واحدة من أهم روائيي القرن العشرين، وهي من الحداثيين، كانت واحدة من الرواد الذين استخدموا تيار الوعي كأداة سردية، إلى جانب معاصرين، مثل: مارسيل بروست، ودوروثي ريتشاردسون، وجيمس جويس،و بلغت سُمعة وولف ذروتها خلال ثلاثينيات القرن العشرين، لكنها انخفضت بقدر كبير في أعقاب الحرب العالمية الثانية، ساعد نمو النقد النسوي في سبعينيات القرن العشرين على إعادة إرساء سمعتها، إنها إحدى أيقونات الحركة الأدبية في إنجلترا، وأيقونة في القرن العشرين الأديبة والكاتبة البريطانية فرجينيا وولف.
الميلاد والنشأة
وُلدت «أدالاين فرجينيا وولف» في 25 يناير 1882م في لندن، لأسرةٍ ثَرِية؛ فكان والِدها رجلًا نبيلًا، وكانت والدتها تعمل عارضةً للحركة الفنية، و عاشت «فرجينيا» في جوٍّ عائلي يهتم بالأدب والثقافة؛ فكان لوالِدها مكتبةٌ كبيرة، وكان يشجِّعها لكي تصبح كاتبة، وهو ما ساهَم في تشكيلها الأدبي، وكان لأخواتها غير الشقيقات دارُ نشرٍ قامت بنشر بعض مؤلفاتها، وبالرغم من اقتصار التعليم الجامعي في الأسرة على الذكور، حيث كانت الفتيات يَتلقَّين تعليمَهن في البيت، فقد تمكَّنت «فرجينيا» وأخواتها من الالتحاق بقسم الفتيات في كلية الملك في لندن؛ حيث درَسن الكلاسيكيات والتاريخ، وأصبحنَ على تواصُل مع أوائل النساء الإصلاحيات لحركة التعليم العالي للنساء وحركة حقوق المرأة.
تزوَّجت «فرجينيا» من المنظِّر السياسي والمؤلِّف والناشر «ليوناردو وولف» عام 1912م، وأسَّسا معًا دارَ نشر هوجارث عام1917، التي نشرت معظم أعمالها، وبالتدريج مالت «فرجينيا» إلى حياة العُزلة بعيدًا عن لندن؛ فاتخذت مَسكنًا دائمًا لها في مُقاطعة ساسكس.
مؤلفات فرجينيا وولف
كان للكاتبة فرجينيا وولف تأثيرٌ كبير على الحركة الأدبية الحداثية والنقد النسوي في القرن العشرين، فإلى جانب مُساهمتها في تكوين مجموعة بلومزبري الفنية والأدبية، تركت مجموعةً متميِّزة من المؤلَّفات الأدبية التي ساهَمت في تدشينِ تيارٍ جديد في الأدب الإنجليزي والعالمي هو تيارُ تداعي الذاكرة سيل الوعي، الذي ظهر جليًّا في أعمالها، مثل: «رحلة الخروج» 1915، و«الليل والنهار» 1919، و«غرفة جاكوب» 1922، و«السيدة دالوي» 1925، و«أورلاندو»1928، و«الأمواج» 1931، و«بين الأعمال» 1941، و«بيت تسكنه الأشباح» 1944 وهو مجموعةٌ قصصية نُشِرت بعد وفاتها.
النسوية التاريخية
«في الآونة الأخيرة، أصبحت الدراسات حول فيرجينيا وولف مرتكزة على مواضيع النسوية في مؤلفاتها وكتاباتها، مثل المقالات النقدية الصادرة عام 1997 بعنوان فيرجينيا وولف: قراءات مثلية، والتي حررها كلاً من إيلين باريت وباتريشيا كرامر» في عام 1928، انتهجت وولف طريق واضحاً في مخاطبة وإلهام النسوية.
وقدمت وولف ورقتين بحثية خاطبت فيها كلًا من طالبات جمعية ODTAA في كلية جريتون بكامبردج، وجمعية الفنون في كلية نيونهام وأصبحت هذه الورقتان فيما بعد «غرفة تخص المرء وحده» 1929، تستعرض فيها مؤلفات وكتابات وولف غير الخيالية الأكثر شهرة «غرفة تخص المرء وحده» 1929م وثلاث جينهات 1938م، الصعوبات التي تواجهها الكاتبات والنساء المثقفات بسبب عدم تكافؤ الصلاحيات الاقتصادية والاجتماعية التي يملكها الرجال ولا تتوفر للنساء، كما تطرقت لمستقبل تعليم النساء ومكانتهن الإجتماعية، حيث أن التأثيرات الإجتماعية لكلاً من الثورة الصناعية وتحديد النسل لم تكن قوية التأثير في ذلك الوقت.
وتعتبر سيمون دو بوفوار في كتابها «الجنس الآخر» 1949م، أنه من بين كل النسوة التي عشن، ثلاث كاتبات فقط هن من تمكن حقهن من الاستكشاف وهن إيميلي برونتي ووولف وفي بعض الأحيان تنضم لهن كاثرين مانسفيلد.
مرض نفسي ونهاية أليمة
اتَّسمَت «فرجينيا» برهافة الحس الشديدة، التي أثَّرت على حالتها النفسية والعصبية؛ فقد تعرَّضت لأول انهيار عصبي عَقِب وفاة والدتها عام 2895م م، ثم كان لوفاة أختها التي كانت بمثابةِ أمٍّ لها عام 1901م، ثم وفاة والِدها عام 1905، تأثيرٌ سيئ على حالتها العصبية؛ حيث توالَت عليها نوباتُ الانهيار العصبي، بالإضافة إلى تعرُّضها لطفولةٍ مُضطرِبة بسبب التحرُّش بها من قِبَل أخوَيها غير الشقيقَين.
وظلت طوال حياتها تتعرَّض لنوباتٍ من الانهيار العصبي دخلَت على إثرها مصحةً للأمراض العقلية بسبب مُحاوَلاتها المتكرِّرة للانتحار، وفي 28 مارس1941م، نجحت في الانتحار، عندما ارتدَت معطفَها وملأَت جيوبَه بالحجارة، وأغرقت نفسها في نهر أوس القريب من منزلها، ووجدت جثتها في 18 أبريل 1941 ودفن زوجها رفاتها تحت علم في حديقة مونكس هاوس في رودميل ساسيكس.
أثر كبير في أدب القرن العشرين
اشتهرت فرجينيا وولف بمساهماتها في أدب القرن العشرين، وبمقالاتها، فضلاً عن تأثيرها على الأدب، وخاصة النقد النسوي، وأقر عدد من المؤلفين أن أعمالهم تأثرت بفيرجينيا وولف، بما في ذلك الكاتبة والشاعر والأديبة الكندية مارجريت أتوود، مايكل كانينجهام، الروائي الكولومبي غبريال جارثيا ماركيز، و الروائية الأمريكية/ الأفريقية توني موريسون، يتم التعرف عليها فورا بمجرد النظر لصورتها الرمزية التي تتواجد أعلى الصفحة وهي لوحة بورتريه رسمها الفنان جورج بيريزفورد لوولف حينما كانت في العشرينات من العمر.
ومن الصور المشهورة أيضا تلك التي التقطها كلا من بيك وماكجريجور لوولف وهي تبلغ 44 من العمر وقد ارتدت فستاناً يخص والدتها جوليا وكانت هذه الصورة غلاف مجلة فوغ «see image » والصورة التي التقطها مان راي وأصبحت غلاف لمجلة التايم «see image» وهي في الخامسة والخمسين، البطاقات البريدية التي تحمل صور فيرجينيا وولف التي تُباع طريق معرض اللوحات القومي، لندن هي الأكثر مبيعاً لبطاقات بريدية تحمل صور أشخاص، صور وولف تتواجد في كل مكان ويمكن العثور عليها مزينة مناشف الشاي وصولاً إلى القمصان.
تتم دراسة أعمال وولف في كل أنحاء العالم، وتتواجد منظمات تحمل مسمى جمعية فيرجينيا وولف، ومجتمع فيرجينيا وولف الياباني. تكريماً لوولف أُنشئت صناديق ائتمان مثل صندوق « Asham» لتشجيع الكُتاب، ورغم عدم وجود أي أحفاد لـ « وولف» إلا أن عدداً من أفراد عائلتها الممتدة ذوي شهرة.
وقدمت ترجمة عربية متميزة في مصر لمقالات فرجينيا وولف بكتاب يحمل العنوان نفسه.. «غرفة تخص المرء وحده» من ترجمة وإعداد الكاتبة والمؤلفة والناقدة الراحلة دكتور سمية رمضان، أستاذ النقد الأدبي بالمعهد العالي للنقد الفني بأكاديمية الفنون.
أثر باق.. النُصب التذكارية
وفي عام 2013، كرمت وولف من قبل كلية كنزنغتون في لندن بافتتاح مبنى باسمها في شارع كينقز واي، مع لوحة تعريفية عن الوقت والمواد التي درستها «فرجينيا» في هذه الجامعة، وأهم إنجازاتها واهتمامتها، بالإضافة لهذا العمل الفني الذي يُظهر وولف بجانب اقتباس تقول فيه «كانت لندن بذاتها وعلى الدوام تجذبني، وتحفزني، بإعطائي مسرحية، وقصة، وقصيدة»، وذلك كما ورد في مذكراتها عام 1926 و يوجد تمثال نصفي لفرجينيا وولف في قرية رودمل، وآخر في ميدان تافيستوك في لندن، وهي الأماكن التي أقامت فيها وولف في الفترة ما بين 1924م إلى 1939م.
وفي الخامس والعشرين من شهر يناير لعام 2018، احتفل جوجل بعيد ميلاد وولف رقم 136 عبرجوجل يظهر صورة لها.
لوحة تُكرم فيرجينيا وولف على المبنى الذي يحمل أسمها، كلية كينقز، لندن، شارع كينقز