بقلب عطوف ينبض بحب الوطن تحدثت السيدة عفاف شاش عن ابنها الوحيد الرائد "محمد أنور"، الذي استشهد وهو في ريعان شبابه، وضحى بحياته من أجل أن نعيش نحن في أمان وسلام.
وبدأت السيدة "عفاف شاش" كلامها لبوابة "دار الهلال"، مؤكدة أن محمد منذ طفولته وحتى لحظة استشهاده، كانت حياته مليئة بالإخلاص والشجاعة التي لا تُنسى، وروت لنا بقلبها الحنون وصوت أم صابرة ومحتسبه ولدها عند ربه، أهم المحطات التي مرت على الشهيد البطل، وأوضحت أن الرائد "محمد أنور" كان الأخ الأصغر والوحيد لثلاث شقيقات، وكان مثالًا يحتذي به في العطف والاحترام لأخوته، كما كان يتصف بأخلاقه العالية وحبه الكبير لعائلته وأصدقائه، عطوفًا، متسامحًا، وخدومًا، وكل من عرفه شهد له بطيبته وقربه من الله.
وأكملت أن الرائد محمد نشأ وتربى بالقاهرة، وهو من مركز دشنا بمحافظه قنا، تعلم في مدرسة الإبراهيمية الثانوية، وتخرج من كلية الشرطة عام2009 ، وتم تعيينه في قسم الوراق التابع لمباحث الجيزة لمدة سنتين، ثم في عام 2011 وعندما توغل الإرهاب والفوضى أنحاء البلاد، فوجئت به أمه أنه طلب نقله لشمال سيناء وسط الاضطرابات الأمنية الخطيرة، وبقلب يعتصره الخوف والقلق قالت له" أنت جاي في الوقت ده تتنقل"، ليرد البطل الشجاع قائلاً "يا أمي لو أنتي في خطر مش هدافع عنك..قولتله أكيد يا حبيبي.. مصر في خطر يا أمي، وده واجبي"، وبالفعل تم نقله إلى هناك.
أمضى محمد ثلاث سنوات في قسم شرطة الحسنة بوسط سيناء، يعمل بكل إخلاص وتفاني، ورغم انتهائه من خدمته، وبتعليمات وزارة الداخلية أن من يطلب نقله برغبته لسيناء وينهى مدته، له الحق في أن يعود للمكان لذي يختاره، وبناء على ذلك طلبت السيدة "عفاف شاش" من ولدها أن يطلب نقلة إلي قطاع السياحة أو أي مكان أهدى نسبياً من سيناء، ولكنه طلب تمديد خدمته في شمال سيناء لسنة إضافية قائلاً: "سيناء محتاجة لنا"، ولكن قبل انتهاء السنة الرابعة بشهرين، استشهد محمد في 19 يونيو 2016، كان يوافق 14 رمضان، أثناء قيامه بالخروج لمأمورية بعد صلاة الفجر هو ومجموعة من الجنود والضباط و4 سيارات إلي قسم شرطة العريش، وكان يرتاد السيارة الأولى ليحدث التفجير الغشيم من الأيادي الإرهابية، وتتهتك جمجمته إلي جانب الشظايا في بقية أنحاء جسمه، وتوفى في نفس اللحظة، وينجي الله بقية المجموعة التي كانت معه.
الشهيد كان على اتصال معي قبل الحادث، وقال لي " سأصل القاهرة بعد الفجر"، لأنه قد طلب من مأمور القسم أن يعود قبل إجازته بيوم لأسرته، على أن يذهب للمأمورية فجراً وينطلق بعد إنهائها للقاهرة، ولكن أمر الله قد نفذ، وانتظرت السيدة "عفاف" ابنها للساعة ال 6 صباحاً، ولم يأتي، وقامت بالاتصال بالقسم ليرد عليها أحد الأفراد قائلا " الرائد محمد أنور" توفاه الله واحتسبيه شهيدا" ليزلزل الخبر قلب الأم ويجعلها غير مدركة ما قيل لها، ويتقبل الأب خبر استشهاد ابنه الوحيد برضا كامل إيماناً بقضاء الله وقدره، قائلاً: "ابنك خلص ورقته بدري.. ربنا اصطفاه"، وتحزن شقيقاته الثلاثة على فراق الأخ الوحيد والحنون.
وذهبت الأسرة لأكاديمية الشرطة لتستلم جثمان الشهيد، وقالت السيدة " عفاف شاش" أمام الرئيس "عبد الفتاح السيسي" في حفل عيد الشرطة 2017، " الشهيد ده كان ابني الوحيد ومش خسارة في مصر وفخورة انه مات وهو يدافع عن بلده ووطنه"، وتكتفي بأنه نال لقب الشهادة وكرم أمه بلقب " أم الشهيد".
وفى نهاية حديثها أكدت أن أبناء هذا الوطن يقومون جميعاً بالحفاظ عليه، ولديهم الوعي الكافي والإدراك، وجهت والدة الشهيد رسالة مؤثرة لكل أم وزوجة وأبناء الشهداء، مؤكدة أن الدولة وعلى رأسها السيد عبد الفتاح السيسي ووزارة الداخلية والدفاع وقفت مع كل أسرة شهيد ولم تتركهم وقدمت لهم كل الدعم، وقالت: "أهم شيء عندنا أن بلدنا تظل واقفة على أقدامها، واستشهاد أبنائنا هو حمايتنا"، وستظل تضحية أبنائنا محفورة في قلوبنا، ولن ننسى أبداً دور الشهداء في حماية مصر.