في الثالث من فبراير القادم، تحل الذكرى الـ50 لرحيل كوكب الشرق أم كلثوم. وبهذه المناسبة، تستعد العاصمة الفرنسية باريس لإحياء ليلة من ليالي سيدة الغناء العربي في ذكرى رحيلها، حيث تُقام مجموعة من الحفلات الموسيقية على مسرح مركز "فيلهارموني باريس" أحد أهم المراكز الثقافية والفنية الفرنسية، في الفترة من 30 يناير إلى 2 فبراير، وذلك تأكيدا على قوة وعظمة الإرث الفني الذي قدمته "أم كلثوم" في حياتها وظل خالدا حتى بعد رحيلها.
ويُنظم "فيلهارموني باريس" في "بارك دو لافيليت" شمال شرقي العاصمة الفرنسية، برنامجا حافلا ينطلق الخميس القادم 30 يناير الجاري، بعرض مميز تحت عنوان "أجمل ليالي"، يقدمه المؤلف الموسيقي ريس بيك وفرقة "غرام وانتقام"، للإحتفاء بالذكرى الخمسين لرحيل كوكب الشرق أم كلثوم.
ويُعد هذا العرض من الروائع الفنية المبتكرة، حيث يعيد إحياء أشهر أغاني سيدة الغناء العربي ومقاطع من الأفلام السينمائية التي شاركت فيها، مع تحديث التوزيع الموسيقي برؤية حديثة معاصرة تجمع بين العود والموسيقى الإلكترونية، تقدمها فرقة "غرام وانتقام" والتي تشتهر بدمج الموسيقى الإلكترونية مع التراث الموسيقي العربي، ونجحت في تقديم تجربة فنية فريدة تجمع بين الماضي والحاضر.
وخلال عرض "أجمل ليالي"، تسعى الفرقة إلى تقديم أشهر أغاني "أم كلثوم" مع إثراء موسيقاهم الحية بمقاطع مرئية من أفلامها وحفلاتها، لتنقل الجمهور إلى زمن الفن الجميل.
وفي الأول من فبراير، يقدم "موسيقيو النيل" من الأقصر، حفلا كبيرا على مسرح "فيلهارموني باريس" ، يعيد خلق أجواء أمسية احتفالية في إحدى قرى صعيد مصر، مشابهة لتلك التي نشأت فيها كوكب الشرق أم كلثوم.
ومن خلال العزف على الألات الموسيقية الأصيلة الربابة والمزمار والطبلة، يقدم "موسيقيو النيل" روائع من التراث الموسيقي الغني الذي تتميز به مدينتهم الأصل الأقصر والقرى المجاورة، وحظيت الفرقة بإعجاب جمهور عريض منذ سبعينيات القرن العشرين.
وتسعى الفرقة من خلال هذا العرض الموسيقي الاستثنائي إلى خلق أجواء أمسية احتفالية تعيشها إحدى القرى المصرية لتنقل الجمهور في رحلة عبر الزمن وتذكرنا بالقرية مسقط رأس سيدة الغناء العربي أم كلثوم "طماي الزهايرة" بمحافظة الدقهلية.
وفي الثاني من فبراير، تُقام الاحتفالية الكبرى بمناسبة إحياء الذكرى الخمسين لرحيل الست أم كلثوم في القاعة الكبرى بمسرح "فيلهارموني باريس" وذلك بالتعاون مع دار الأوبرا المصرية، حيث يُحيي الحفل أوركسترا الموسيقى العربية بقيادة المايسترو الدكتور علاء عبد السلام، وتشدو خلاله مطربتا الأوبرا رحاب عمر وإيمان عبد الغني، بباقة مختارة من الأعمال الخالدة لسيدة الغناء العربي.
وأعرب آلان ويبر، المستشار الفني بمركز "فيلهارموني باريس" والذي أعد هذا البرنامج الحافل المميز، عن سعادته لإقامة هذه الاحتفالية.
وقال، في تصريح خاص لمراسلة وكالة أنباء الشرق الأوسط بباريس، إنها فرصة عظيمة لإقامة حدث كهذا، تكريما لكوكب الشرق أم كلثوم، مشيرا إلى أن الفكرة راودته قبل عامين، عندما اكتشف أن في فبراير 2025 وتحديدا في الثالث من فبراير، يكون قد مر 50 عاما على رحيلها، لذا ينبغي أن تُقام فعاليات خصيصا لهذه المناسبة.
وأضاف "هذه فرصة جيدة لإحياء الروائع الفنية التي قدمتها سيدة الغناء العربي أم كلثوم"، وأردف" ليس هناك حاجة حقيقية للإحياء إذ إنها مازالت محفورة في الوجدان، لكن الجميع هنا يعرف اسم أم كلثوم دون معرفة أغانيها جيدا بالضرورة، لذا فإن هذا الحدث فرصة لتعريف الجمهور بأغاني أم كلثوم الرائعة ولكن في قالب يمزج بين الأصالة والحداثة، من خلال ثلاث حفلات رئيسية، كل حفلة تتناول أعمالها الخالدة من زاوية فريدة من نوعها".
بدورها، أكدت رئيسة دار الأوبرا المصرية الدكتورة لمياء زايد، في تصريح سابق، أن إحياء الذكرى الخمسين لرحيل كوكب الشرق في باريس يأتي تأكيدا للريادة الحضارية المصرية التي يمثل الإبداع الفني أحد عناصرها الفريدة.
وأشارت إلى أن بطاقات حضور الحفل نفدت فور طرحها نتيجة الإقبال الجماهيري الكثيف وقررت إدارة المسرح بثه مباشرة على الموقع الرسمي له لإتاحة الفرصة لأكبر عدد من المشاهدين حول العالم للإطلاع على جانب من الإرث الفني المصري المميز.
وتكتسب إقامة هذه الاحتفالية في فرنسا تحديدا أهمية خاصة، إذ تذكرنا بالحفل الأسطوري لأم كلثوم على مسرح الأوليمبيا في باريس، في نوفمبر 1967 ، كحدث لم يتكرر كشف عن مدى شعبيتها الجماهيرية الكبيرة خارج مصر والوطن العربي، وهو الحفل الوحيد الذي قدمته أم كلثوم في أوروبا وتبرعت بأجره لدعم المجهود الحربي في مصر آنذاك.
واليوم، يحتضن مركز "فيلهارمونى باريس" هذه السلسة من الاحتفالات، بمناسبة ذكرى مرور نصف قرن على رحيل أم كلثوم.. وهذا الصرح الثقافي تم افتتاحه فى 14 يناير 2015، ويتميز بخصائصه الصوتية والمعمارية، كما يستضيف أشكالا مختلفة ومتنوعة من ألوان الموسيقى العالمية الكلاسيكية والمعاصرة.
وتُقام هذه الحفلات تكريما لأم كلثوم، التي وصفتها إدارة "فيلهارمونى باريس" على موقعه الالكتروني، ب"نجمة لا تُنسى من نجوم الموسيقى العربية، هذه المطربة المصرية التي يكشف صوتها العميق منذ اللحظة الأولى عن قوة تعبير فريدة من نوعها، والتي قادت مسيرة فنية مبهرة امتدت لأكثر من نصف قرن .. وبعد خمسين عاما على رحيلها، لا تزال أم كلثوم تتألق بنفس تألقها وإبداعها حتى يومنا هذا".