تُعد قصيدة «طَرِبتُ وَهَل بِكَ مِن مَطرَبِ»، للشاعر الكميت بن زيد، إحدى أهم القصائد التي عرفها تاريخ الشعر العربي، والتي حفظها العرب، وتناقلوها فيما بينهم.
الكميت بن زيد شاعر الهاشميين. من أهل الكوفة. اشتهر في العصر الأموي. وكان عالماً بآداب العرب ولغاتها وأنسابها، ثقة في عمله.
وتعتبر قصيدة «طَرِبتُ وَهَل بِكَ مِن مَطرَبِ»، من أبرز ما قيل في الشعر العربي، ومن أشهر القصائد، وتحتوي على 33 بيتًا، علاوة على تميز شعر الكميت بن زيد، بسلاسة الألفاظ وسهولة المعاني وصدق العاطفة كما جاء بالقصيدة.
نص قصيدة «طَرِبتُ وَهَل بِكَ مِن مَطرَبِ»:
طَرِبتُ وَهَل بِكَ مِن مَطرَبِ
ولم تَتَصَابَ وَلَم تَلعَبِ
صَبَابَةَ شَوقٍ تَهِيجُ الحَلِيمَ
لا عَارَ فِيهَا عَلَى الأَشيَبِ
وَمَا أَنتَ إِلاّ رُسُومَ الدِّيَار
وَلَو كُنَّ كالخِلَلِ المُذهَبِ
وَلاَ ظُعُنُ الحَيّ إِذ أدلَجَت
بَوَاكِرُ كالإِجلِ والرَّبرَبِ
وَلَستَ تَصَبُّ الى الظَّاعِنِينَ
اذا ما خَلِيلُكَ لم يَصبَبِ
فَدَع ذِكرَ مَن لَستَ مِن شَأنِهِ
ولا هُوَ مِن شَانِكَ المُنصِبِ
وهَاتِ الثَّنَاءَ لأَهلِ الثَّنَاءِ
بأَصوَبِ قَولِكَ فالأَصوَبِ
بَنِي هَاشِم فَهُمُ الأَكرَمُونَ
بني البَاذِخِ الأَفضَلِ الأَطيَبِ
وإِيَّاهُمُ فاتَّخِذ أولِيَا
ءَ من دُونِ ذي النَّسَبِ الأَقرَبِ
وفي حُبِّهِم فَاتَّهِم عَاذِلاً
نَهَاكَ وفي حَبلِهم فَاحطِبِ
أرَى لَهُمُ الفَضلَ والسَّابِقَاتِ
وَلَم أتَمَنَّ وَلَم أَحسَبِ
مَسَامِيحُ بِيضٌ كِرَامُ الجُدُودِ
مَرَاجِيحُ في الرَّهَجِ الأَصهَبِ
إِذا ضَمَّ في الرَّوعِ يَومَ الهِيَا
جِ أَخِّر وأَقدِم الى أرحِبِ
مَطَاعِيمُ حِينَ تَرُوحُ الشَّمَالُ
بِشَفَّانَ قِطقِطِها الأَشهَبٍ
مَوَاهِيبُ للمُنفِسِ المُستَزَادِ
لأَمثَالِهِ حِينَ لا مَوهَبُ
امارِمُ غُرٌّ حِسَانُ الوُجُوهِ
مَطَاعِيمُ للطَّارِقِ الاَجنَبِ
مَقَارِيُ للضَّيفِ تَحتَ الظَلاَمِ
مَوَارِيُ للقَادِحِ المُثقِبِ
إذَا المَرخُ لم يُورِ تَحتَ العَفَارِ
وَضُنَّ بِقِدرٍ فَلَم تُعقَبُ
وَرَدتُ مِياهَهم صادِياً
بِحَائِمَةٍ وِردَ مُستَعذِبِ
فَمَا حَلأتِني عِصِيُّ السُقَاةِ
ولا قِيلَ يا ابعَد ولا يا اغرُبِ
ولكِن بِخَأجَأَةِ الأَكرَمِينَ
بِحَظِّيَ في الأكرَمِ الأَطيَبِ
لَئِن طَالَ شِربيَ للآجِنَاتِ
لقد طَابَ عِندَهُم مَشرَبِي
أَجِلُّ وأصدُرُ عَن غَيرِهِم
بِرِيّ المُحَلأ والمُوأَبِ
أُناسٌ إذا وَرَدَت بَحرَهُم
صَوَادِي الغَرَائِبِ لم تُضرَبِ
وَلَيسَ التَفَحُّشُ من شَأنِهِم
ولا طَيرَةُ الغَضَبِ المُغضِبِ
ولا الطَّعنُ في أَعينِ المُقبِلِينَ
ولا في قَفَا المُدبِرِ المُذنِبِ
نُجُومُ الأُمُورِ اذا أدُلَمِّسَت
بِظَلمَاءَ دَيجُورِها الأَشهَبِ
وأهلُ القَدِيمِ وأهلُ الحَدِيثِ
إذا نُقِضَت حَبوَةُ المُحتَبِي
وَشَجوٌ لِنَفسِيَ لم أنسَهُ
بِمُعتَرَكِ الطَّفِّ فالمِجنَبِ
كأَنَّ خُدُودَهُم الواضِحَا
تِ بَينَ المَجَرِّ الى المَسحَبِ
صَفَائِحُ بِيضٌ جَلَتهَا القُيُو
نُ مما تُخُيِّرنَ من يَثرِبِ
أؤَمِّلُ عَدلاً عَسَى أن أنَا
لَ ما بَينَ شَرقٍ الى مَغرِبِ
رَفَعتُ لهم نَاظِرَي خَائِفٍ
على الحَقِّ يُقدَعُ مُستَرهِبِ