الإثنين 27 يناير 2025

مقالات

لجان ليست كل اللجان

  • 26-1-2025 | 13:57
طباعة

إن الإعلان عن تشكيل 6 لجان استشارية متخصصة تهدف إلى تعزيز التواصل بين الحكومة والخبراء من مختلف مجالات القطاع الخاص، خطوة مهمة تعكس التزام الحكومة بتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص لتكون جزءا من استراتيجية شاملة لتعزيز قنوات دائمة لتبادل الرؤى والمقترحات، بما يدعم عملية صنع السياسات ويسهم في دفع عجلة التنمية الاقتصادية، وتظهر أهمية هذه الخطوة مع تزايد تعقيد التحديات الاقتصادية عالميا ومحليا، وأصبح من الضروري تطوير آليات فعالة تجمع بين الخبرة الحكومية وخبرات القطاع الخاص، فالتحديات التي نواجهها من ارتفاع تكلفة المعيشة إلى تعزيز الصادرات وجذب الاستثمارات الأجنبية تتطلب حلولا مبتكرة ومبنية على حقائق السوق، ويمثل تشكيل هذه اللجان خطوة مهمة لتفعيل مبدأ "التشارك في الرؤية" بين الحكومة والقطاع الخاص، وإيجاد مساحات نقاش مستدامة بين مختلف الأطراف لتحقيق توافق حول القضايا الاقتصادية الملحة والاستفادة من خبرات القطاع الخاص لتطوير حلول قابلة للتنفيذ، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة كذلك دعم اتخاذ قرارات استراتيجية مدروسة تستند إلى رؤى متعددة الأبعاد.

ولضمان فعالية هذه اللجان، وضعت مجموعة من الآليات التي تضمن استمرارية عملها وتحقيق أهدافها، كعقد اجتماعات دورية بين أعضاء اللجان والمسئولين الحكوميين لمراجعة التوصيات والتطورات، وتقديم تقارير تفصيلية حول التحديات والفرص في كل قطاع بما يسهم في توجيه السياسات الاقتصادية، وتوفير قاعدة بيانات مشتركة تسهّل الوصول إلى المعلومات الضرورية لاتخاذ القرارات، وإشراك ممثلين عن المجتمع المدني والمؤسسات الأكاديمية لضمان شمولية الرؤى.

ويمكن النظر إلى هذه الخطوة باعتبارها تحولا نوعيا في طريقة صنع القرار الاقتصادي في مصر، فبدلا من الاعتماد الحصري على الجهات الحكومية يتيح تشكيل هذه اللجان منصة للتعاون البناء بين القطاعين العام والخاص ما يسهم في تحسين جودة السياسات الاقتصادية، إذ تستند إلى رؤى مبنية على خبرة عملية ومعرفة معمقة بالأسواق أيضا تعزيز الثقة بين الأطراف ما يسهم في خلق مناخ اقتصادي أكثر استقرارا وجاذبية للاستثمارات، وكذلك زيادة الإنتاجية والتنافسية من خلال تقديم حلول مبتكرة تدعم مختلف القطاعات، ونجاح هذه اللجان يعتمد على التغلب على مجموعة من التحديات مثل تعزيز الشفافية في عمل اللجان، لضمان قبول توصياتها من مختلف الأطراف وتبسيط الإجراءات، لضمان سرعة تنفيذ التوصيات وتخصيص الموارد المادية والبشرية لدعم عمل اللجان.

ولا شك يعد تشكيل هذه اللجان خطوة مهمة على طريق تعزيز الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص، لكنها تحتاج إلى متابعة دقيقة وضمان تنفيذ التوصيات الناتجة عنها لتحقيق الأهداف المرجوة ومن المهم أن تتبنى الحكومة رؤية طويلة المدى لضمان استدامة هذه المبادرة وتوسيع نطاقها لتشمل مجالات جديدة، مع تطور الاحتياجات الاقتصادية ولكن يمكن اعتبار هذه المبادرة نموذجا يمكن أن تحتذى به دول أخرى تسعى لتحقيق شراكة حقيقية بين الحكومة والقطاع الخاص، ومع الاستمرار في تعزيز هذا النهج فمن المتوقع أن تسهم هذه اللجان في تحقيق قفزات نوعية للاقتصاد المصري وتحقيق التنمية المستدامة.

وتتجلى أهمية تشكيل اللجان الاستشارية كمبادرة استثنائية تعكس رؤية متجددة نحو بناء جسور تواصل قوية بين الحكومة والقطاع الخاص إنها ليست مجرد خطوة تنظيمية بل هي استثمار في العقول والخبرات، ورحلة نحو سياسات تصاغ بروح الجماعة وإبداع الفريق فحين تتلاقى الرؤى وتتحد الجهود يولد مستقبل ملء بالفرص والإنجازات، ولعل هذه اللجان تكون بداية لعهد جديد حيث يصبح التشارك نهجا والابتكار شعارا والتنمية المستدامة واقعا ملموسا، ومصر اليوم ترسم ملامح غدها ليس فقط بالحكمة في القرار ولكن أيضا بالإيمان بأن النجاح هو ثمرة الحوار والتعاون.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة