة حرب يقع فيها الفرد تحت رحمة ظروف بيئته القاسية، وأن الحب في نظره هو «معركة بين زوجين كتب عليهما أن يدمر كل منهما الآخر في محاولة التوحد».
«الأب» في الإذاعة المصرية
وقدمت «الأب.. The Father» في العديد من دول العالم بمعالجات متنوعة ومتباينة، وقدمت المسرحية من إنتاج إذاعة البرنامج الثقافي بمصر تحت عنوان «من روائع الأدب العالمي» عن النص الأصلي من تأليف الكاتب السويدي أوغيست ستريندبرغ .. August Strindberg، ترجمة وديع فلسطين، وإخراج صلاح عز الدين.
و المسرحية من بطولة وأداء.. حمدي غيث، نظمي رزق، زوزو نبيل، فاخر فاخر ، إحسان شريف، سهير عبد الفتاح.
«الأب» لأوجست سترندبرج بالبرنامج الثقافي