اجتمع نخبة من خبراء الصيدلة فيفي القاعة الرئيسية ضمن محور «قراءة المستقبل» بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، لتقديم ندوة ناقشت مستقبل هذا المجال الحيوي، بحضور دكتور عبد الناصر سنجاب، رئيس لجنة قطاع الدراسات العليا والبحوث بكلية الصيدلة، جامعة عين شمس، دكتور خالد مصيلحي، أستاذ قسم العقاقير والنباتات الطبية بكلية الصيدلة، جامعة القاهرة، ودكتورسامر الرفاعي، رئيس الجمعية العربية لتطوير الصيادلة، وأدارت الجلسة الإعلامية هدى عبد العزيز.
وافتتحت هدى عبد العزيز الندوة بالإشارة إلى أن الحضارة المصرية القديمة كانت الرائدة في مجالي الطب والصيدلة، حيث كان مستوى الرعاية الطبية مقياسًا لتطور الحضارات، وسجلت البرديات القديمة مئات الوصفات العلاجية التي أثبتت جدواها عبر الزمن.
ودكتور عبد الناصر سنجاب أوضح أن تاريخ الصيدلة في مصر يمتد منذ الحضارة السومرية والصينية، لكنه أكد أن البرديات المصرية تظل الأكثر ثراءً، حيث احتوت على أكثر من 117 وصفة طبية، ما يثبت أن المصريين لم يكونوا فقط رواد الطب، بل ساهموا أيضًا في نشر العلم وتعليم الكتابة للعالم. وأضاف أن جامعة لندن اليوم تدرس الطب القديم لمصر والصين، وهو ما يدعو لإدراج هذا التراث العلمي في المناهج المصرية، حتى يدرك الأطفال والشباب قيمة ما ورثوه.
وتطرق دكتور سنجاب إلى أبرز التحديات التي تواجه الصيادلة اليوم، موضحًا أن التوسع في الجامعات الخاصة أدى إلى زيادة كبيرة في عدد الخريجين، في حين أن سوق العمل أصبح غير قادر على استيعابهم.
وأشار إلى أن الوحدات الصحية أصبحت مكتظة بعشرات الصيادلة دون فرص حقيقية للاستفادة من خبراتهم، كما أن ضعف رواتب الصيادلة أدى إلى عزوف الكثيرين عن المجال أو الهجرة للخارج بحثًا عن فرص أفضل.
وأضاف أن الصيدلة ليست مجرد «بيع للأدوية»، بل هي علم متكامل يتيح للصيدلي أكثر من 10 وظائف مختلفة، مثل العمل في التصنيع الدوائي، التسويق، مستحضرات التجميل، أو حتى الاستشارات الدوائية. وقدم حلاً عمليًا يتمثل في تصدير الصيادلة المهرة إلى دول أوروبا وأمريكا التي تحتاج إلى كوادر متخصصة.
من جانبه، شدد دكتور خالد مصيلحي على ضرورة أن يتواءم التعليم الصيدلي مع احتياجات السوق، موضحًا أنه خلال محاضراته بالجامعة، يركز على تحفيز الطلاب على إنتاج مشاريع دوائية حقيقية، بدلًا من الدراسة النظرية فقط، وأكد أن دمج ريادة الأعمال داخل المناهج الدراسية هو الحل الأمثل لجعل الصيدلة مجالًا أكثر إنتاجية واستدامة اقتصاديًا.
وأضاف أن أحد أكبر التحديات هو غياب التعاون بين أفراد الفريق الطبي، مؤكدًا على ضرورة وجود مناهج مشتركة لطلاب الطب والصيدلة والتمريض، ليعتادوا العمل معًا منذ سنواتهم الدراسية الأولى، مما يسهم في تحسين جودة الرعاية الصحية بشكل عام.
أما دكتور سامر الرفاعي، فتحدث عن الدور الذي بدأ الذكاء الاصطناعي في لعبه داخل المجال الصيدلي، مؤكدًا أنه رغم القلق من تأثيره على فرص العمل، إلا أنه أصبح أداة لا غنى عنها، خاصة في التنبؤ بنقص الأدوية وإيجاد الحلول بشكل استباقي.
وأضاف أن مهنة الصيدلة شهدت تغيرًا جوهريًا بعد إنشاء هيئة الدواء المصرية، والتي منحت الصيادلة دورًا أكثر تأثيرًا داخل منظومة الرعاية الصحية، وأشار إلى أن الجمعية العربية لتطوير الصيادلة تعمل حاليًا على تعزيز مفهوم «الصيدلة الخضراء»، التي تهدف إلى تقليل الأثر البيئي للأدوية وتحقيق استدامة أكبر في القطاع الصحي.
واختتمت الندوة بتأكيد الخبراء على ضرورة إعادة هيكلة التعليم الصيدلي، وإتاحة فرص أكبر للصيادلة في مجالات جديدة بعيدًا عن الأدوار التقليدية، مع الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة لضمان استدامة القطاع. كما أكدوا أن مصر تمتلك من الكفاءات والكوادر العلمية ما يمكنها من استعادة ريادتها في هذا المجال، شريطة أن تتم إعادة صياغة السياسات الدوائية والتدريبية بما يتناسب مع متطلبات العصر.
معرض القاهرة الدولي للكتاب 2025
ويقام معرض القاهرة الدولي للكتاب 2025، الذي تنظمه الهيئة العامة المصرية للكتاب، في الفترة من 23 يناير الجاري حتى 5 فبراير المقبل بمركز مصر للمعارض الدولية بالتجمع الخامس، وأعلن لأول مرة عن ضيفي شرف المعرض في الدورتين 2026، و2027، وهما رومانيا وقطر كما أعلن إطلاق مبادرة المليون كتاب ضمن فعاليات المعرض هذا العام.
ويشهد المعرض استحداثات جديدة لأول مرة ومن بينها جناح مجاني لاتحاد الناشرين الذي تشارك فيه دور النشر الناشئة وذلك بهدف دعم صناعة النشر، بالإضافة إلى استحداث قاعة جديدة لتكون عدد قاعات معرض الكتاب فى دورته الجديدة 6 قاعات بدلًا من 5 قاعات، بالإضافة إلى أجنحه للكتب المخفضة.
ووقع الاختيار على اسم العالم والمفكر الدكتور أحمد مستجير، ليكون شخصية معرض القاهرة الدولي للكتاب، والكاتبة الكبيرة فاطمة المعدول، شخصية معرض كتاب الطفل، وجاء شعار المعرض هذا العام بعنوان «اقرأ.. في البدء كان الكلمة».
وتحل دولة سلطنة عمان ضيف شرف المعرض، وتشارك ببرنامج ثقافي متنوع يعكس التاريخ الثقافي والفكري للسلطنة، ويسلط الضوء على العديد من الجوانب التاريخية والتراثية والفكرية بها.
وتشهد الدورة الحالية نقلة نوعية تستحق التقدير، سواء من حيث التنظيم أو المُشاركة الدولية والمحلية، وتقام الدورة الحالية للمعرض على مساحة 55 ألف متر مربع، بإجمالي مساحة تضم 6 صالات للعرض، ويصل عدد الناشرين والجهات الرسمية المصرية والعربية والأجنبية المشاركة إلى 1345 دار نشر، من 80 دولة من مختلف دول العالم، كما يبلغ عدد العارضين 6150 عارضًا هذا العام، يعرضون تنوعًا ثريًا من الإصدارات الأدبية والفكرية.
ويضم البرنامج الثقافي للمعرض ما يقرب من الـ600 فعالية متنوعة تشمل ندوات أدبية وحوارات فكرية وعروضًا فنية، بمشاركة نخبة من المفكرين والمبدعين من مختلف أنحاء العالم.
ويُعد معرض القاهرة الدولي للكتاب من أكبر معارض الكتاب في الشرق الأوسط، وفي عام 2006 اعتبر ثاني أكبر معرض بعد معرض فرانكفورت الدولي للكتاب، زار المعرض في دورته السايقة الـ55 4,785,539 زائر.
انطلق المعرض لأول مرة في عام 1969م، حينما كانت القاهرة تحتفل بعيدها الألفي، فقرر وزير الثقافة آنذاك ثروت عكاشة الاحتفال بالعيد ثقافيًا، فعهد إلى الكاتبة والباحثة الراحلة سهير القلماوي بالإشراف على إقامة أول معرض للكتاب في مصر.
وأوضح أن ريادة مصر تعتمد في جوهرها على العلم والمعرفة وموقعها المتميز كمركز للثقافة والفكر، ومن هنا تأتي الدعوة لكل فئات الشعب المصري لتوجيه طاقاتهم نحو القراءة والتعمق في المعرفة، لتنوير العقول والاستفادة من ثمار الفكر الإنساني.