حوار : أميرة إسماعيل
أطلق عليها أهالى محافظة البحيرة «المرأة الحديدية» و«الست الدوغري»، وغيرهما من الألقاب نظرا لقربها الشديد منهم وسعيها الدائم إلى متابعة شكاواهم والعمل على حلها.
المهندسة نادية عبده التي تخرجت فى كلية الهندسة جامعة الإسكندرية قسم الكيمياء عام 1968، وحصلت على ماجستير فى الهندسة الصحية وشغلت منصب رئيس شركة مياه الشرب بالإسكندرية لمدة 10 أعوام، ومنصب نائب محافظ البحيرة والعضوة بمجلس إدارة الجمعية العامة لمعهد البحر الأبيض المتوسط IME بفرنسا منذ عام 1987، وعضوة الجمعية العامة للمجلس العالمى للمياه acwua وعضوة جمعية رجال أعمال الإسكندرية، والتى تم إختيارها محافظا للبحيرة كأول سيدة فى مصر تتولى هذا المنصب، تفتح قلبها وتتحدث عن أحلامها وطموحاتها والمشروعات التى تنوى إنجازها لخدمة أهالى محافظتها.
كيف تلقيتِ نبأ تعيينك محافظا للبحيرة وماذا كان رد فعلك؟
تلقيت اتصالًا هاتفيًا من المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء أبلغنى فيه بتعيينى محافظا للبحيرة، واختيارى أول محافظ فى تاريخ مصر ليس الأول من نوعه بالنسبة لى، فقد كنت أول سيدة تتولى رئاسة شركة مياه، كما كنت أول سيدة تتولى منصب نائب المحافظ.. وأتوجه بالشكر إلى القيادة السياسية على اختيارى لهذا المنصب. وأنا أشعر بالفخر كأول سيدة يتم تعيينها كمحافظ وفى نفس الوقت أشعر بمدى المسئولية الملقاة على عاتقى فنجاحى هو نجاح لكل سيدة مصرية.
كيف استقبل أبناء محافظة البحيرة هذا الخبر؟
لست جديدة على أهالى البحيرة خاصة وأننى كنت أتبادل الأدوار مع المحافظ السابق، حينما كانت نائبة له، وقد شرفت بالعمل معهم خلال السنوات الثلاث الماضية والناس في المحافظة بدأت في تقبل التعامل معي بعدما تواصلت معهم وكنت أرد على شكواهم وتساؤلاتهم بشكل سريع، ما شكل ليّ شعبية كبيرة، وتلقيت العديد من المكالمات الهاتفية لتهنئتي وتشجيعي. وبعد تولى منصب المحافظ أقول لهم: مكتبى مفتوح أمامكم جميعا وأدعو الله أن يعيننى على تحقيق مطالبكم وأنا خادمة لكم جميعا الصغير قبل الكبير منكم.
تلقى المحافظون الجدد توجيهات من القيادة السياسية ما أبرز هذه التوجيهات؟
كان أبرزها ضرورة التصدى لقضايا الفساد وإهدار المال العام والضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه مخالفة القانون أو التلاعب بحقوق المواطنين، وعلى مستوى محافظة البحيرة لن أتوانى فى التصدى الحازم والفورى لجميع قضايا الفساد، وإهدار المال العام، ولن أتهاون مع المقصرين. وسوف يتم الأخذ بالشدة الرادعة على كل مخالف حتى يستقيم العمل ويعلو شأن الصالح العام، فمادامت هناك إثابة ينادى بها الجميع فلا بد من العقاب حال الإهمال أو التراخى فى أداء العمل.
أيضا هناك توجيهات صريحة من الرئيس بسرعة إنجاز المشروعات التنموية بحيث لا تتعدى عاما على الأكثر، وسوف نضخ استثمارات جديدة بالمحافظة وإقامة العديد من المشروعات العملاقة على أرضها ومنها إنشاء منطقة لوجستية بمنطقة إدكو الساحلية، بتكلفة 2 مليار دولار، وكذلك إنشاء مصنع لإنتاج الورق برشيد باستثمارات صينية وشراكة مع مؤسسة الأهرام الصحفية بتكلفة مليار و250 مليون جنيه.
كذلك تقديم كافة التسهيلات للمستثمرين الجادين، وسوف تشهد المحافظة خلال الفترة المقبلة طفرة تنموية فى كافة المجالات، وسيتم إقامة العديد من المشروعات العملاقة على أرضها، والتى ستغير خريطة الإستثمار فى البحيرة.
خصوصا وأن للدولة خطة متكاملة لإحداث طفرة كبيرة وتنمية حقيقية على أرض محافظة البحيرة، وجارى حاليا تنفيذ الخطة الاستثمارية للحكومة باستثمارات تعدت 11 مليار جنيه، خاصة بعمليات البنية التحتية فى القطاعات المختلفة، وكذلك إنشاء محطات مياه وصرف صحى وصرف زراعى. كما يجرى أيضا إنشاء مشروعات عملاقة أخرى لكبار المستثمرين والشركات على أرض المحافظة بتكلفة تتعدى الـ14 مليار دولار. وذلك فى إطار خطة متكاملة لتشجيع الاستثمارات وإزالة كافة المعوقات أمام المستثمرين خاصة وأن محافظة البحيرة من المحافظات الواعدة الجاذبة للاستثمار، والتى تزخر بمقومات عديدة للاستثمارات الصناعية والزراعية والسياحية. من بينها إنشاء 4 مناطق صناعية بمراكز بوادى النطرون وحوش عيسى وإدكو ورشيد كاملة المرافق، بالإضافة إلى المنطقة الصناعية لصناعة النسيج بكفر الدوار لاستغلال المميزات النسبية لكل مركز ولتوفير أكبر عدد من فرص العمل للشباب.
ما أبرز المشكلات على أجندة عملك خلال الفترة المقبلة؟
سأهتم بكل شىء على أرض المحافظة وسأبدأ بمواجهة ارتفاع الأسعار الذى يمثل عبئًا ثقيلًا على كاهل المواطنين وذلك بتشكيل لجان لضبط الأسعار فى كل ربوع المحافظة، تتكون من رؤساء المدن والقرى بالتنسيق مع وزارة التموين لتفعيل الأسعار الاسترشادية وأؤكد أن البحيرة ستكون رائدة فى هذه المشكلة.
وماذا عن ملفات الصحة والتعليم ومياه الشرب؟
هذه الملفات من أخطر الملفات التى تشغلنى، خاصة وأننى لاحظت وجود تقصير حقيقى، ولن أسمح باستمرار هذا الوضع فى حق المواطن البحراوى، وقد طالبت مسئولى قطاع الصحة بالمحافظة، بضرورة بذل الجهد لتقليل القصور فى هذا الملف.
تحدثت عن خطط مستقبلة للنهوض بالمحافظة فكيف ستواجهين المشكلات العاجلة الخاصة بمياه الشرب والصرف الصحى؟
لدينا إجراءات عاجلة وخطط زمنية محددة لحل أزمة الصرف الصحى والمياه فى قرى المحافظة، والقضاء نهائيًا على أزمة نقص مياه الشرب من خلال إيجاد حلول غير تقليدية لاحتوائها، عن طريق إنشاء محطات جاهزة لتلبية احتياجات المواطنين من المياه وإنهاء مشكلة ضعف وانقطاع المياه بها، وأعد بالقضاء نهائياً على مشكلة ضعف وانقطاع المياه بالمحافظة خلال الفترة القليلة المقبلة على أن تكون القرى الأكثر فقرًا على رأس أولوياتى.
هناك مشروعات عملاقة يتم تنفيذها حاليا، ما أهم هذه المشروعات؟
يجرى حاليا استكمال المشروعات العملاقة وكذلك المدن الصناعية فى المحافظة وتحديدا فى حوش عيسى حيث يوجد 30 مستثمرا فعليا، ومصانع للمستلزمات الطبية والكيماويات المستخدمة فى مصانع الأدوية وكذلك الشركة الصينية لإنتاج الأعلاف لسد نسبة العجز فيها والتى تبلغ 30% وذلك للقضاء على ارتفاع أسعار اللحوم والدواجن والأسماك.
وفى المنطقة الصناعية بوادى النطرون توجد مشروعات على مساحة 350 فدانا ضمن المرحلتين الأولى والثانية، حيث يجرى العمل فى مصنع البتروكيماويات باستثمارات مليار و200 ألف جنيه، وإن شاء الله سيفتتحه الرئيس عبدالفتاح السيسى قريبًا، وفى المنطقتين الثالثة والرابعة تم الانتهاء من 60% من التجهيزات، وأدعو المستثمرين إلى إنشاء مصانعهم فى تلك المنطقة حيث تتوافر البنية الأساسية والمرافق من الطرق والمياه والغاز وغيرها، وهناك أيضا المدينة الصناعية فى رشيد التى تبلغ مساحتها حوالى 700 فدان، وتضم البنية التحتية المطلوبة.
أساس نجاحك وعلاقتك المتميزة مع المواطنين كان من خلال جولاتك الميدانية وتعرفك عن قرب بمشكلات الناس، فهل ستواصلين هذه الجولات؟
بطبعى أعشق العمل الميدانى ومتابعة العمل عن قرب، والتعرف على جميع المعوقات التى تقابل تنفيذ المشروعات وكذلك التعرف على مشاكل المواطنين ومطالبهم والعمل على تحقيقها. وأنا أمتهن العمل الميدانى طيلة عمرى وعندما كنت نائبا لمحافظ البحيرة لمدة 3 سنوات، وأعتقد أن الدولة والقيادة السياسية تختار من يستطيع أن يثابر فى العمل ويتحمل ضغوطه خاصة فى هذا الوقت الصعب الذى تمر به مصر الآن. وقد بدأت بالفعل جولاتى الميدانية بمستشفى دمنهور العام وصيدلية غير القادرين وكوبرى دمنهور واطلعت على المشكلات واستمعت إلي شكاوى المواطنين وسأبدأ فورا فى وضع حلول عاجلة لها. فنحن جميعا فى خدمة المواطن البحراوى، وبابى مفتوح للجميع، وسوف يتم تحديد يوم من كل أسبوع للقاء المواطنين والعمل على حل مشاكلهم بشكل فورى، وكذلك التنبيه على كافة مديرى المديريات الخدمية ورؤساء المراكز والمدن بلقاء المواطنين فى مراكزهم والعمل على سرعة حل مشاكلهم ومعاملة الناس المعاملة الحسنة، فلا وقت للبيروقراطية وستكون تأشيرتى واضحة وصريحة لصالح المواطن البحراوى للتنفيذ فى الحال، ووفقًا للقانون، تسهيلًا على المواطنين دون مضيعة للوقت وتوفيرًا للجهد.
تعيينك كأول سيدة فى منصب المحافظ يعكس ثقة القيادة السياسية فى قدرات المرأة ويزيد من مسئوليتك تجاه تولى المرأة العديد من المناصب القيادية التنفيذية فكيف تقيمين ذلك؟
يقع على عاتقى مسئولية كبيرة لإثبات قدرة المرأة على تحمل المسئولية، وتولى المناصب القيادية، فأنا عاشقة للعمل والنجاح ولو شعرت أنى قصرت فى العمل أمشى فورًا. وأنا بطبيعتى أعشق النشاط وأؤدي عملى على أكمل وجه، ولا مكان عندى لمقصر أوكسول كما أننى لا أستمع للنميمة، وأتحقق دائما من كل ما يصل إلى مسامعى حتى لا أظلم أحدا وأميل إلى التسامح في ما يخصنى ولكنى شرسة تجاه إهدار فى ممتلكات المحافظة ولا أتنازل أبدًا عن أى حقوق الدولة.
توليت منصب نائب المحافظ لأكثر من ثلاث سنوات كيف تعاملت خلالها مع المرأة البحراوية فكيف ترين دورها؟
المرأة البحراوية حققت نجاحا منقطع النظير على أرض الواقع وقد كانت لي تجارب مع 3 سيدات وكلهن حققن نجاحا باهرا فى مجال عملهن، وهن المهندسة انتصار الجزار التى تقلدت منصب وكيل وزارة الإسكان، والمهندسة منال عبد المنعم، والتى تشغل منصب مدير عام التخطيط العمرانى بالمحافظة، والمهندسة سلوى زكى والتى كانت تتقلد منصب مدير عام أملاك الدولة وتشغل حالياً رئيس مركز ومدينة الدلنجات، وجميعهن أثبتن أن المرأة البحراوية لا تقل كفاءة عن الرجل بل تفوقت عليه، وهذه النماذج سأشجعها بدعم الكثير من المهندسات والموظفات لتقلد مناصب أعلى فى مجال عملهن شريطة التمتع بالكفاءة والتميز والاختصاص فى مجال عملهن.
هل ذلك يعنى أن المرأة ستحصل على نصيب أكبر فى تولى المناصب القيادية فى البحيرة خلال الفترة المقبلة؟
هذا صحيح وأول خطوة اتخذتها لدعم المرأة فى البحيرة هو تغيير أجريته فى الهيكل الإدارى للمحافظة بتعيين 4 مهندسات، أسندت لهن أصعب الأعمال فى التخطيط العمرانى، والأملاك، والقرى الأكثر احتياجًا، وأؤكد أنهن قادرات على إحداث فارق سريع فى العمل علي أرض الواقع. فالمصريون عامة رائعون لكن ينقصهم الاحتضان والمعاملة بالحب، وسيدات البحيرة متميزات، وهناك برنامج دورى لرعاية ودعم المرأة المعيلة بالمحافظة. ودعمى المرأة ليس وليد اليوم فالسنوات الثلاث الماضية التى توليت فيها منصب نائب المحافظ شهدت تصعيدا للمرأة حيث تولت 45 سيدة منصب رئيس قرية وتولى ثلاث سيدات منصب رئيس مدينة، حيث تولت سيدتان من المحافظة رئيس مدينة فى كفر الشيخ والثالثة تم تعيينها رئيسا لمدينة الدلنجات. وسوف أستمر فى دعم النساء دون تعصب، ولكنى سأختار المرأة التى تملك الخبرة والقدرة على العمل والابتكار ومواجهة الصعاب. وسأعمل جاهدة على رفع وعى النساء بكيفية تنظيم النسل وتكثيف جهود المراكز الصحية لإبراز خطورة التزايد السكانى.
ظهرت بعض الأصوات المعترضة على تعيين سيدة في منصب المحافظ فبماذا تعلقين على ذلك ؟
ثقتى فى نفسى كبيرة وسوف أؤدى عملى على أكمل وجه وأقول لكل المعترضين أحترم وجهة نظركم وأتقبل معارضتكم لكنى أطالبكم فقط بتقييم أعمالى والحكم على ما أقدمه بغض النظر عن كونى سيدة.
أخيرا كيف تقبلت أسرتك خبر تعيينك محافظا للبحيرة؟
أسرتى مكونة من زوجى واثنين من الأبناء أشرف وأيمن وهما خريجى كلية الهندسة وقد شعروا جميعا بالسعادة على الرغم من معاناتهم من هذا القرار نتيجة ابتعادى عنهم فترات طويلة، لكن طالما الأمر يسعدنى ويشرفني فهو بالتأكيد يسعدهم ويشرفهم.