يرى الدكتور رامي عاشور، أستاذ العلاقات الدولية، أنه لا يمكن فصل مسألة إعادة إعمار قطاع غزة عن التوصل إلى وقف "دائم" لإطلاق النار، وهذا أمر صعب، لأن إسرائيل ستحاول التنصل من الاتفاق الحالي، لكي تستأنف حربها مرة أخرى.
وأوضح "عاشور"، أن تحقيق وقف إطلاق النار "المؤقت" في قطاع غزة، وإدخال المساعدات، ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، هو بمثابة نجاح لسياسة "القوة الناعمة" التي مارستها الدولة المصرية ضد "القوة الصلبة" التي تتبناها إسرائيل.
وأضاف "عاشور" في حديثه لـ"دار الهلال"، أن هذا النجاح "مؤقت"، مفسرًا ذلك بأن اتفاق التهدئة الحالي بمثابة تعطيل لإسرائيل عن أهداف الحرب الحقيقية وضياع جني ثمار عرقلة جهود وقف الحرب خلال الـ15 شهرًا الماضية وسياسة الإبادة الجماعية.
وكشف أن إسرائيل كانت تستهدف من وراء ذلك ضم كافة الأراضي الفلسطينية تحت سيادتها، وهذا لن يحدث إلا عبر: طرد الفلسطينيين من أرضهم أو دفنهم فيها ما يُعرف بسياسة "الإبادة الجماعية"، موضحًا أن اتفاق وقف إطلاق النار جاء ليعطل أهدافها تلك، بينما استغلت مصر بدورها الاتفاق لكي تدخل المساعدات، التي أعادت إحياء الأمل عند الفلسطينيين بالداخل، حيث كانت بمثابة فرصة أمل لهم، مؤكدًا أن إدخال المساعدات أدى إلى عرقلة الأهداف الإسرائيلية من حربها على غزة، وحافظ على الشرعية الفلسطينية للأرض.
إسرائيل ستحاول التنصل من الاتفاق
وبناء عليه، يرى أستاذ العلاقات الدولية، أن إسرائيل ستحاول التنصل من اتفاق وقف إطلاق النار، وأن الـ42 يومًا (مدة المرحلة الأولى من الاتفاق) لن تمضي على خير، حيث ستحاول إسرائيل إيجاد أي حجة لتستأنف حربها على القطاع مرة أخرى، موضحًا أن ذلك قد يتم عبر تنفيذ إسرائيل عملية في الضفة الغربية ثم تدعي أن هناك خطر يهددها، لتستخدم حق "الدفاع عن النفس"، ثم تتنصل من "اتفاق غزة"، وذلك لأنها في هذا الوقت ستكون في حالة حرب.
ومع التنصل من الهدنة، ستبقي إسرائيل بحوزتها كافة الأراضي التي تم تدميرها في قطاع غزة وتتفرغ لإبادة ما تبقى من الفلسطينيين، بحسب "عاشور".
الموقف الأمريكي
وفي شأن الموقف الأمريكي، يقول إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نفذ وعده الذي قطعه على نفسه للجالية المسلمة ومثيلتها اليهودية الليبرالية أثناء حملته الانتخابية بالتوصل إلى تهدئة في قطاع غزة، لكن هذا لا يعني أنه سيضغط على إسرائيل لمنعها من الحرب، مشيرًا إلى أن فريق "ترامب" بأكمله من اليمين المتطرف الداعم لضم الضفة الغربية وإقامة بؤر استيطانية في غزة.
سبيل إعادة الإعمار
وبناء على الطرح السابق، يؤكد عاشور، أنه لا حديث عن إعادة إعمار غزة، دون التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار هذا من جهة، ولا حديث عن إعادة الإعمار طالما أن حركة حماس تفرض سيطرتها على قطاع غزة هذا من جهة أخرى.
وأردف أن "مسألة إعادة إعمار قطاع غزة تحتاج إلى عشرات مليارات الدولارات: من سيدفع.. القوى الدولية.. هذا إن دفعت، لأنها ستقول لن أدفع الأموال في أرض يسيطر عليها فصيل غير مسؤول، فحماس هي من نفذت هجوم السابع من أكتوبر 2023، وأعطت الفرصة لإسرائيل لكي تلحق بالقطاع هذا الدمار"، متابعًا:"في حال ظل قطاع غزة تحت يد حركة حماس، فإن من الوارد جدًا أن تدمره إسرائيل مرة أخرى، وهذا سبب كافي لكي يمنع القوى الدولية من المساهمة في إعادة الإعمار". ولذلك، يؤكد أن سبيل إعادة إعمار قطاع غزة، متمثل في التوصل إلى وقف "دائم" لإطلاق النار، وفي الوقت نفسه عدم وجود حركة حماس في السلطة.