حسناً لم يتم تغيير وزير الرى والموارد المائية، عين العقل بقاء حقيبة الرى والموارد المائية فى حوزة الدكتور حسام مغازى، مفاوضات سد النهضة تمر بمرحلة خطيرة، واتفاق النوايا تتهدده شلالات وجنادل مخيفة، والموج الإثيوبى عال وعارم، وبقاء الوزير المتوفر على الملف ضرورية وطنية، سد النهضة أمن قومى.
قبل أيام، أعلن مدير مشروع سد النهضة الإثيوبى المهندس «سمنجاو بقلى»، إن بلاده أكملت بناء ٤٧ فى المائة من السد، وأن أعمال الإنشاءات المصاحبة لسد النهصة وصلت نسبتها إلى ٦٥ فى المائة، قائلاً: «العمل فى السد منتظم، وعلى مدار ٢٤ ساعة دون توقف»، كاشفاً عن وصول التوربينات والمحولات الكهربائية إلى موقع السد.
وقبل أيام أيضا أعلن المكتب الاستشارى الهولندى «دلتارس» الذى يقوم شراكة بنسبة مع المكتب الفرنسى «بى . آر . إل» انسحابه من الدراسات حول الآثار الضارة لسد النهضة الإثيوبى، بسبب عدم قدرة المكتب على القيام بدوره فى تلك الدراسة على النحو الضرورى الذى يضمن جودة واستقلالية الدراسة!!
أين رد الفعل المصرى؟.
مصر ملتزمة باتفاق المبادئ الذى وقّعته مع السودان وإثيوبيا فى مارس الماضى بالخرطوم، لماذا تلتزم مصر بالمبادئ، وتلزم نفسها بما لا يلتزم به الإثيوبيون؟!.. إثيوبيا شغالة، والمكتب الهولندى ينسحب، وهلم إلى دراسات جديدة، وطاولة الخرطوم ممدودة، والحوار متصل، والعمل منتظم وعلى مدار ٢٤ ساعة، والـ ٤٧ ستصل إلى ٧٤، والـ ٦٥ ستصل خلال شهور المفاوضات إلى نهايتها، والتوربينات والمحولات وصلت بالسلامة.
هل نحن فى غيبوبة مثلا؟.
ألا تقلق مثل هذه الاخبار المفاوض المصرى؟.. هل اتفاق المبادئ لايزال سارياً؟.. هل هذا الذى نسمع عنه فى الجوار من تعلية السد، والتواطؤ المفضوح من قبل المكاتب الأوربية التى تقوم بالدراسات، والانسحابات المخططة، والمراوغات المفضوحة، سنظل إلى متى فى لعبة «حاورينى يا كيكة» حتى نصحو ذات صباح على دعوة إثيوبية إلى الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى لحضور حفل تدشين سد النهضة، ويقص شريط الافتتاح بيديه الكريمتين، والمهم رخاء الشعب الإثيوبى حتى لو متنا من العطش.
عندما نتلهى بالانتخابات البرلمانية ، ونتلهى على عنينا فى عبثيات الدستور، قل على حق مصر التاريخى فى مياه النيل السلام، النوايا الحسنة لا تضمن حق مصر فى مياه النيل، فليكتب الدستور بالنوايا الحسنة، شأن داخلى مؤجل ، ولكن هناك نوايا شريرة فى الجوار لاتحتمل التسويف ، كيف ننشغل بالنوايا الحسنة عن النوايا الشريرة.
يا جماعة النوايا الحسنة، العمل فى السد على مدار ٢٤ ساعة، ونحن نغط فى نوم عميق، إثيوبيا تفرض أمراً واقعاً، تفرض إرادتها، لا تأبه باتفاق المبادئ، والسياسة لا تعرف المبادئ، والنوايا الحسنة لم تمنع البناء، وأخشى النوايا الشريرة وراء انسحاب المكتب الهولندى .
ألم يكن معلوما لكل خبراء الأنهار فى مصر أن هناك انسحاباً متوقعاً للمكتب الهولندى، وأن هناك من البداية انفراداً مفضوحاً للمكتب الاستشارى الفرنسى بالدراسات تكفل بالضرورة انسحاب المكتب الهولندى؟.. أليس عجيباً وغريباً أن ينسحب المكتب الهولندى فى نهاية مدة الـ٣ أشهر كاملة، بعد أن يستنفذ الوقت لصالح الجانب الإثيوبى.
لقد استهلك المكتب الهولندى ٩٠ يوماً ثم انسحب، وحلنى على ما تتفق القاهرة وأديس أبابا على مكتب بديل أو يعود المكتب الهولندى بعد تحسين الشروط، و٩٠ يوماً أخرى، وقد ينسحب مجددا، النوايا مش خالصة ، لأنه بالفعل ليس هناك مكتب عالمى يحترم اسمه فى دراسات الأنهار يقبل العمل فى منظومة مختالة يقودها مكتب مراوغ، يعمل لصالح أديس أبابا بالكلية، ويعمد إلى تعطيل الدراسات المطلوبة إلا إذا كانت فى صالح الجانب الإثيوبى.
إذا كان المكتب الهولندى انسحب، لماذا لم يتم تصعيد المكتب الاحتياطى مباشرة؟.. وإذا المكتب الهولندى انسحب لأسباب انفراد المكتب الفرنسى بالدراسات وتوجيهها غير وجهتها الصحيحة، ما اصطلح على تسميته، «عدم قدرة المكتب على القيام بدوره فى تلك الدراسة على النحو الضرورى الذى يضمن جودة واستقلالية الدراسة»، هلا توقفنا عند هذه العبارة الخطيرة، إذاً ما يتم من دراسات لا تتمتع بالجودة ولا الاستقلالية، يعنى هناك أيادٍ فى الإناء، من ذا الذى تدخل بالشكل الذى اضطر مكتب صاحب سمعة عالمية يخشى عليها إلى الانسحاب؟!
كلام وزير الرى على التزام الدول الثلاث بإعلان المبادئ باعتباره ضمانة مهمة للتعاون المشترك، والمفاوضات هى الحل، وأساس الأمر المنفعة المشتركة وعدم الضرر لجميع الأطراف، كلام ساكت، لانبئ بشئ ، ولايرتب شيئ ، مدير السد الإثيوبى يخبركم، العمل على مدار ٢٤ ساعة، و٤٧ فى المائة من جسم السد، و٦٥ فى المائة من الأعمال الإنشائية، ناقص قد أيه من البناء حتى تفيقوا إلى الكارثة، إلى متى تظل النوايا الحسنة حاكمة للموقف؟..
على أرضية وطنية نسأل ونلح فى السؤال: لماذا يد المفاوض المصرى مغلولة؟.. لماذا تهتبل أديس أبابا صبرنا؟.. لماذا لا تحترم اتفاق المبادئ؟.. لماذا لا تيسر الطريق سالكة إلى الدراسات؟.. لماذا تصر أديس أبابا على هذا المكتب الفرنسى الذى لابد وحتما من مساءلته مصريا ، المكتب الهولندى انسحب، أين هى دراسات المكتب الفرنسى، هل أنجز المطلوب، أم تفرغ لتطفيش المكتب الهولندى لصالح الجانب الإثيوبى؟..
هناك مماطلات إثيوبية لا تخفى على الفلاحين المصريين فى الحقول الطيبة، يقينا لا أملك سوى هواجس فلاح مصرى على رى الارض العطشانة ، محمد ابو سويلم لم تقنعه تبريرات العمدة ، لا تقنعنى مقالات وزير الرى الناعمة فى الزميلة «الأخبار»، ولسان حالى «حرص من صاحبك ولا تخونه»، ولكن أين هو الحرص على الحق المصرى، لا أرى إلا تصريحات مصرية زى الميه، لا لون ولا طعم ولا رائحة!!.
ما معنى أن الاتفاق لا يتضمن مواصفات بناية السد؟.. بناية السد هى الأصل، وارتفاع السد وسعته التخزينية، وسنوات الملء، هى ترجمة حرفية لجملة «لا ضرر ولا ضرار».. جملة مفتاحية هى الأصل، والعارفون بالملف يؤكدون أن الارتفاع والسعة وسنوات الملء هى أم المشاكل.
وزارة الرى فى هذا الملف كالمطلقة تنتظر حكم محكمة الاحوال الشخصية ، والعيال هتموت من العطش ، ظلت تنتظر تقرير المكتب الهولندى ردحا من الزمن، شهورا وأياما طويلة، ثم تلقت البرقية الصادمة: «نأسف لكم، كنا نفسنا ولكن مش بأيدينا، حتى اسألوا المكتب الفرنسى».
المكتب الهولندى يفضح الملعوب، وتلاعب الزوج اللعوب، نصا من بيانه: «ليس من المرجح أن نعود للعمل مرة أخرى مع المكتب الفرنسى. لقد أمضينا الشهور الثلاثة الماضية فى التفاوض مع المكتب الفرنسى على شروط هذه الدراسة، ولم نستطع التوصل إلى اتفاق بشأنها، ولا يوجد لدينا أى أسباب للاعتقاد بأنه يمكن التوصل إلى اتفاق فى المستقبل».
وصلت الرسالة أم لاتزال النوايا الحسنة تحكم الموقف المصرى؟!.
ثلاثة شهور كاملة للتفاوض على شروط هذه الدراسة، كم يلزم إتمام هذه الدراسة مثلا ثلاث سنوات، هذا إذا اتفق المكتبان، المكتب الهولندى يقر بالكارثة، وينسحب مضطرا غير آسف، حفاظاً على سمعته، نصا من بيان المكتب الهولندى «دلتارس»: «نعرب عن أسفنا، اضطررنا للانسحاب من هذه الدارسات، حيث إن معرفة وخبرات «دلتارس» فى هذا المجال تناسب هذا المشروع المعقد والمهم من الناحية الاقتصادية».
هلا بلغت اللهم فاشهد..
لم يتبق فى قوس الصبر منزع، والقلق يستبد بنا، وانسحاب المكتب الهولندى حتما يصب فى نهر المصلحة الإثيوبية المباشرة، إثيوبيا ماضية فى بناء السد، ولا تنتظر دراسات لا فرنسية ولاهولندية ، لا تتعاطى السمن الهولدى ، كل الاعتراضات الوطنية أكاديمية وشعبية خلف أذن الحكومة المصرية ، ونحن فى الغينضربه لى التوتة والساقية ، نضرب أخماسا فى إسداس.
يقينا ، استمرار الدكتور مغازى وقد حدث ، أرحم من تغييره، على الأقل ملم بتطورات الملف، ويقف على رأسه، وتحت يديه كل اتفاق المبادئ ، وفريقه الفنى يعلم أكثر منا، والأمانة بين يديه، إنا حملناه الأمانة، وعليه أن يطلع علينا ببيان واضح وقاطع، الناس عطشت مقدما، ريقها نشف، وبح صوتها، ومقالات الدكتور مغازى لا تروى ظمأ إلى المعرفة، خلوا من المعلومات، أخشى أنه تعلم فى الخرطوم كيف يكون الكلام ساكت!!
كتب : حمدى رزق