الخميس 30 يناير 2025

أخبار

مفتي الجمهورية: توظيف الوسائل الحديثة لضمان وصول رسالتنا إلى أكبر عدد من الناس

  • 29-1-2025 | 14:27

مفتي الجمهورية الدكتور نظير عياد

طباعة
  • دار الهلال

أكد الدكتور نظير عياد مفتي الجمهورية اليوم الأربعاء أن المؤسسات الدينية لم تعد تعتمد فقط على الكلمة المقروءة أو المسموعة أو المكتوبة ، بل أدركت أهمية توظيف الوسائل الحديثة لضمان وصول رسالتها إلى أكبر عدد من الناس.

وقال عياد ، في رده على سؤال لوكالة أنباء الشرق الأوسط خلال حديثه مع الصحفيين والإعلاميين بجناح دار الإفتاء بمعرض القاهرة الدولي للكتاب ، إن هذه المؤسسات مثل الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية ووزارة الأوقاف تعمل بفاعلية على استثمار المنصات الرقمية المختلفة مثل (فيسبوك وتويتر وتيك توك) لضمان الحضور المؤثر والتفاعل المستمر مع الجمهور.

وأضاف المفتي: أن العصر الرقمي فرض ضرورة تطوير أساليب التواصل الديني حيث لم يعد الأمر مقتصرًا على الوعظ التقليدي بل أصبح يتطلب استراتيجيات حديثة تُراعي طبيعة الوسائط الرقمية وأساليب التفاعل الحديثة، مشددا على أن المؤسسات الدينية بحاجة إلى تكامل الجهود مع المؤسسات الثقافية والاجتماعية لضمان تحقيق وعي مجتمعي متكامل يعزز من دور الدين في بناء الإنسان والمجتمع.
وأكد مفتي الجمهورية أن دور المؤسسات الدينية لا يقتصر على الجانب الدعوي فحسب بل يمتد ليشمل المساهمة الفاعلة في العملية التنموية، مشيرًا إلى أن هذه المؤسسات تؤدي دورًا محوريًا في تعزيز الوعي الفكري والديني، باعتبارها قاطرة لبناء المجتمعات وتقدمها.

وأوضح عياد أن دار الإفتاء المصرية، التي يتشرف برئاستها، نجحت في التصدي للعديد من الإشكاليات الفكرية والمجتمعية والتي تتعلق بسوء الفهم والتعامل مع قضايا الواقع، قائلا: "إن الدار حددت لنفسها أدوارًا واضحة تهدف إلى إبراز القيم الشرعية الصحيحة وتصحيح المفاهيم المغلوطة بما يسهم في بناء وعي إيجابي لدى الأفراد والمجتمع".

وأضاف: أن المؤسسة تستند إلى ثوابت دينية تجمع بين الأصالة والمرونة، ما يمكنها من مواكبة التطورات وتحقيق التوازن بين قدسية النصوص الشرعية واحتياجات الواقع المتجدد، مشيرا إلى أن الدار تضع قواعد عامة يمكن تطبيقها في مختلف الأزمنة والأمكنة وهو ما يؤكد شمولية التشريع الإسلامي ومرونته.

وأشار عياد إلى أن جناح دار الإفتاء المصرية في معرض الكتاب يأتي في ثوب جديد، ليس فقط لعرض وبيع الإصدارات العلمية بل ليكون منصة تفاعلية تهدف إلى نشر قيم التسامح والتعايش وتصحيح المفاهيم الخاطئة وتعزيز دور الفتوى في خدمة القضايا المجتمعية، مؤكدا على أهمية التعاون بين المؤسسات الدينية والمجتمعية لتعزيز قيم البناء والتقدم، وضمان تحقيق وعي متكامل يساهم في نهضة الأمة.

وقال: إن جناح دار الإفتاء المصرية في معرض الكتاب يعد نافذة للتفاعل الفكري والتنويري، حيث يطرح مجموعة من القضايا الشائكة التي تلامس الواقع، معتمدًا على كوادر علمية متميزة في مختلف المجالات، كما يضم الجناح تخصصات متعددة تجمع بين رموز الفن والعلوم التجريبية والشرعية والدينية إلى جانب قضايا الصحة النفسية والمجتمعية، ما يعكس تكاملًا معرفيًا يسهم في تصحيح المفاهيم المغلوطة حول الدين ودوره في المجتمع.

وأضاف أنه من بين القضايا التي يسلط الجناح الضوء عليها، العلاقة بين الفتوى والدراما، والفتوى والظواهر المجتمعية، حيث يشارك في النقاشات نخبة من المتخصصين في علم الاجتماع وعلوم الشريعة، لتقديم رؤية أكثر واقعية ومنهجية في معالجة هذه المسائل، كما يتناول الجناح قضايا مثل الفتوى والصحة النفسية، والفتوى وفقه التعايش، بهدف تعزيز الفهم الصحيح وتوجيه الخطاب الديني بما يخدم احتياجات المجتمع.

وفي إطار الحرص على نشر المعرفة وتعزيز الوعي ..تقدم دار الإفتاء ندوات علمية تتناول الجوانب التراثية والفكرية، لتعريف الجمهور بتاريخ المؤسسة وإسهاماتها في تجديد الخطاب الديني ، ويعكس هذا الحضور التفاعلي نهج الدار في الجمع بين الأصالة والتحديث، لتظل الفتوى أداة فاعلة في بناء الوعي وتصحيح المسارات الفكرية والمجتمعية.

وأشار إلى أن دار الإفتاء المصرية لا يقتصر دورها على الفتوى الدينية فحسب بل يمتد ليشمل التعريف بمنظومتها المؤسسية المتكاملة التي تضم إدارات ومراكز وهيئات متخصصة، تعكس رؤيتها الشاملة في معالجة القضايا الشرعية والفكرية.

وفي هذا السياق، حرصت الدار على إنتاج فيلم وثائقي يُبرز أدوارها المختلفة ويوضح أن رسالتها لا تتوقف عند إصدار الفتاوى بل تمتد لتقديم رؤية متكاملة تستجيب لحاجات المجتمع، مستندة إلى مرجعية شرعية راسخة ومنهج علمي دقيق.

وقال: إنه تماشيًا مع هذا النهج، أطلقت الدار منظومة الفتاوى التخصصية، التي تغطي مختلف جوانب الحياة، ومنها الفتاوى الطبية، وفتاوى المرأة، وفتاوى الوطن والمواطن بالإضافة إلى الفتاوى المرتبطة بأحكام العبادات مثل الحج وأحكام المسافر وفقه الجنائز كما أولت اهتمامًا خاصًا بفقه تصحيح المفاهيم المغلوطة، والتعامل مع قضايا اجتماعية معقدة ، مستندة في ذلك إلى أسس معرفية وعلمية دقيقة.

واوضح المفتي أن الدار أكدت على دور علم أصول الفقه باعتباره البوصلة التي توجه مسار الفتوى وتضمن عدم انحرافها كما حرصت على إعادة صياغة خطابها الديني بما يتناسب مع الشباب، باعتبارهم القوة الدافعة لبناء المستقبل، من خلال تبني أساليب عصرية تواكب تحديات العصر، وتحقق التفاعل الإيجابي مع مختلف فئات المجتمع.

وأكد أن الحفاظ على ثوابت المجتمع وهويته يُعد من أوجب الواجبات، كونه ضرورة حياتية وفريضة دينية، مشيرا إلى أن المؤلفات العلمية التي تصدرها المؤسسات الدينية لا تهدف فقط إلى تقديم الفتاوى، بل تسعى إلى التنوير والمشاركة الفاعلة في معالجة التحديات الراهنة، بما يخدم المجتمع والدولة المصرية.

وأوضح أن المرحلة الحالية تتطلب وعيًا أعمق وإدراكًا أشمل لحقيقة الأزمات التي يواجهها المجتمع، مشددًا على أن المعرفة والعلم هما السلاح الأهم في مواجهة هذه التحديات، من خلال الحوار البناء، والحجة المقنعة، والكلمة الطيبة، امتثالًا لقوله تعالى: "ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ" (النحل: 125).

وأكد المفتي أن المؤسسات الدينية والعلمية تؤدي دورًا محوريًا في تعزيز الوعي وتصحيح المفاهيم، وهو ما ينسجم مع الجهود الوطنية الرامية إلى تحقيق الاستقرار الفكري والمجتمعي، عبر نشر القيم الوسطية والتأكيد على أن الخطاب الديني المستنير هو أداة للبناء والتنمية.

وقال: إن التمييز بين الفتوى الصحيحة وغير الصحيحة يتحقق عبر الاعتماد على الفتوى المؤسسية الصادرة عن جهات متخصصة، مشيرًا إلى أن الإسلام أرشد إلى الرجوع إلى أهل العلم في قوله تعالى: "فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ" (النحل: 43).

وأوضح المفتي أن النهج العلمي والمنهجي يتطلب أن يتوجه كل شخص إلى المختص في مجاله، فالمريض يذهب إلى الطبيب، ومن يريد بناء منزل يلجأ إلى المهندس، وكذلك الأمر في الشؤون الشرعية، إذ يجب الرجوع إلى المؤسسات الدينية المعتمدة، مثل الأزهر الشريف، ووزارة الأوقاف، ودار الإفتاء المصرية، التي تحظى بالثقة والاحترام، وتؤدي دورًا محوريًا في توجيه المجتمع نحو الفهم الصحيح للدين.

وقال عياد: إن هذه المؤسسات لا تقتصر على الإفتاء فقط بل تعد جزءًا من الخطة التنموية الشاملة للدولة، إذ تعمل على محاربة الجهل وتعزيز الوعي من خلال فروعها المنتشرة في مختلف المحافظات، لتقديم الفتوى الصحيحة المبنية على أسس علمية متينة، بما يسهم في تحقيق الاستقرار الفكري والاجتماعي، مضيفا أن المنصات الإلكترونية والوسائل الرقمية أصبحت ضرورة لا يمكن تجاهلها، بل باتت أداة رئيسية في نشر الوعي الديني ما يستوجب تكامل العمل المؤسسي معها لضبط الخطاب الديني وتوجيهه بشكل صحيح.

وأشار إلى أن الفتوى لم تعد تقتصر على الشكل التقليدي المكتوب أو المنقول شفهيًا، بل تطورت لتشمل الفتوى الرقمية عبر الوسائل الإلكترونية، وهو ما يتطلب مسؤولية مضاعفة لضمان دقة المحتوى الشرعي المقدم للجمهور، مشددا على ضرورة الرجوع إلى المفتي المنتسب لمؤسسة دينية معترف بها، مثل الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية، لضمان صحة الفتوى وعدم انحرافها عن مقاصد الشريعة..موضحا أن المرجعية المؤسسية تضمن التصحيح الفوري لأي فتوى غير دقيقة أو غير متوافقة مع روح الشريعة، مما يحفظ الأمن الفكري والاستقرار المجتمعي.

وأكد أن المؤسسات الدينية لديها القدرة على مواجهة التحديات الناجمة عن الفتاوى غير المنضبطة من خلال تقديم خطاب ديني متزن يتماشى مع العصر الرقمي، دون الإخلال بجوهر الدين وقيمه الثابتة، قائلا: "إن التعامل مع الذكاء الاصطناعي والوسائل الحديثة لم يعد مجرد رفاهية بل أصبح ضرورة ملحة تتطلب من المؤسسات الدينية والعلمية التعامل معها بجرأة ووعي، بما يحقق الفائدة الإيجابية للمجتمع".

وأشار إلى أن دار الإفتاء المصرية، من خلال أماناتها المختلفة، حرصت على تطوير وسائل حديثة لمخاطبة الجمهور بأسلوب بسيط وسهل الفهم، يعالج القضايا الوجودية التي يطرحها الشباب على المنصات الإلكترونية، ويقدم إجابات واضحة ومباشرة بلغة سهلة تصل إلى العقول بسهولة.

وأوضح المفتي أن الوقاية تظل الحل الأمثل لمواجهة التحديات الفكرية، وهو ما أدركته المؤسسات الدينية الكبرى مثل الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء، حيث انتقلت هذه المؤسسات إلى مرحلة التحصين الفكري المسبق بدلاً من الاكتفاء برد الفعل بعد انتشار الظواهر السلبية.

وأضاف أن دار الإفتاء انتهت من تطوير مجموعة من الأفلام التوعوية التي لم تُعرض بعد على المنصات الرقمية، لكنها تتناول قضايا جوهرية مثل مفهوم البدعة، والزواج والطلاق، ومراجعة بعض المفاهيم الدينية المغلوطة، وذلك إدراكًا لأهمية المحتوى المرئي في التأثير على الشباب.

ورأى المفتي أن المؤسسات الدينية مطالبة اليوم بإيجاد حلول رقمية وتكنولوجية حديثة، لا لمجرد التواجد على المنصات، بل لضبط الخطاب الديني، وتصحيح المفاهيم، وتقديم المعرفة الدينية بأسلوب يتناسب مع تطلعات الشباب، في إطار يحترم الثوابت الشرعية ويحافظ على استقرار المجتمع.

وأوضح أن قضية فوضى الفتاوى تأتي على رأس أولويات المؤسسات الدينية، وفي مقدمتها الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية حيث يتم التعامل معها وفق نهج علمي قائم على الدراسة والتقويم والتعديل، لافتا إلى أنه تم عقد عدة لقاءات لمناقشة هذه القضية بعمق، شملت دراسات معمقة حول سبل ضبط الفتوى وضمان صدورها من جهات معتمدة، بعيدًا عن الفوضى والاجتهادات الفردية غير المنضبطة، مشيرا إلى أن هناك تصورًا عامًا يتم العمل عليه، وسيتم عرضه قريبًا على المجالس المتخصصة لمراجعته وإقراره، بما يسهم في تحقيق الانضباط المطلوب في مجال الفتوى.

وأكد أن المؤسسات الدينية تولي اهتمام خاص، بدراسة الظواهر الشاذة بعمق، وتحليل أسبابها، ووضع آليات علمية لمعالجتها من خلال خطاب ديني عقلاني يستند إلى الحجة والمنطق، مؤكدا أهمية تبني أساليب جديدة في معالجة هذه الظواهر، تجمع بين التأصيل الشرعي والفكر المستنير، لمخاطبة مختلف الفئات العمرية والفكرية، وتعزيز الوعي الديني بطريقة تتماشى مع متطلبات العصر.

وطالب عياد بإصدار تشريع للحد من فوضى الفتاوى ما يمثل خطوة ضرورية لضبط الخطاب الديني وضمان صدور الفتاوى من جهات معتمدة ومتخصصة. موضحا أن المؤسسات الدينية، وعلى رأسها الأزهر الشريف، بدأت بالفعل التنسيق مع الجهات المعنية بالدولة لدراسة هذا الملف، لضمان تحقيق رؤية متكاملة تواكب متطلبات الواقع.

وأشار المفتي إلى أنه تم عقد ثلاثة لقاءات حتى الآن لمناقشة آليات تنفيذ هذا التشريع..مؤكدًا أن العمل لا يزال في مرحلة الدراسة وسيتم الإعلان قريبًا عن النتائج والتوصيات التي تم الاتفاق عليها بما يسهم في وضع إطار قانوني وتنظيمي يحد من الفتاوى العشوائية، ويعزز دور المؤسسات الدينية في توجيه المجتمع نحو الفهم الصحيح للشريعة.

وقال : إن الفتوى ليست مجرد شرف أو تشريف، بل هي مسؤولية جسيمة وأمانة تتطلب العلم والدقة، موضحًا أن المفتي يُنظر إليه كقاضٍ في قضيته، ومن ثم، فإن صحة الفتوى تترتب عليها مسؤولية عظيمة، حيث يكون المفتي إما مأجورًا إذا أصاب الحق، أو مُحاسبًا إذا أخطأ وأصدر فتواه عن هوى أو جهل.

وتحدث المفتي عن التحديات التي تواجه الفتوى في العصر الحالي .. مشيرًا إلى التعدد الفكري والمعرفي والتنوع الديني داخل المجتمعات، مما يستوجب أن تكون الفتوى متزنة، تراعي هذه الجوانب المتداخلة، وتُقدم بأسلوب يناسب مختلف المستويات الفكرية والثقافية.

وحذر عياد من أن عدم مراعاة هذه الضوابط قد يؤدي إلى نتائج سلبية، مثل الانفلات الفكري أو التشدد والتطرف، مما ينعكس سلبًا على المجتمع، مشددا على أن ضبط الفتوى من خلال المؤسسات المتخصصة مثل الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية أصبح ضرورة للحفاظ على توازن الخطاب الديني، وضمان توافقه مع مستجدات العصر دون المساس بالثوابت الشرعية.

الاكثر قراءة