الأربعاء 12 فبراير 2025

تحقيقات

محور نتساريم.. شاهد آخر على فشل إستراتيجية الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة

  • 10-2-2025 | 12:47

محور نتساريم

طباعة
  • محمود غانم

"تحت أي ظرف لن نغادر محور نتساريم".. كان ذلك حديث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وسط المحادثات غير المباشرة التي عُقدت مع حركة حماس في أغسطس الماضي، وعُرفت بـ"مفاوضات الفرصة الأخيرة" على أمل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة. 

كان مطلب "نتنياهو" بالبقاء في محور "نتساريم" الذي يفصل شمال قطاع غزة عن جنوبه أحد الأسباب المحورية، التي حالت دون الاتصال إلى اتفاق مع حركة حماس، رغم أن تلك المحادثات حفتها إيجابية غير مسبوقة، جراء رغبة الولايات المتحدة الأمريكية إنهاء حرب الإسرائيلية على قطاع غزة، قبل انتخابات الرئاسة، التي عقدت في الخامس من نوفمبر الماضي.

ومع ذلك، فشل بنيامين نتنياهو، في الحفاظ على مطلبه بخصوص محور "نتساريم"، حيث أتم جيش الاحتلال الإسرائيلي، أمس الأحد، انسحابه الكامل منه، تاركًا وراءه دمارًا واسعًا، وذلك بموجب بنود المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار المبرم مع حركة حماس، الذي بدأ سريانه في الـ19 من يناير الماضي.

الانسحاب من محور "نتساريم" لا يشكل فقط هزيمة إستراتيجية لإسرائيل، بل أيضًا ضياع لأحلام المستوطنين الذين يسعون للعودة إلى الاستيطان في شمال القطاع، وفق تحليلات عبرية.

 

ما أهمية محور "نتساريم"؟

بعد قرابة شهر من بدء حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، في السابع من أكتوبر 2023، فرض جيش الاحتلال سيطرته على محور "نتساريم"، بغرض عزل محافظتي غزة والشمال عن مناطق الوسط والجنوب، ما أجبر قرابة مليون فلسطيني على النزوح إلى جنوب وادي غزة.

وما إن استقر له الوضع هناك، إلا أخذ في تدمير المباني على جانبي المحور، في محاولة لإنشاء منطقة عازلة وسط القطاع، مدعمه بالعديد من أجهزة الرصد المتطورة، وأبراج للمراقبة، إضافة لتحليق طيران استطلاعي على مدار الساعة، وتمشيط مدفعي وناري في ساعات الصباح والمساء وما بينهما، ما جعله خط عسكري.

وكون هذا الحور من ثلاث مسارات عرضية، الأول لعبور الآليات المجنزرة، والثاني للمركبات والسيارات رباعية الدفع، أما الثالث فقد بنيت عليه مواقع لمبيت الجنود الإسرائيليين وتخزين الأسلحة، والتحقيق مع المعتقلين الفلسطينيين، بحسب إعلام عبري.

استهدف "الاحتلال" البقاء في محور "نتساريم" لتحقيق عدة أهداف، تتلخص في التالي:

1. أن يصبح بمثابة نقطة ارتكاز للجيش للتحرك سريعًا وتنفيذ عمليات ضد المقاومة الفلسطينية.

2. الحيلولة دون عودة مقاتلي المقاومة الفلسطينية من جنوب غزة إلى شمالها، حيث كان الاحتلال يستهدف جعل شمال القطاع القريب من مستوطناته الجنوبية منطقة عازلة وخالية من أي تهديد.

3. المحور كان سيسهل مخطط بناء مستوطنات شمالي القطاع، ففي خضم العدوان دعت العديد من الأصوات العبرية بشكل علني إلى استيطان هناك، تحت ذريعة أن ذلك هو السبيل الوحيد لضمان تأمين بلدات الجنوب الإسرائيلي.

4. استغلال المحور كوسيلة للضغط على حركة حماس خلال المفاوضات المتعلقة بوقف إطلاق النار. 

 

 

ورقة مساومة 

وسط محادثات اتفاق وقف إطلاق النار غير المباشرة، التي عقدت بين إسرائيل وحركة حماس، على مدى أكثر من عام، نضج المطلب الفلسطيني لإسرائيل بالانسحاب من محور "نتساريم".

وفي المقابل، ردت إسرائيل، ممثلة برئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، بأنها تحت أي ظرف لن تخرج من محور نتساريم بحجة أنه أصل استراتيجي للبلاد. 

وبين تمسك حماس بالانسحاب من المحور وتعنت إسرائيل تجاه هذا المطلب، خرجت بنود المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، الذي بدأ سريانه بينهم في الـ19 من يناير الماضي بانسحاب الجيش الإسرائيلي بشكل كامل من "نتساريم".

وهو ما تم جزئيًا في الـ27 من يناير الماضي، حيث انسحب الجيش الإسرائيلي من المحور الممتد بين شارع الرشيد غربًا حتى شارع صلاح الدين شرقًا، ما سمح بعودة تدريجية لأكثر من نصف مليون نازح فلسطيني إلى شمال القطاع. 

وبالكلي، أمس الأحد، حيث انسحب بشكل كامل من هناك، مما فتح المجال أمام الفلسطينيين للتحرك في كلا الاتجاهين من شمال وجنوب قطاع غزة. 

 

هزيمة إستراتيجية 

ومن جانبها، اعتبرت حركة حماس انسحاب الجيش الإسرائيلي من محور نتساريم وسط قطاع غزة دليلًا على زيف ادعاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتحقيق انتصار كامل على الشعب الفلسطيني. وأكدت حماس أن ما عجز الاحتلال عن تحقيقه على مدار 15 شهرًا من التجويع والإبادة والتدمير المنهجي، لن يتمكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من تحقيقه عبر العقود والصفقات التجارية. 

وعلى الجانب العبري، اعتبر محلل الشؤون العسكرية الإسرائيلي، لنوعام أمير، الانسحاب الإسرائيلي من محور "نتساريم" يعني إعادة سيطرة حماس عليه، ما يشكل خسارة لما أسماه بـ"إنجاز الحرب في تطهير شمال قطاع غزة، والسماح لحماس بالحركة بحرية مرة أخرى بأي طريقة تختارها".

الاكثر قراءة