أكد مفتي الجمهورية الدكتور نظير عياد، أن الشائعات تمثل خطرًا كبيرًا على المجتمعات والأفراد، مشيرًا إلى أن المؤسسات التعليمية لا ينبغي أن يتوقف دورها عند إلقاء المحاضرات فقط، بل يجب أن تسهم في نشر الوعي، تثقيف الأجيال الجديدة، وتقديم حلول للقضايا الوطنية بما يعزز السلم المجتمعي.
جاء ذلك خلال كلمة ألقاها اليوم الأحد، الأستاذ الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، في ندوة بعنوان "حرب الشائعات وأثرها في الفرد والمجتمع" التي نظمتها جامعة سوهاج.
واستهل فضيلة المفتي كلمته بتقديم الشكر للأستاذ الدكتور حسان النعماني، رئيس الجامعة، و النواب، وجميع الحاضرين، مشيدًا بدور الجامعة التنويري في مواجهة القضايا المجتمعية والتعاون مع علماء الأزهر الشريف.
وأوضح فضيلة المفتي أن الشائعات ليست ظاهرة حديثة، بل قديمة منذ الأزل، فهي لا تتنافى فقط مع القيم الدينية والأخلاقية، ولكنها أيضًا وسيلة لتفكيك المجتمعات وتدميرها، مؤكدا أن هذه الحروب الفكرية تستهدف العقول مباشرة وتؤدي إلى زعزعة الاستقرار، مستشهدًا بقول الله تعالى: {لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَعْقِلُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا}.
وأشار فضيلته إلى أن الاعتداء على العقل عبر الشائعات يمثل اعتداءً على مقاصد الدين، حيث يؤدي إلى التخريب والانحلال.
كما تحدث عن محاولات إلصاق الجهل والتخلف بالأمة الإسلامية، التي كانت يومًا ما رائدة للنهضة والتقدم، لكنها فقدت جزءًا من ذاتيتها وهويتها نتيجة هذه الحروب الفكرية الممنهجة.
حذر فضيلته من أن الشباب هم الفئة الأكثر استهدافًا بالشائعات، نظرًا لفطرتهم السليمة وعواطفهم الجياشة، مشيرا إلى أن بعض الشباب قد يندفع نتيجة هذه الشائعات إلى الاعتداء على أنفسهم أو على المجتمع، مؤكدًا أن الله حرم قتل النفس في جميع الشرائع السماوية، مستشهدًا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "لزوال الدنيا أهون على الله من قتل امرئ مسلم".
وربط فضيلة المفتي بين الشائعات وأحداث واقعية أدت إلى انهيار دول وتفكك جيوش، مثل العراق عام 2003 عندما انتشرت شائعة امتلاكه أسلحة نووية، والتي ثبت زيفها لاحقًا، كما أشار إلى ما حدث في ما يسمى بـ"الربيع العربي"، حيث لعبت الشائعات دورًا كبيرًا في زعزعة استقرار دول وتفكيك جيوشها.
ودعا فضيلته إلى التثبت من الأخبار قبل نشرها، مستشهدًا بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا}،موضحا أن سبب نزول هذه الآية كان نتيجة إشاعة كاذبة كادت أن تؤدي إلى حرب بين المسلمين.
كما أشار إلى أن بعض الشائعات في الوقت الحالي تؤدي إلى إيذاء الآخرين ونشر السمعة السيئة عنهم، مما يدفع البعض إلى الانتحار، وبيّن خطورة الفتنة التي وصفها الله بأنها أشد من القتل.
كما حذر فضيلته من خطورة انتشار الشائعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مؤكدًا أنها تؤدي إلى الفتن الاجتماعية والأخلاقية والأمنية والطائفية، واستشهد بقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.
وأوضح فضيلته أن الشائعات غالبًا ما تأتي نتيجة الظن والشك وعدم التثبت، مشيرًا إلى أن الأنبياء تعرضوا لها أيضًا، فقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم بالساحر والكاذب، وتعرض بيت النبي للأذى، كما أوذيت السيدة مريم العذراء نتيجة الإشاعات الباطلة.
ودعا المفتي الشباب إلى التحلي بالعقل النقدي والحس السليم، موضحًا أن من ينشرون الشائعات هم المنافقون والمفسدون في الأرض، مستشهدًا بقوله تعالى: {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ}.
وأكد أن من ينشر الأكاذيب لا يرعى حرمة لله، مستشهدًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "وإن الفجور يهدي إلى النار".
ومن جانبه، أشاد الدكتور حسان النعماني، رئيس جامعة سوهاج، بالدور التنويري الذي يقوم به فضيلة المفتي، موضحًا حرص الجامعة على التعاون مع علماء الأزهر الشريف لمواجهة القضايا الفكرية والمجتمعية، مؤكدا أن الشائعات ظاهرة قديمة قدم الإنسان، وقد تكون سياسية أو اقتصادية أو دينية.
وفي لفتة شكر وتقدير قدم الدكتور حسان النعماني درع الجامعة لفضيلة المفتي تقديرا لجهود فضيلته، ثم قام فضيلته بتكريم حفظة القرآن الكريم من أبناء الجامعة.
شهد اللقاء حضور الأستاذ الدكتور خالد عمران نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، والأستاذ الدكتور عبدالناصر ياسين نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب، بالإضافة إلى لفيف من أعضاء هيئة التدريس والطلاب بالجامعة.