احتضنت القاعة الدولية في بلازا 2 في معرض القاهرة الدولي للكتاب ندوة جديدة بعنوان «البيئة والإنسان في عمان عبر العصور.. قراءة في السجل الأثري»، قدمها الدكتور محمد بن علي البلوشي، أستاذ علم الآثار والتراث بجامعة السلطان قابوس، وأدارتها الأستاذة أزهار الحارثية، ويأتي ذلك وفي إطار برنامج محور ضيف الشرف.
واستهلت الأستاذة أزهار الحارثية الندوة بالترحيب بالحضور، معبرة عن سعادتها بمناقشة هذا الموضوع المهم، ومشيدة بالعلاقات التاريخية والثقافية التي تجمع بين مصر وسلطنة عمان، كما قدمت نبذة عن المحاضر.
عمان دولة البيئة الجافة
و أكد الدكتور محمد بن علي البلوشي أن العلاقة بين الإنسان والبيئة تمتد عبر عصور ما قبل التاريخ، حيث لم يكن الإنسان يعيش في فراغ، بل كان يتأثر ببيئته ويؤثر فيها.
وأشار إلى أن عمان، باعتبارها بيئة جافة، تطلبت استراتيجيات تأقلم طويلة الأمد، ترتكز على المعرفة المتراكمة التي شكلتها التجربة الإنسانية عبر العصور.
وأوضح «البلوشي» أن هناك نوعين من التأقلم، أولهتا التأقلم الذاتي، وهو قدرة الإنسان على التكيف البيولوجي مع الظروف القاسية، والثاني هو التأقلم البيئي، حيث طور الإنسان استراتيجيات معيشية تتناسب مع طبيعة المكان.
وأشار إلى أن الإنسان العماني واجه بيئة متغيرة، حيث تأرجحت عمان بين الجليد والصحراء، واحتضنت مناطق ذات تنوع بيئي واسع، مما دفع سكانها إلى التنقل بين البحر والجبل الأخضر، في نطاق جغرافي لا يتجاوز 60 كيلومترًا.
كما لفت إلى أن عمان الشمالية والجنوبية يهيمن عليها الجبال العالية التي تفصلها عن البحر، مما جعلها بلدًا جافًا باستثناء المناطق الجنوبية، كظفار، التي تحوّلها الرياح الموسمية إلى جنة خضراء صيفًا.
واستعرض «البلوشي» أهم استراتيجيات البقاء التي تبناها العمانيون على مر العصور، ومنها الصيد وجمع الثمار، والرعي، والزراعة، والتجارة والتعدين.
وأشار إلى أن السجل الأثري العماني، رغم تعرضه لبعض التدهور، لا يزال يحمل أدلة مهمة عن مسارات الاستقرار المختلفة، والتي تراوحت بين الاستقرار طويل الأمد، وقصير الأمد، والموسمي.
وأكد «البلوشي» أن الأدلة الأثرية، مثل القطع الصوانية واللقى الصغيرة، معرضة للاندثار، مما يفرض تحديًا أمام الباحثين في إعادة رسم سيرة الإنسان العماني عبر العصور.
وشدد على أن عمان شهدت نهضة تنموية مستمرة منذ السبعينيات في القرن الماضي، مما جعل التوازن بين التطور الحديث والحفاظ على الإرث الأثري أمرًا بالغ الأهمية.
واختُتمت الندوة بجلسة نقاشية أجاب فيها الدكتور«البلوشي» عن أسئلة الحضور، معربًا عن شكره لإدارة معرض القاهرة الدولي للكتاب على منح سلطنة عمان فرصة استعراض إرثها الثقافي والبيئي عبر مجموعة من الندوات والفعاليات، التي تعزز جسور التواصل الثقافي بين البلدين.
معرض القاهرة الدولي للكتاب 2025
ويقام معرض القاهرة الدولي للكتاب 2025، الذي تنظمه الهيئة العامة المصرية للكتاب، في الفترة من 23 يناير الجاري حتى 5 فبراير المقبل بمركز مصر للمعارض الدولية بالتجمع الخامس، وأعلن لأول مرة عن ضيفي شرف المعرض في الدورتين 2026، و2027، وهما رومانيا وقطر كما أعلن إطلاق مبادرة المليون كتاب ضمن فعاليات المعرض هذا العام.
ويشهد المعرض استحداثات جديدة لأول مرة ومن بينها جناح مجاني لاتحاد الناشرين الذي تشارك فيه دور النشر الناشئة وذلك بهدف دعم صناعة النشر، بالإضافة إلى استحداث قاعة جديدة لتكون عدد قاعات معرض الكتاب فى دورته الجديدة 6 قاعات بدلًا من 5 قاعات، بالإضافة إلى أجنحة للكتب المخفضة.
ووقع الاختيار على اسم العالم والمفكر الدكتور أحمد مستجير، ليكون شخصية معرض القاهرة الدولي للكتاب، والكاتبة الكبيرة فاطمة المعدول، شخصية معرض كتاب الطفل، وجاء شعار المعرض هذا العام بعنوان «اقرأ.. في البدء كان الكلمة».
وتحل دولة سلطنة عمان ضيف شرف المعرض، وتشارك ببرنامج ثقافي متنوع يعكس التاريخ الثقافي والفكري للسلطنة، ويسلط الضوء على العديد من الجوانب التاريخية والتراثية والفكرية بها.
وتشهد الدورة الحالية نقلة نوعية تستحق التقدير، سواء من حيث التنظيم أو المُشاركة الدولية والمحلية، وتقام الدورة الحالية للمعرض على مساحة 55 ألف متر مربع، بإجمالي مساحة تضم 6 صالات للعرض، ويصل عدد الناشرين والجهات الرسمية المصرية والعربية والأجنبية المشاركة إلى 1345 دار نشر، من 80 دولة من مختلف دول العالم، كما يبلغ عدد العارضين 6150 عارضًا هذا العام، يعرضون تنوعًا ثريًا من الإصدارات الأدبية والفكرية.
ويضم البرنامج الثقافي للمعرض ما يقرب من الـ600 فعالية متنوعة تشمل ندوات أدبية وحوارات فكرية وعروضًا فنية، بمشاركة نخبة من المفكرين والمبدعين من مختلف أنحاء العالم.
ويُعد معرض القاهرة الدولي للكتاب من أكبر معارض الكتاب في الشرق الأوسط، وفي عام 2006 اعتبر ثاني أكبر معرض بعد معرض فرانكفورت الدولي للكتاب، زار المعرض في دورته السابقة الـ55 4,785,539 زائر.
انطلق المعرض لأول مرة في عام 1969م، حينما كانت القاهرة تحتفل بعيدها الألفي، فقرر وزير الثقافة آنذاك ثروت عكاشة الاحتفال بالعيد ثقافيًا، فعهد إلى الكاتبة والباحثة الراحلة سهير القلماوي بالإشراف على إقامة أول معرض للكتاب في مصر.
وأوضح أن ريادة مصر تعتمد في جوهرها على العلم والمعرفة وموقعها المتميز كمركز للثقافة والفكر، ومن هنا تأتي الدعوة لكل فئات الشعب المصري لتوجيه طاقاتهم نحو القراءة والتعمق في المعرفة، لتنوير العقول والاستفادة من ثمار الفكر الإنساني.