بات اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة على المحك، جراء الخروقات المتكررة من الجانب الإسرائيلي، التي أسفرت عن إيقاع شهداء وجرحى في الجانب الفلسطيني، وهو ما دفع حركة حماس إلى إرجاء تسليم الأسرى الإسرائيليين المقرر الإفراج عنهم في الدفعة المقبلة حتى إشعار آخر.
الاتفاق على المحك
أعلنت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، مساء اليوم الاثنين، عن تأجيل عملية تسليم الأسرى الإسرائيليين التي كانت مقررة يوم السبت المقبل، إلى إشعار آخر، حيث جاء هذا القرار حتى تلتزم إسرائيل بوقف انتهاكاتها وبجميع بنود اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وجاء في بيان صادر عن القسام، أن قيادة المقاومة راقبت خلال الأسابيع الثلاثة الماضية انتهاكات العدو الإسرائيلي وعدم التزامه ببنود الاتفاق، سواءً فيما يتصل بتأخير عودة النازحين إلى شمال قطاع غزة أو استهدافهم بالقصف وإطلاق النار في مختلف مناطق القطاع، فضلًا عن عدم إدخال المواد الإغاثية بكافة أشكالها بحسب ما تم الاتفاق عليه، في حين نفذت المقاومة كل ما عليها من التزامات.
وفي ختام بيانها، أكد الجناح العسكري لحركة حماس، التزامه ببنود الاتفاق ما التزم بها الاحتلال.
وبوتيرة يومية، ينتهك جيش الاحتلال الإسرائيلي اتفاق وقف إطلاق النار منذ سريانه في الـ19 من يناير الماضي، وذلك عبر إطلاق النار تجاه فلسطينيين في مناطق مختلفة من القطاع، ما يسقط قتلى وجرحى.
وفيما يتصل بالجانب الإنساني، أكد مكتب الإعلام الحكومي بغزة، الجمعة الماضية، أنه رغم مرور 20 يومًا على الاتفاق فإن الأوضاع الإنسانية الكارثية بالقطاع ما زالت تتدهور بشكل خطير بسبب المماطلة الإسرائيلية في تنفيذ الاتفاق.
ومن جانبها، كشفت حركة حماس عن الخروقات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار، موضحة أنه تم تأخير عودة النازحين إلى شمال القطاع، فضلًا عن استهدف الأهالي بالقصف وإطلاق النار عليهم، وقتل العديد منهم في مختلف مناطق القطاع.
وإلى جانب ذلك، قالت حماس، إنه تم إعاقة دخول متطلبات الإيواء من خيام وبيوت جاهزة، والوقود، وآليات رفع الأنقاض لانتشال الجثث، كما تم تأخير دخول ما تحتاجه المستشفيات من أدوية ومتطلبات لترميم المستشفيات والقطاع الصحي.
وأشارت إلى أنها أحصت تجاوزات الاحتلال، وزودت الوسطاء بها أولًا بأول، لكن الاحتلال واصل تجاوزاته، داعية إلى الالتزام الدقيق بالاتفاق، وعدم إخضاعه للانتقائية من خلال تقديم الأقل أهمية وتأخير وإعاقة الأكثر إلحاحا وأهمية.
وأوضحت أن تأجيل إطلاق الأسرى بمثابة رسالة تحذيرية للاحتلال، وللضغط باتجاه الالتزام الدقيق ببنود اتفاق وقف إطلاق النار.
وفي هذا الإطار، قالت حماس، إنها تعمدت أن يكون الإعلان عن تأجيل تسليم الأسرى قبل خمسة أيام كاملة من موعد تسليم من أجل منح الوسطاء الفرصة الكافية، للضغط على الاحتلال لتنفيذ ما عليه من التزامات، ولإبقاء الباب مفتوحًا لتنفيذ التبادل في موعده إذا التزم الاحتلال بما عليه.
وفي المقابل، اعتبر جيش الاحتلال الإسرائيلي، أن إعلان حركة حماس التوقف عن إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين خرقًا كاملًا لاتفاق وقف إطلاق النار، متجاهلًا بذلك خروقاته المتكررة.
وأوعز وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، للجيش بالاستعداد بأقصى درجات التأهب لأي سيناريو محتمل في غزة والدفاع عن المستوطنات المحاذية لها.
اتصالًا بذلك، أفادت وسائل إعلام عبرية، بأن القيادة الجنوبية للجيش ألغت إجازات الجنود استعدادًا لاستئناف القتال حال انهيار الاتفاق بين المقاومة وإسرائيل.
ومعقبًا على بيان القسام، زعم مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن تل أبيب تصر على الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار "كما هو مكتوب وتنظر إلى أي انتهاك بجدية".
وبدورها، دعت هيئة عائلات الأسرى الإسرائيليين في غزة، الحكومة إلى الامتناع عن أي إجراءات من شأنها أن يمس بتنفيذ الاتفاق، مؤكدة على ضرورة مواصلة الالتزام به وإعادة 76 من الأسرى لدى حماس.
وطالبت الوسطاء بالتدخل السريع للتوصل إلى حل فوري وفعال يعيد تطبيق الصفقة إلى نصابه، وذلك وفق ما جاء في بيان صادر عنها.
وأفاد إعلام عبري في هذه الأثناء بأن ذوي الأسرى أغلقوا أحد الشوارع في تل أبيب للمطالبة باستكمال مراحل صفقة التبادل، في إطار اتفاق وقف إطلاق النار.
وفي السياق، قدّر مسؤول إسرائيلي، أن موقف حركة حماس بتأجيل الإفراج عن الأسرى قد يكون ردًا على خطة ترامب للاستيلاء على غزة.
وقال المسؤول لموقع "أكسيوس" الأمريكي، إن موقف حماس إشارة إلى أنها تشك في أن رئيس الوزراء لن يعقد مفاوضات جادة بشأن المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار.
ومع وصول الأمور إلى هذا الأفق الضيق، ينتظر أن يضطلع الوسطاء (مصر وقطر والولايات المتحدة) بجهودهم لإنقاذ الاتفاق الذي ولد متعثرًا من الضياع.
وفي الـ19 من يناير 2025، دخل اتفاق وقف إطلاق النار بين حركة حماس وإسرائيل حيز التنفيذ، موقفًا حرب الإبادة الإسرائيلية التي أوقعت أكثر من 159 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم.